لا يمكن غضّ النظر عن كثرة انتشار الأفلام الجنسية بين الناس، وهوس الكثيرين بها. أمّا مشاهدة هذه الأفلام مع الشريك، فما زالت ممارسة غير منتشرة في مجتمعاتنا، وتُعتَبر إحدى أبرز المحرَّمات في علاقات الكثيرين من الأزواج. وإن وُجدت، لا يتمّ الاعتراف بها علناً معظم الأحيان. لكن هل يُستحسن أن يشارك الرجل هذه العادة مع شريكته على قاعدة أنهما يتشاركان حياتهما سويّاً؟ أكّد استطلاعٌ للرأي أجرته شركة Ifop عام 2014 أنّ ثنائيّاً فرنسيّاً من أصل اثنين قد شاهد أفلاماً جنسية سوياً، وأنّ 7 فرنسيين من أصل 10 يوافقون على هذه الفكرة.
يشاهدن الجنس ولا يعترفن
وفي حين يُخيَّل للمجتمع أنّ مشاهدة الأفلام الإباحية تبقى حكراَ على الرجال، يبدو أنها باتت رائجة فعلياً في صفوف النساء أيضاً.
ويؤكّد الاختصاصي في علم النفس العيادي والتوجيه العائلي والجنسي الدكتور نبيل خوري لـ"الجمهورية" أنّ "نسبة الرجال الذين يشاهدون هذه الأفلام أعلى من نسبة النساء، لافتاً إلى أنّ نسبة النساء باتت عالية جداً بدورها وتحديداً بين المراهقات. ولكن لا تقرّ المرأة بهذه الممارسة، لأنّ ذلك ينعكس سلباً على سمعتها وعلى استحسان المجتمع لها، فتنفي ممارستها للعادة السرّية بينما يتبجحّ الشاب بذلك".
ويدعو د. خوري الرجل، في حال اكتشافه أنّ زوجته تتابع هذه الأفلام بصورة منتظمة، "إلى البحث عن الأسباب والتي ربما تكمن في شكله أو عدم ترتيبه لنفسه أو رائحته أو حتى في أسلوب ممارسته الجنس"، لافتاً إلى أنّ "أنانية الزوج واكتفاءه السريع أثناءَ العلاقة الحميمة من دون انتظار وصول شريكته إلى درجة النشوة من مسبّبات المشكلات التي يجب التفاهم عليها بين الطرفين".
وألمح إلى أنّ "المجتمع في العلن يقف ضدّ مشاهدة الأفلام الجنسية، إلّا أنه يتابعها بنهم في الخفاء"، مؤكّداً أنّ "التواصل الإجتماعي في هذا الموضوع يُبنى على مبدأ التكاذب المتبادل، وأنّ كثيرين يشاهدونها في الخفاء ويصطفون ضدّها في العلن". ولكن إذا كان كلّ طرف في العلاقة الزوجية يسترق النظر الى هذه الأفلام لوحده، فلماذا لا يتشاركان هذه الممارسة؟
أفلام مع الشريك
يروي وسيم (35 عاماً) لـ"الجمهورية"، وهو أب لطفلة لا يتعدى عمرها الثلاث سنوات، أنّ "زوجته لا تعرف عن شغفه في مشاهدة الأفلام الإباحية، إذ يخشى أن يُشعرها ذلك بالقرف أو بالاشمئزاز وأن يثير حفيظتها"، وقد ربط ذلك أيضاً بغيرة الزوجة، وحتى باحترامها وتقديرها لنفسها، معتقداً أنّ "المرأة بطبيعتها لا تحبّ أن تعرف أنّ زوجها يشاهد سواها في الفراش، ولا تتقبّل أن يدعوها للتمثّل بأخرى أُعجب بأدائها".
ويدعم استطلاع IFOP توجّه وسيم الداعي الى عدم مشاركة الزوج لزوجته مشاهدة الأفلام الجنسية، إذ أكّدت النتائج أنّ ربع النساء المستطلَعات اعترفن بمشاهدة هذه الأفلام مع الشريك فقط لإرضائه.
ولكن بالطبع ليست النساء كلهنّ غافلات عن ولع أزواجهنّ بمشاهدة هذه الأفلام كزوجة وسيم، أو غير راغبات بمشاركة الزوج هذه الممارسة. فقد اكتشفت رندا منذ الشهر الأول لعلاقتها بسامر إدمانه على مشاهدة هذه الأفلام، وتروي: "منذ بداية علاقاتنا كانت الغيرة تدفعني دائماً إلى البحث المستمرّ في هاتفه الجوّال، فلم أكن أجد ما يلفت انتباهي سوى الأفلام الجنسية".
وتقول ضاحكة: "أحببته وأحببت مشاركته كلّ تفاصيل حياته، فباتت مشاهدة هذه الأفلام سويّاً ممارسة عادية في علاقتنا الزوجية، وقد مكّنتني من اختراق عالمه أكثر فأكثر ومشاركته أكثر لحظاته الحميمة كوني زوجته".
زوجته تقارنه بالممثّل!
من جهته، لا ينصح الإختصاصي في علم النفس الدكتور نبيل خوري الأزواج بمشاهدة الأفلام الإباحية سويّاً. ويقول إنّ "هذه الممارسة يعتبرها بعض خبراء علم النفس ظاهرة غير صحّية، أوّلاً لأنّ الرجل يعتمد مبدأ المقاربة بين أداء ممثلة الأفلام الجنسية وما ينتظره من زوجته.
ثانياً لأنّ الزوجة تقارن بدورها بين الممثل، وغالباً ما يكون صاحب عضلات كبيرة وبين ما يتمتع به زوجها وما يقدّمه لها، وذلك خصوصاً على مستوى الأحجام". ويحذّر من "اعتماد الأزواج رغبة التماثل التي تشوبها صعوبات ويقابلها ضعف في الإمكانيات".
المشاهدة للإثارة
يأسف خوري لنصائح بعض الأطبّاء والمعالجين النفسيين لبعض الأزواج بمشاهدة الأفلام الإباحية من باب التحفيز وإثارة المشاعر". ويرى أنه "قد يكون لهذا الأمر مفاعيل على مستوى بدء العمل الجنسي، إذا كان هناك ضعف في الأداء أو في الرغبة الجنسية، أو برودة بين الشريكين"، لكنّه يؤكّد أنّ "هذا الأمر غير مستحبّ على المدى البعيد".
ويدعو خوري كلّ الأشخاص "الذين يرغبون بمشاهدة الأفلام البورنوغرافية أنْ لا تتعدّى محاولاتهم عتبة تحفيز أنفسهم لإطلاق شرارة العلاقة مع الشريك، حرصاً على عدم تهديد علاقتهم بالاكتفاء الذاتي وممارسة العادة السرّية".
وفي حين ينقل "شكوى كثيرات من النساء من مشاهدة أزواجهنّ لهذه الأفلام، يوضح د. خوري أنّ "الرجل يشاهدها هروباً من الروتينن والرتابة في الحياة الزوجية"، ويدعو الزوجة المشتكية "إلى التقرّب من زوجها أثناء مشاهدته هذه الأفلام، والسعي إلى تحويل نفسها أداة لامتاعه، ولو حتّى بالمداعبات والكلام المعسول، دافعةً إياه الى عدم الاكتفاء بالأفلام".
وفي حال لم تنجح بجذبه إليها، وبقي مكتفياً بممارسة العادة السرّية ومشاهدة "البورنو" دون الاهتمام بها، أو ادّعائه التعب للتهرّب من إقامة علاقة معها، ينصحها خوري بـ"ضرورة استشارة اختصاصي بهدف الحصول على علاج لعلاقة زوجها بها قبل فوات الأوان".
ويشدّد على أنّ "العلاج لا يكمن في مشاهدة الأفلام الإباحية مع الزوج في هذه الحالة، بل ببذل المرأة مجهوداً جدّياً لتحلّ العلاقة الجسدية الطبيعية بينها وبين وزوجها مكان العلاقة الوهمية التي تدور في عقل مَن ينغمس في المشاهد الإباحية المفبرَكة، وفي حال تعذّر ذلك لا بدّ من الاستعانة بالعلاج".