في سابقة من نوعها قدّم العميد الركن في الجيش اللبناني حميد اسكندر مراجعة لدى مجلس شورى الدولة بواسطة المحامي ميشال حنوش، طعن فيها بتأجيل تسريح كبار الضباط في قيادة المؤسّسة العسكرية ومن ضمنهم قائد الجيش العماد جان قهوجي، معتبراً القرار الصادر عن وزير الدفاع الوطني سمير مقبل في آب الماضي غير قانوني. مُطالبة اسكندر إبطال القرار أدّت إلى استدعائه من استخبارات الجيش للتحقيق معه، خصوصاً أنه ما زال في السلك العسكري ولم يسرّح بعد.
من هو اسكندر؟
اسكندر من بلدة شليفا البقاعيّة، من دورة العميد شامل روكز (سنة 1983)، درس القانون، وسبق له أن خدم في فوج المدفعيّة، وقاد كتيبة اللواء الخامس لمدّة سنة، ثمّ أمضى سنين خدمته العسكريّة في المكاتب الإداريّة ومديريّة العمليّات. وتشير مصادر "النهار" إلى أنه لم يستلم مراكز وازنة خلال حياته العسكريّة.
نال اسكندر رتبة عميد ركن في الأوّل من كانون الأوّل 2010، ومن المفترض إحالته على التقاعد في الأوّل من تموز 2016. أمّا التمديد لقهوجي حتى الثلاثين من أيلول 2016، فيعني تسريحه قبل تقاعد الأوّل، وتالياً حرمانه من فرصة الترقي، في وقت تشير المعلومات إلى أن هناك خلفيّة سياسيّة من تقديم المراجعة جرّاء الانقسام الحاصل حول رفض التمديد في المؤسّسة العسكريّة.
كيف يفسّر القانون المراجعة؟
حدّد مجلس شورى الدولة مجموعة من الشروط لقبول أي مراجعة؛ أولاً أن تكون مسبوقة بقرار إداري نافذ وضار. ثانياً أن يكون المستدعي متضرّراً شخصياً من القرار. ثالثاً أن تقدّم المراجعة خلال مدّة شهرين من تبليغه. ويقول العميد الركن المتقاعد هشام جابر لـ"النهار": "هناك أسباب معنويّة دعت اسكندر إلى تقديم المراجعة، فهو ضابط ماروني في الجيش اللبناني ويأمل ربّما بأن يصبح قائداً للجيش، ويعتبر أن التمديد لقهوجي حرمه من ذلك. وهناك أسباب ماديّة متعلّقة بالترقيات التي لم يحصل عليها نتيجة التمديد لكبار الضباط".
ويشرح جابر بأن قائد الجيش تابع للسلطة التنفيذيّة التي تعيّنه بناءً على اقتراح وزير الدفاع الوطني، الذي يلتزم بدوره بالعرف القاضي بتسمية العمداء والعقداء الموارنة له، ويضيف: "إذاً القانون لا يحدّد معايير اختيار قائد الجيش، لا وفق الحقّ ولا الأقدميّة، لذلك استند اسكندر إلى فرصة كانت ربّما متاحة له".
هل خالف العميد الركن القانون؟
يحقّ لمديريّة المخابرات استدعاء أي عسكري لجأ إلى أي جهة قضائيّة أو أمنيّة غير القضاء العسكري من دون أن يؤثّر ذلك على مسار الدعوى أمام مجلس شورى الدولة، ويقول جابر: "ما قام به اسكندر غير مخالف للقوانين، فهو يحقّ له أن يربط نزاع خصوصاً إذا كان لأسباب ماديّة، لكن استدعاءه يندرج ضمن خانة المخالفة المسلكيّة التي ارتكبها باللجوء إلى جهة غير القضاء العسكري اعتراضاً على قرار متخذ في المؤسّسة العسكريّة، وعقوبتها التوقيف بقرار يتّخذه قائد الجيش، حيث من المرجح تسجيل العقوبة في سجله فقط دون تنفيذها".
سيناريو ردّ مجلس الشورى
بعد تقديم المراجعة يفترض بمجلس الشورى دراستها، وطلب إشراك الخصم وإعطائه مهلة 15 يوماً للجواب، وحصوله على مهلة 15 يوماً أخرى لاتخاذ القرار بوقف التنفيذ أو ردّ الطلب. وعلى الرغم من أن تاريخ المؤسّسة العسكريّة سجّل دعاوى عدّة تقدّم بها عمداء في الجيش اللبناني أمام مجلس شورى الدولة وربحوها، إلّا ان جابر لا يتوقّع لاسكندر المصير عينه، ويُدرج مراجعته في خانة "تسجيل موقف" اعتراضاً على التمديد لقهوجي، ويشرح: "منطقياً على الإدارة أن تخضع لأحكام مجلس شورى الدولة، ولكن ما يحصل في لبنان هو العكس، إذ أن الإدارة لا تلتزم بالأحكام الصادرة عن هذا الجسم التحكيمي بحجّة عدم توافر الإمكانيّات الماديّة لديها في الوقت الراهن، وتالياً يبقى إمكان تنفيذ الحكم الصادر عنه مرتبطاً باستنسابيّة الوزير المطعون بقراره".