نجح الرئيس السابق ميشال سليمان في عرقلة تسوية «السلة الكاملة» لحلّ أزمة التعيينات الأمنية وآلية العمل الحكومي وفتح مجلس النواب. النائب ميشال عون، ومع أنه يرى التسوية «مجحفة»، لكنّه ليس في وارد السكوت على إقصاء العميد شامل روكز، وأول الغيث مقاطعة الحكومة، وربما جلسات الحوار الأسبوع المقبل.

ويبدو أن الرئيس السابق يتمسّك في الوقت الضائع بفرصته الأخيرة للتأثير السياسي، بوصفه متعهداً لثلاثة وزراء في الحكومة، لعلمه أن تأثيره سيخف مع أي تسوية، وسينتهي مع أي تغيير حكومي، لافتقاره إلى أي حيثية شعبية أو سياسية، ما يجعله «ضابطاً سابقاً لا أكثر»، بحسب مصادر وزارية بارزة في قوى 8 آذار.
وتبدو حجّة سليمان واهية برفض ترفيع العميد شامل روكز وعمداء آخرين لأن «في الجيش 481 عميداً، يحتل روكز المرتبة 59 بينهم، والمرتبة 19 بين مئة عميد ماروني» كما أكّد وزير الدفاع سمير مقبل لـ «المركزية» أمس.


اقتراح سليمان
بتأجيل التسريح عامل تأزيم جديد يثير مشكلة في الجيش


إذ أن «روكز هو العميد الوحيد بين 430 عميداً في السلك الذي حصل على أقدمية لأعمال حربية إثر حوادث عبرا، كما أن اسمه وارد على لائحة أقدميات حوادث عرسال التي لم تصدر بعد»، كما تقول مصادر وزارية في التيار الوطني الحر. وتشير المصادر إلى أن العماد جان قهوجي عندما عُيّن قائداً للجيش «كان يتقدّمه 40 عميداً مارونياً» فيما كان يتقدم على سليمان «أكثر من 60 عميداً مارونياً»، و«ومأثرته الوحيدة لاختياره رئيساً بحسب وزير الدفاع السابق الياس المر في وثائق ويكيلكس، أنه كان الضابط صاحب الشخصية الأضعف»!
والى سليمان الذي «ينتقم من الرئيس سعد الحريري بسبب تهميشه» كما تقول مصادر وزارية في 8 آذار، فإن الكتائبيين أيضاً «حردانون» لأن خلوة الرئيس نبيه برّي بعد طاولة الحوار الأسبوع الماضي في مجلس النواب لم تشملهم، والنائب سامي الجميّل الذي لم يقنعه اتصال السفير الأميركي دايفيد هيل لحثّه على القبول بالتسوية، ولا الاتصال المطوّل مع السفير السعودي علي عواض العسيري، لم يقنعه أيضاً وسيط النائب وليد جنبلاط الوزير وائل أبو فاعور بعد، مع عدم وجود تقدير لدى القوى السياسية الأخرى لمدى جدية المعارضة الكتائبية. وفي حين تتذرع الكتائب علناً بحجّة سليمان لجهة «الحرص على الجيش»، قالت مصادر وزارية كتائبية لـ «الأخبار» إن «الحزب منسجم مع القوات اللبنانية وتيار المردة في عدم استفزاز قهوجي، مع أن المردة لا يريدون أن يزعل عون أيضاً». تعنت سليمان والكتائب، لا يلغي استمرار الأخذ والردّ مع الوزيرين بطرس حرب وميشال فرعون، العضوين في لقاء سليمان «التشاوري». إذ علمت «الأخبار» أن أحد المعنيين في تيار المستقبل حاول إقناع حرب وفرعون أمس بالخروج من نادي المعترضين، علماً بأن الأول صرّح سابقاً في مجلس الوزراء أنه لن يقف في وجه ترقية روكز لأنه «ابن ضيعته». وفيما ارتفع عدد الوزراء المعترضين واحداً، مع إعلان الوزير أشرف ريفي رفضه التسوية، لا يبدو الوزير رشيد درباس «مضموناً» في نادي المعترضين. وهو قال لـ «الأخبار» إنه «لا يمكن أن أعرقل تسوية تضمن سير العمل الحكومي وفق آلية دستورية».
وفي تناقض مع ذرائع سليمان بحرصه على المؤسسة العسكرية، سرّب فريقه ليل أول من أمس معلومات لموقع «ليبان كول» عن موافقته والكتائب على تأجيل تسريح أي عميد يبلغ سنّ التقاعد، ومن بينهم روكز، في محاولة لـ «تخفيف الضغوط» و«إضافة عامل تأزيم جديد»، كما تقول مصادر وزارية بارزة. إذ يسبب تأجيل التسريح تخمة في عدد العمداء ويكبّد الدولة أعباء مالية كبيرة، ويحرم عقداء من استلام مناصب يطمحون لها فور ترقيتهم إلى عمداء. علماً بأن العماد ميشال عون لا يمكن أن يقبل بمثل هذا العرض، خصوصاً أنه يرى أصلاً في تسوية ترفيع روكز إلى رتبة لواء «اجحافاً وتأجيلاً للمشكل». وكذلك الأمر بالنسبة لروكز الذي أمضى يوم أمس في مناورة لفوج المغاوير في بلدة العاقورة في جبيل. ونقل «ليبان كول» عنه أنه «غير معني بما يحصل، وملتزم بتعليمات القيادة حتى آخر يوم خدمة».
وفيما تثير الأنباء عن جمود التسوية، وربّما موتها مع اقتراب تسريح روكز، استياء بري القلق على طاولة الحوار، وقلق جنبلاط من جمود التسوية، عبّر عون أمام أكثر من زائر إنه «إذا لم يرغبوا في الاعتراف بنا وبحقوقنا، فلا حكومة ولا أي شيء آخر»، في إشارة إلى احتمال مقاطعة طاولة الحوار، مع وجود شعور لدى عون بأن موقف سليمان منسقّ مع الرئيس فؤاد السنيورة الذي لا يزال يعارض التسوية، لكنه لم يعد يجاهر بذلك بسبب موقف الرئيس سعد الحريري المؤيّد لها. وأكّدت مصادر وزارية في التيار الوطني الحر لـ «الأخبار» موقف عون لجهة مقاطعة أي جلسة للحكومة ما لم يتمّ الوصول إلى تسوية. وبحسب أكثر من مصدر، فإن حزب الله لم يُفعّل أي قناة اتصال حتى الآن، خصوصاً بعد أجواء التوتر بين بري وعون، وهو انتظر عودة الوزير جبران باسيل من نيويورك أمس لفتح خطوط الاتصال.