إنّ التعدي على الأملاك البحرية مطروح منذ حكومة الرئيس رشيد الصبح عام 1992 ، إضافة إلى وجود مشروع قانون لمعالجة مشكلة التعديات في المجلس النيابي منذ العام 2006 ، غير أنّ التغطية السياسية ، والمستثمرين من الطبقة الحاكمة نيابياً و زارياً كانت تعرقل السير في هذا القانون ...
كما قد كشف تقرير رسمي رفعته وزارة الأشغال العامة في العام 2013 إلى رئاسة الحكومة نورط رؤساء ووزراء ونواب حاليون وسابقون وأحزاب وقيادات حزبية وزعامات محلية وأتباع ومحاسيب يحملون صفة "مستثمرين" أو "متمولين"، في عمليات منظّمة ومحمية للسطو على الأملاك العامة البحرية .
وقد بلغ مجموع المخالفات على الأملاك العامة البحرية في الشمال والجنوب وبيروت وجبل لبنان، بحسب التقرير ، 1068 مخالفة ، ونوعية هذه المخالفات ردم للبحر، وقد اعتبر وزير الأشغال العامة غازي العريضي في حينها أنّ " الشاطئ أصبح ملكاً لمجموعة من الناس، ولا يستطيع المواطن العادي الاستفادة منه ومن مياهه "
وفي العام 2015 وحسبما ورد في تقرير نشر شهر آذار قد وصلت هذه المخالفات إلى 1269 تعدّياً على الأملاك البحرية والنهرية في ظل غياب الدور الرقابي الذي يمنع حيتان الإستثمار من التوسع في هذه الانتهاكات ، وقد اعتبر التقرير أنّ التحقيق في ملفّ الأملاك البحرية يعرقله صعوبات عديدة أهمّها وأبرزها تداخل السياسة فيه، وذلك بسبب إمتلاك سياسيين ومحسوبين عليهم حصصاً وأسهماً فيها ، فضلاً عن الرشاوى التي تدفع لعدد منهم .
إلاّ أنّه اللافت اليوم هو ما تصدر عناوين الوكالات الإخبارية عن أنّ النائب العام المالي القاضي علي ابراهيم اوقف 15 شخصاً في ملف التعدي على الأملاك البحرية على الأراضي اللبنانية كافة ، مع ايجابية هذه الخطوة وأهميتها غير أنّنا عند مراجعة الأسماء وجدنا غياباً تاماً لحيتان السياسة التي يؤكد حضورهم خلف هذا الملف النظام اللبناني الفاسد ، و واقع التعديات ، إضافة إلى التقارير التي صدرت وأوردنا بعضها ...
لنتساءل هنا : هل في ظل موجات الحراك المنددة بفساد السلطة ، إرتأى فاسدو السياسية من المتعديين على الأملاك البحرية تحميل مواطنين "ضعاف" مسؤولية هذه الإنتهاكات حتى يثور المواطنون على بعضهم ؟
وإن كنا مع هذا القرار جملة وتفصيلاً ، إلا أننا نريد توقيف كل معتدي ، لا تسييس الملف وحصره بالذين لا سلطة لهم !
فإلى أيّ حد ستظل هذه السلطة "النصابة" تفلح على ظهر صغار المستثمرين وتحملهم مسؤولية ما هم يتلطون وراءه من ملفات السرقة في لبنان ، وهذا لا يبرئ الصغار غير أنّ المحاسبة الحقيقية تبدأ بقائد المغارة ثم بالعاملين بها !