المعلومات الواردة عن الذين واكبوا عن قرب جولة اللقاءات التي قام بها رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام على هامش الدورة العادية ال 70 للجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك ، تشير إلى أن لبنان بكلّ أزماته ومشاكله يكاد أن يكون في آخر سلم الإهتمامات الدولية ، وعلى أن يبقى لبنان على رصيف الانتظار الدولي والإقليمي بالحد الممكن من التماسك والصمود الذين يحولان دون تداعيه وسقوطه في دائرة احتمالات حدوث المزيد من الخلافات والإنشقاقات والمزيد من الأحداث الباعثة على القلق .
فيما الإهتمام الدولي اليوم ينصب على ألاّ يشكل هذا البلد الصغير لبنان نقطة انطلاق لهجرة آلاف اللاجئين السوريين الهاربين من جحيم النيران المشتعلة على كافة الأراضي السورية باتجاه الدول الغربية وخصوصاً بإتجاه أوروبا.
والهاجس الدولي من تدفق السوريين المقيمين على الأراضي اللبنانية نحو الغرب لم يعد مجرد تكهن ، فالزيارة التي قام بها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إلى بيروت الأسبوع الماضي وامتدت إلى مخيمات النازحين السوريين في البقاع وما تحمله من دلالات رمزية تشير بوضوح إلى الهدف الرئيسي لهذه الزيارة المفاجئة ، وهو ارتفاع منسوب القلق الغربي من حملات التدفق السوري نحو الغرب والتي قيل أنّ تركيا شجعتها وفتحت أبوابها واغرقت الدول الأوروبية بها وأيقظت مخاوفها وهواجسها .
أما على الجانب اللبناني فإنّ الأحداث المتسارعة خلال الأسابيع الماضية ، إن على مستوى الحراك الشعبي أو على مستوى تعطيل العمل في مؤسسات الحكم وآخرها مجلس الوزراء مضافاً إلى الفراغ الرئاسي فكلها مؤشرات تفضي إلى خلاصة واحدة وهي تلاشي قدرة البلد على التكيف مع مرحلة الإنتظار الطويل والذى يبدو أنّه أطول ممّا كان يتوقعه البعض .
من هنا جاءت طاولة الحوار برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري لتؤكد على الحاجة القصوى والماسة لهذه الطاولة كتوطئة لإنتاج تفاهمات داخلية ولو بالحد الأدنى من شأنها أن تساهم في صمود الوضع خلال فترة الإنتظار القسرية .
وعليه فإنّ الأطراف اللبنانية كافة شرعت أخيراً في البحث عن مقاربات جديدة للأوضاع والأزمات الداخلية على ضوء التطورات والتحولات الإقليمية التي برزت تباعاً خلال الأسابيع القليلة الماضية وما أظهرته من حاجة ملحة إلى تحاشي انفراط عقد الأمور .