يمر الشيخ سعد الحريري في مرحلة "إفلاس مالي" وأقلّ توصيف لها أنّها "كارثية" وهذه المرحلة أدّت به إلى عدم دفع معاشات الموظفين (منذ شهر كانون الثاني) بل وإلى الطلب من أرملة أبيه نازك الحريري شراء التلفزيون ( حسب معلومات وردت اليوم ) ، غير أنّ نازك الحريري لم تقبل بالصفقة !
ومع محاولات شيخ سعد الحثيثة لتدارك الوضع علّه يحافظ على امبراطورية أبيه المالية إنّ عبر بيع أهم شركاته وهي "شركة اوجيه تلكوم " (نقلاً عن صيدا أون لاين) وصولاً لوضع تلفزيون المستقبل في المزاد العائلي ، غير أنّه وبتوقف "الريالات" السعودية وبإغلاق باب الدعم المادي (حسب مصادر) مع كل ما يقدمه الشيخ سعد من ولاء و من دعم معنوي تويتري للمملكة ، أصبح الرصيد المالي لمؤسسات الحريري "على قيد النفاذ" .
ولعل الأثر الأكبر الذي أقصى الحريري عن الموارد المالية السعودية هو موت الملك عبد الله الذي كان يؤمن له ضمانة "ريالية" ولأسرته وحتى لتواجده السياسي في لبنان ، إلاَ أنه وبتسلم الملك سلمان الحكم تمكنت مراكز القوى من العائلة الحاكمة الرافضة لدعم الحريري من إقفال "حنفية" الملك عبد الله ومطالبة الملك سلمان بعدم الاستمرار بهذا الدعم .
هذا وشاعت أنباء أنّ الحريري في الآونة الأخيرة كلّ ما طلبه من السعودية هو ماله الخاص وهذا ما لم يحصل عليه حتى الآن ، ومن منطلق آخر حضرت المملكة العربية السعودية عائقاً بينه وبين بيع شركته "أوجيه تلكوم" لقطر ممّا سبب له الإحراج !
ومن منظور إقليمي فإنّ المملكة العربية السعودية في استراتيجيتها الحالية باتت خجولة التعاطي مع الوضع اللبناني والأزمة اللبنانية وبالتالي عن الحريرية السعودية ، حيث أن انغماسها في قضايا تهدد أمنها الخاص من قبل شيعة السعودية والحوثيين وإيران ، وصولاً إلى ما يتعرض له الشرق الأوسط من اتفاقيات وتبدلات ، كل هذا أربك المملكة لتحافظ على قوتها وعلى موازينها الخاصة ، وبالتالي بات الشيخ سعد الحريري على هامش الإهتمامات أو بالأحرى خارجها !
إلا أنّه وبالرغم ما تمر به إمبراطورية الحريري من إنتكاسة ، لا يمكن تبرير أو قبول وقف المعاشات عن الموظفين مهما كانت ضائقة سعد المادية خاصة وأنّ العاملين هم مجرد مواطنين من أصحاب الدخل المحدود عملوا بالمؤسسة بكل إخلاص ملتزمين بمدرسة رفيق الحريري ونهجه وقدموا لها الكثير ...
وإنطلاقاً من هذا فالحل المعتمد من الشيخ سعد والذي تبلور حسب ترجمة الواقع ، أنّ الحريري إلتزم عدم المساس لا بمخصصاته ولا بمخصصات "نوابه" و "وزرائه" (اللاضرورية) ، وإنما وجد في إيقاف رواتب العاملين في تلفزيون المستقبل السبيل "للحد من تداعيات إفلاسه" .
وهذا حل يخالف 100% ما رسخه الشهيد رفيق الحريري من مبادىء ، وهنا لا بد لي أن أطرح سؤالاً : لو ما زال الشهيد رفيق الحريري حيّاً هل كان سيضع الأولوية لكمالياته على "لقمة عيش" موظفيه ؟!
الإجابة على هذا السؤال "سهلة" ، فكأني بلسان خاطر ما تركه الشهيد من تعاليم ومن إعمار يقول : اللقمة أولاً وثانياً وثالثاً ... وتباً للكماليات .