سجال حاد بين بري وبين عون , وعون يفتح النار على كل الجبهات إنتصارا لصهره وعلى حساب مصلحة واستقرار لبنان
السفير :
عاصفة مفاجئة هبت أمس على طاولة الحوار وتسوية الترقيات العسكرية، تحت وطأة الاشتباك الكهربائي ـ ذي البطانة السياسية ـ الذي اندلع بين «الرابية» و«عين التينة»، وما رافقه من مواقف حادة للعماد ميشال عون الذي هدد بالانسحاب من الحوار، بعدما اشتبه بإضافة بند استفزازي الى مشروع التسوية، يتعلق بتعيين مدير عام لقوى الامن الداخلي، الامر الذي دفعه الى رسم المعادلة الآتية: «لا مدير لقوى الامن قبل تعيين قائد الجيش».
وقد فاجأ تلويح عون بمقاطعة الحوار أوساط «عين التينة» التي لفتت الانتباه الى ان تسوية الترقيات ليست في الاساس جزءا من جدول أعمال الحوار، وإن يكن إقرارها سينعكس إيجابا عليه، مشيرة الى ان «الجنرال» خاض بالامس معركة وهمية ضد بند افتراضي في التسوية، علما ان تعيين مدير عام لقوى الامن الداخلي، لم يُطرح خلال المشاورات، سوى مرة واحدة من احدى شخصيات «المستقبل»، إنما من دون ان يبنى على ذلك.
وشددت الاوساط على انه لم تكن هناك نية في الاصل لفتح معركة مع عون، «بل ان بري أقرب الى وجهة نظره في المفاوضات الجارية حول تسوية الترقيات، ما يجعل الهجوم الذي شنه الجنرال على وزير المال علي حسن خليل مستغربا في هذا التوقيت».
ويبدو ان عون ليس متحمسا لدفع أي ثمن، من أجل أي تسوية كانت، من شأنها ان تختزل أهدافه ومطالبه بمجرد ترقية للعميد شامل روكز، قد يجري تأويلها وإعطاؤها البعد الشخصي، وهو الذي يعتبر ان المعركة التي يخوضها أوسع وأكبر من ذلك بكثير.
وهناك من يهمس في أذن عون بانه ليس مضطرا لقبول تسوية مختَزَلة وتقزيم معركته الى «ترقية»، وإذا كان الامر يتعلق بمستقبل روكز وحقوقه، فان الفرص مفتوحة امامه، وفي حال لم يُعيّن لواء يمكن ان يصبح وزيرا.
وبرغم اهتزاز مشروع التسوية، إلا انه لم يسقط، بل ان الاتصالات استمرت لمعالجة عقبتي الرئيس ميشال سليمان وحزب الكتائب، بعدما أبدى الرئيس سعد الحريري موافقته عليه.
وفي السياق ذاته، واصل وزير الصحة وائل أبو فاعور مشاوراته في أكثر من اتجاه لتذليل العقبات التي لا تزال تحول دون «تسويق» تسوية الترقيات، وذلك تمهيدا لانعقاد مجلس الوزراء في الأسبوع المقبل.
وقال أبو فاعور ان ما نشر في «السفير»، أمس، حول السلة المتكاملة للتسوية كان دقيقا للغاية باستثناء البند المتعلق بتعيين مدير عام جديد لقوى الأمن الداخلي، مؤكدا لـ «السفير» أن هذا البند لم يكن ضمن التسوية المطروحة، ومشيرا الى أنه سيواصل في الساعات المقبلة اتصالاته، خصوصا مع الرئيس سليمان ورئيس «الكتائب» سامي الجميل.
الحريري يستعيد «المبادرة»
وفي موقف لافت للانتباه، اعتبرت «كتلة المستقبل» بعد اجتماعها أمس برئاسة الرئيس فؤاد السينورة ان تحقيق توافق سياسي في بعض الشؤون قد يشكل حزام أمان اضافيا في هذا الظرف بالذات، على طريق اعادة الاعتبار للمؤسسات وللدستور، مجددة في هذا الخصوص تأييدها للمواقف التي يتخذها الرئيس سعد الحريري.
وشدد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق على انه «اذا كانت الترقيات العسكرية هي جزء من الاستقرار السياسي وجزء من صحة العمل الحكومي فالرئيس الحريري يوافق بالتأكيد على الترقيات».
ويبدو واضحا ان الحريري يحاول استعادة المبادرة في تياره، بعد «اللامركزية» التي طبعت مواقف قياداته مؤخرا، خصوصا حيال مسألة الترقيات العسكرية التي أظهرت تمايزا بين الحريري والسنيورة، بحيث أتى بيان الكتلة أمس ليؤكد الانتظام تحت سقف رئيس التيار، بعدما كان السنيورة قد ذهب بعيدا في اجتهاداته.
سليمان و «الكتائب»
في المقابل، لا يزال الرئيس ميشال سليمان معترضا على التسوية المقترحة، عبر وزرائه في الحكومة، لاسيما وزير الدفاع سمير مقبل، المعني الاول بالتعيينات العسكرية والترقيات، كون اقتراح الترقية يصدر من وزير الدفاع ليمرّ عبر الامانة العامة لمجلس الوزراء ثم يصل الى طاولة الحكومة للتصويت او التوافق عليه.
وردا على احتمال حصول ضغوط لإقناع سليمان بقبول التسوية، قالت أوساط كتلته لـ «السفير»: قد يسحقوننا.. لكنهم لن يأخذوا توقيعنا.
طعن بالتمديد لقهوجي!
الى ذلك، وفي خطوة غير مسبوقة، تقدم العميد المتقاعد حبيب اسكندر بمراجعة امام مجلس شورى الدولة، طلب فيها إبطال التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي.
وعلمت «السفير» ان مخابرات الجيش استدعت اسكندر ليل أمس الى التحقيق، خصوصا ان هذه الخطوة غير مألوفة في تاريخ المؤسسة العسكرية.
بري «ينتفض»
وعلى وقع الاحتدام السياسي، أكد الرئيس بري امام زواره أمس ان أزمة النفايات لم تعد تُحتمل، ملاحظا ان القرارات التي اتخذت لمعالجتها لم تُنفذ، حتى الآن، «وهذا أمر غير مقبول وليس له أي تفسير».
ونبه الى ان الوضع الناتج عن تراكم النفايات بات لا يطاق، مشددا على ان المطلوب المباشرة فورا في تطبيق الخطة التي تم الاتفاق عليها في مجلس الوزراء، ولو بالحزم و «الحزمين» إذا اقتضى الامر.
واعتبر ان الحرص الذي يبديه الرئيس تمام سلام يجب ان يكون له حدود، داعيا الى وضع حد لسياسة الانتظار، «وإذا كان البعض يتخوف من ان تتحول الحكومة الى تصريف الاعمال، فأنا أقول ان تصريف الاعمال هو بالتأكيد أفضل من الوضع القائم».
ودعا الى الكف عن التفاوض في ملف النفايات، مشيرا الى انه من غير الجائز ان تتعطل الخطة لمجرد ان قلة هنا او هناك تعارضها، ومحذرا من ان ما تبقى من هيبة الدولة أصبح على المحك، «وإذا كنا غير قادرين على تنفيذ قرار فما الجدوى من وجودنا؟».
وأكد بري ان الاولوية هي لمعالجة أزمة النفايات، «وقبل الانتهاء منها، لن اقبل بان يكلمني أحد من السياسيين في أي ملف آخر، لا ترقيات ولا غيرها، لان دولة تعجز عن إزالة الزبالة ليست مؤهلة للخوض في أي شأن».
وأضاف: صرنا نستحي من الذهاب الى طاولة الحوار، لاننا نمر في الطريق بين أكوام النفايات، متسائلا عما إذا كان يُعقل ان الدولة لا تمون على قطعة أرض من أملاكها، لتطمر النفايات فيها.. ما هذا؟
وتابع: ان ما يحصل لا يقبله عقل ولا منطق، «وبعد شوي بدي شارك شخصيا في الحراك»، إذا بقي الواقع المزري على حاله.
يشار الى ان اجتماعا عقد مساء امس في وزارة الزراعة استمر حتى منتصف الليل ضم الوزيرين اكرم شهيب ونهاد المشنوق مع عدد من الخبراء البيئيين، تناول البحث فيه بنود الخطة التي اعلنها شهيب لمعالجة ازمة النفايات والتحفظات بشأنها، وقال شهيب بعد الاجتماع انه تم التفاهم في شأن معظم النقاط، فيما اشار الخبراء البيئيون الى انهم سينقلون نتيجة الاجتماع الى الحراك المدني.
النهار :
لا انتخاب لرئيس جديد للجمهورية اليوم في الجلسة الـ 29 ولا تقدم في الملف في ضوء حركة الاتصالات الدولية، بل مزيد من التأجيل. ولا جلسة لمجلس الوزراء ترافق عودة رئيس الوزراء الجمعة في ظل التعثر في ملف ترفيع عمداء، كما في ملف النفايات، كما في آلية العمل الحكومي، الأمر الذي حمل الرئيس تمّام سلام على القول من نيويورك "إن الشلل بدأ يتسرب الى السلطة التنفيذية". والخوف من ان لا يكون حوار الاسبوع المقبل، ومعه. لكن لبنان، الذي سيكون حاضرا في اجتماع مجموعة الدعم الدولية اليوم، لا يتوقع ان يحصل على مساعدات اضافية تعينه على تحمل اعباء اللاجئين السوريين.
وصرح منسق نشاطات الامم المتحدة ونائب ممثل الامين العام في لبنان فيليب لازاريني لـ"النهار" ان "الاستجابة لا تلائم الحاجات. نواصل الكلام عن مناعة لبنان الا ان "اختبار" هذه المناعة في شكل كبير قد يؤدي الى ان تبلغ، في مكان ما، النهاية. علينا ان نكون متيقظين لهذا الوضع(...)".
وأضاف ان برنامج الغذاء العالمي أفاد أخيراً انه اذا لم يحصل على تمويل جديد، فعليه ان يعلق برنامجه ابتداء من تشرين الثاني، ليس في لبنان والاردن فحسب، بل في سوريا أيضاً. وهذا يشكل كارثة قبيل الشتاء.
الحكومة والحوار
واذا كان التصعيد على محور الرابية - عين التينة قد يكون تمهيداً لاصلاح الحال قبيل الحوار، فقد توقعت مصادر وزارية لـ"النهار" ان ينعقد مجلس الوزراء الاثنين قبيل الحوار الثلاثي الايام بدءاً من الثلثاء، اذا تهيأت له ظروف النجاح التي تبدو معقدة بعض الشيء في ضوء التصعيد الذي لوّح به العماد ميشال عون أمس مهدداً بمقاطعة الحوار، وقوبل باستياء ورد من عين التينة.
وأبلغت مصادر "تكتل التغيير والاصلاح" "النهار" ان كلام العماد عون جاء رداً على وضع شروط مسبقة عليه، وعلى تسريب سلّة لا علاقة لها بما هو مطروح عليه، ولذلك، إذا كانت جس نبض كان الجواب عنها واضحاً، إلا إذا كانت وسيلة لتحسين شروط التفاوض.
ولاحظت مصادر التكتل أن ما اعلنه عون يتضمّن ثلاث حقائق: لا حوار بعد اليوم، ولا تسوية قبل بت الترقيات العسكرية، ولا تفعيل لعمل الحكومة ولا لمجلس النواب في ظل عدم الشركة الحقيقية وسيكون هناك اصرار على الذهاب الى انتخاب رئيس من الشعب ثم الى انتخابات نيابية ليبدأ بعدها تكوين السلطة.
وعُلم ان مشروع التسوية الذي يجري العمل عليه بدفع من السفيرين الأميركي والسعودي وبموافقة من الرئيس سعد الحريري محصور أصلاً ببندين: تعيين أعضاء المجلس العسكري وترقية ثلاثة عمداء الى رتبة لواء ليصير عددهم ثمانية وفقاً لجدول ملاكات الجيش المنصوص عليه في قانون الدفاع، وليكون هذا المدخل الى اعادة تفعيل عمل الحكومة، بحيث لا يبقى حق الفيتو في يد أي فريق ليعطّل عمل الحكومة ساعة يشاء. وأفادت مصادر "المستقبل" أن الترقيات يعارضها عدد كبير من الوزراء يصل الى نحو تسعة، واقرارها يعني ان أحداً يجب ألا يعطّل عمل الحكومة ولا ان يحتفظ بحق الفيتو، وأن القرارات تتخذ وفق الأصول الدستورية.
وأوضحت هذه المصادر أن الكلام عن تسوية من تسع نقاط لا يعني أنها كلها قد بتت، وأن تعيين المدير العام ومجلس القيادة لقوى الأمن الداخلي ليس مكسباً لـ"المستقبل" في وجه الطرف الآخر، لأن اللواء ابرهيم بصبوص يطالب بأن يتقاعد لأسباب شخصية.
وعلم أن السفيرين الاميركي والسعودي دخلا أيضاً على خط الدفع في اتجاه انقاذ التسوية على طريق انقاذ الحكومة، وشملت الاتصالات الرئيس ميشال سليمان والنائب سامي الجميّل. ونتيجة هذه الاتصالات، إما أن يتفق على ترقية ثلاثة عمداء الى رتبة لواء، شيعي وسني وماروني هو العميد شامل روكز، وإما أن تطير التسوية ككل، ويكرّس التعطيل الحكومي، وتتفاقم حدّة التأزم.
وقالت مصادر الرابية إن القبول بالحل يقوم على أن تكون الترقية للعميد روكز مقرونة بوظيفة، وبإكمال عقد التعيينات للمجلس العسكري ليتسم الحل بالصفة الشمولية. أما اشتراط تغيير آلية العمل الحكومي فغير مقبول، والممكن هو العودة الى التوافق المرن.
في الضفة المقابلة، علمت "النهار" من مصادر وزارية ونيابية في 14 آذار أن الموقف الذي صدر عن العماد عون أمس أقفل الافق في الوقت الراهن أمام عمل الحكومة والحوار. وبدا واضحاً لـ"المستقبل" ان ما نشر من أفكار تشي بأن الرئيس بري قريب منها وخصوصاً في ما يتعلق بمجلس قيادة قوى الامن الداخلي وهو أمر يوافق عليه "المستقبل". لكن المفاجأة جاءت من الرابية عندما أسقط عون هذه الافكار وكأنه يسقط ما اعتبره أفكاراً من "المستقبل"، علما انه، قبل إعلان عون مواقفه، كانت المعلومات تشير الى إمتعاض قائد الجيش العماد جان قهوجي مما يطرح على مستوى المؤسسة العسكرية، ووصل هذا الامتعاض الى حد التهديد بالاستقالة، مما استدعى تحركاً للسفير الاميركي ديفيد هيل في اتجاه اليرزة لتطويق التداعيات.
وفي شأن متصل، سجلت أمس مراجعة في مجلس شورى الدولة تحت الرقم 20 - 519 يطعن فيها العميد في الجيش حميد اسكندر بواسطة المحامي ميشال حنوش في قرار وزير الدفاع سمير مقبل تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جان قهوجي. وقد فند كل بند في قرار التمديد، معتبراً انه لا يجوز لقهوجي ان يقترح لنفسه، كما ان القرار لا يتخذ إلا في حالات الحرب والطوارئ.
المستقبل :
فجأة، وفي سياق مبدّد لكل سهام التصويب السياسي والإعلامي المضلّل على «تيار المستقبل»، خرج رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون أمس في خطاب تصعيدي متوتر ليبدي رفضه «تسوية» الترقيات العسكرية التي كان المبادر إلى طلبها وطرحها في سبيل تحرير العمل المؤسساتي، بينما جددت كتلة «المستقبل» أمس اصطفافها خلف مواقف الرئيس سعد الحريري مؤيدةً تحقيق «توافق سياسي» في مقاربة الملفات العالقة بهدف تشكيل «حزام أمان إضافي في هذا الظرف بالذات على طريق إعادة الاعتبار للمؤسسات وللدستور» انطلاقاً من القناعة بأنّ «الاستقرار الوطني وتفعيل عمل المؤسسات الدستورية مطلب أساسي لدى جميع اللبنانيين لا سيما في هذه المرحلة الدقيقة داخلياً وإقليمياً ودولياً».
وإذ شدد على كونه يرفض «جوائز الترضية والشحادة»، اتكأ عون في تبرير تصعيده الجديد إلى «مشروع البنود التسعة الذي نشرته (أمس الزميلة) جريدة السفير وتضمن بند تعيين مدير عام جديد لقوى الأمن الداخلي»، واضعاً إزاء ذلك مطلب «تعيين قيادة جديدة للجيش في مقابل قيادة جديدة لقوى الأمن» على وقع تجديد تلويحه بمقاطعة جلسات الحوار الوطني.
الكهرباء
وتزامناً مع الحراك المدني الذي طوّق أمس وزارة الطاقة والمياه «مضيئاً» على الفساد الحاصل فيها ومعلناً عن تحرك احتجاجي للغاية نفسها السبت المقبل أمام شركة الكهرباء، برز سياسياً «توتر عالٍ» على خط «الرابية» «عين التينة» من خلال إثارة عون إثر اجتماع تكتله في الرابية قضية الاشتباك الوزاري الحاصل بين «الطاقة» و«المالية» مطالباً بمساءلة الوزير علي حسن خليل حول «شبهات» قال إنها تحوم حول أدائه في الوزارة لا سيما ما يتصل منها بمسألة عدم صرف الأموال لمتعهدي «الطاقة». ولفتت مصادر لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه البرلمانية إلى أنّ مردّ التوتر العوني يعود إلى ما كشفه خليل خلال اجتماع اللجنة أمس عن «التجاوزات القانونية التي ارتكبها الوزراء العونيون» في حقيبة الطاقة، مصوّباً في هذا المجال على الوزير جبران باسيل من دون أن يسميه.
وأوضحت المصادر لـ«المستقبل» أنّ وزير المالية ردّ خلال الاجتماع الذي عُقد في مجلس النواب بحضور وزير الطاقة أرتور نظريان على ما تعرّض له من اتهامات على لسان «مستشار أحد الوزراء»، فقال: «لو أنّ هناك دولة لكان وجب إرسال بعضهم إلى السجن» في إشارة فهمها المجتمعون بأنها تصوّب بشكل واضح على باسيل على خلفية التجاوزات القانونية المرتكبة في وزارة الطاقة. ونقلت المصادر أنّ خليل استعرض خلال الاجتماع وقائع متصلة بكيفية تلزيم مشروعي إنتاج الكهرباء في معملي الجية والزوق، مشيراً إلى أنه بعد إجراء المناقصة اللازمة في حينه أعلن تقرير استشاري أنّ تعديلات طرأت على بنود العقد من قبل الشركة المتعهدة بموافقة وزارة الطاقة وهي تشمل إحداث تغيير على مستوى ترتيبات العمل وأولوياته، الأمر الذي فرض الحاجة إلى إعادة طرح الموضوع على ديوان المحاسبة لنيل موافقته على التعديلات الجديدة ربطاً بإمكانية إحداثها تداعيات واسعة على المالية العامة بحسب ما جاء في التقرير الاستشاري. ولفت خليل إلى أنّ باسيل رفض عندها العودة إلى ديوان المحاسبة لنيل موافقته على تعديلات العقد، مؤكداً أنه عقد سلسلة اجتماعات مع نظريان «ووزير آخر» (باسيل) بهدف قوننة الموضوع إلا أنّ الأخير أصرّ على رفض الاحتكام للديوان ما دفع وزارة المالية إلى إيقاف الدفعتين الثالثة والرابعة للمتعهدين بعد أن كانت قد سددت لهم الدفعتين الأولى والثانية، ثم ما لبثت الشركة المتعهدة أن تقدمت بشكوى ضد الدولة اللبنانية تطالبها بمبلغ 135 مليون يورو بسبب تأخير سداد مستحقاتها.
ومساءً، أصدر وزير المالية بياناً ردّ فيه على مطالبة عون بمساءلته في ملف متعهدي وزارة الطاقة فقال: «أفهم جيداً توتر الجنرال عون ورميه الاتهامات بعدما نقل له نواب تكتله بالتأكيد أجواء لجنة الأشغال والطاقة، والتي كشفت بالوثائق المشكلة الحقيقية في ملف تلزيم إنتاج الكهرباء وإصرار وزارة الطاقة ومن لزّم فيها، على تجاوز الأصول القانونية ومخالفة قرارات هيئات الرقابة»، متوجهاً إلى عون بوصفه «تعوّد على التحديات الخاسرة» بالقول: «أتحداه أن يعلن ما هي الشبهات التي لم يتكلم عنها ليبُنى على الأمر مقتضاه».
الديار :
الحديث عن اي تسوية لاي ملف في لبنان سواء من رئاسة الجمهورية الى فتح دورة استثنائية للمجلس النيابي الى تسوية الترقيات، في ظل ما تشهده المنطقة من توترات مذهبية وطائفية وصراع سعودي - ايراني كمن يبحث عن ابرة في كومة قش، وهذا ما يفرض على اللبنانيين تدوير الزوايا قدر الامكان وتنظيم الخلاف لصيانة الاستقرار اللبناني وهذا هو الاساس، لان لالملفات ما زالت تراوح مكانها ولم يتم «الولوج» الى حلّ اي ملف، ومنذ دخول البلاد «الفراغ الرئاسي» تصاعدت حدة الانقسامات رغم استمرار الحوار بين حزب الله والمستقبل والذي لم ينجز شيئاً وربما يريده الفريقان للصورة، وتخفيف التشنجات، كما ان المجلس النيابي لا يعمل وحكومة الرئيس سلام «مشلولة» وفي اجازة، حتى ملف النفايات لم يأخذ طريقه الى الحل منذ 17 تموز الماضي، ويبدو ان هذا المشهد «الفراغي» سيستمر، حتى طاولة الحوار الذي دعا اليها الرئيس نبيه بري «مهددة بالتوقف». وفي ظل هذه الاجواء برز «الحراك المدني» وشهد لبنان ظاهرة جديدة تمثلت بتظاهرات شبابية يومية ضد الفساد وحطت امس امام وزارة الطاقة وستستمر كما يؤكد قادة «الحراك المدني» في وجه الطبقة السياسية اللبنانية وفسادها.
ورغم هذا المشهد، فان قادة البلاد نشطوا منذ اسابيع لاعادة احياء العمل الحكومي والتشريعي، وقدم مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم مبادرة لكسر الجمود وقدم تسوية تقضي بترفيع عدد من الضباط الى رتبة لواء بينهم العميد شامل روكز، وقد كسرت هذه «المبادرة» حالة الشلل السياسي وأدخلت عليها تعديلات لم تخرج عن جوهرها، ووافق عليها العماد ميشال عون والرئيس نبيه بري وحزب الله والنائب وليد جنبلاط وكذلك تيار المستقبل الذي وضع شروطاً، فيما رفض الرئيس ميشال سليمان وكتلته النيابية اي تسوية على حساب الجيش وكذلك وزراء الكتائب والوزير بطرس حرب.
وفي المعلومات، ان الوزير وائل ابو فاعور مكلفاً من جنبلاط جال على بري وعون والتقى وزيري حزب الله والمستقبل، وحصل على موافقتهم على التسوية المتكاملة التي تتضمن ترقية الضباط وعودة العمل الحكومي والتشريعي، كما جال أبو فاعور على الكتائب ووزراء الرئيس سليمان للبحث معهم في التسوية. لكن موقف الرئيس سليمان والكتائب لم يتبدّل كما يقول الوزير وائل أبو فاعور.
وفي المعلومات ايضاً «ان العماد عون وافق على التسوية، وعلى هذا الأساس لبى دعوة الرئيس بري الى حضور طاولة الحوار، وظهرت أجواء ايجابية توحي بالتسوية.
واللافت ان تيار المستقبل بقي موقفه غير واضح بشأن التسوية، فالرئيس السنيورة رفضها خلال الاجتماع الذي تلا انعقاد طاولة الحوار الاخيرة، وفي نفس التوقيت كان مستشار الرئيس الحريري السيد نادر الحريري يبلغ علي حسن خليل موافقة الرئيس الحريري، كما ابلغ تيار المستقبل حزب الله بالموافقة خلال جلسة الحوار الاخيرة في عين التينة، ورغم تأكيد النائب احمد فتفت ان تيار المستقبل يربط الموافقة على التسوية بتعيين مدير عام جديد لقوى الامن الداخلي ومجلس قيادة جديدة كما نشرت «الديار» منذ اسبوع.
وقد تم مفاتحة العماد عون بهذا البند عبر الاتصالات ورفضه واشترط التلازم بين تعيين قائد للجيش وقائد لقوى الامن الداخلي ومجلس القيادة وبعدها تم ابلاغ عون سحب هذا البند فأعطى الموافقة.
وفي المعلومات «ان الرئيس سعد الحريري طلب اضافة بند تعيين مدير عام قوى الامن الداخلي كشرط للموافقة على ترقية العميد شامل روكز، وان بري وجنبلاط لم يعارضا، وجرى «تسريب» التسوية عبر الاعلام ففوجئ بها العماد عون واعلن رفضه المطلق، كما تطرق خلال اجتماع تكتل التغيير والاصلاح الى هذا الملف، وان الورقة التي عرضها ابو فاعور لم تتضمن هذا البند، وغمز من قناة بري وجنبلاط مشيراً الى ان هناك من يريد تعطيل الحوار، حتى ان «الحراك» الذي جرى امام وزارة الطاقة اعتبره العماد عون موجهاً ضده». وابدى استياءه من هذه الاجواء ومن عمل البعض على تطيير «التسوية» وشن العماد عون هجوماً طال «بطراطيشه» الرئيس نبيه بري بشكل غير مباشر مستهدفاً وزيره علي حسن خليل عبر تأكيد العماد عون عن وجود فساد في وزارة المالية ووجود خطة لافلاس المتعهدين، وتحدث عون عن وجود ملفين كبيرين لديه مع مستندات تمت احالتهما على المدعي العام المالي منذ عام 2009 و2013 ولم يتم التطرق اليهما بعد حتى اليوم.. واكد «من دون قائد جيش لا مديرية عامة لقوى الامن الداخلي، وانتقد بشدة التبدّل في المواقف والتعامل معه بهذه الطريقة «تخنت» مشيراً الى ان هناك من يريد تطيير الحوار.
ـ ... ووزير المال يردّ: أفهم توتر الجنرال ـ
ردّ وزير المال علي حسن خليل على ما جاء على لسان العماد عون بعد اجتماع تكتل التغيير والاصلاح، قائلاً: «افهم جيداً توتر الجنرال عون ورميه الاتهامات بعدما نقل له نواب تكتله بالتأكيد اجواء لجنة الاشغال والطاقة اليوم (امس) والتي كشفت بالوثائق المشكلة الحقيقية في ملف تلزيم انتاج الكهرباء واصرار وزارة الطاقة ومن لزم فيها على تجاوز الاصول القانونية ومخالفة قرارات هيئات الرقابة. واستطراداً لما قاله عن صراخ متعهدي وزارة الطاقة، وبما انه تعود على التحديات الخاسرة، اتحداه ان يعلن ما هي الشبهات التي لم يتكلم عنها ليبنى على الامر مقتضاه، باعتبار اننا لم نجد في ما قاله ما يستحق التعليق اكثر في الاعلان».
وختم: «لسنا كما غيرنا، كنا دوماً وما زلنا نعمل تحت سقف الاصول البرلمانية في الاجابة عن اي استفسار من الزملاء في التكتل الكريم وغيره».
الجمهورية :
في انتظار تبلوُر نتائج الحراك الجاري في أروقة الأمم المتحدة على هامش الدورة السبعين للجمعية العامة للمنظمة الدولية والتي سترسم معالم المرحلة، يلقي رئيس الحكومة تمام سلام كلمة لبنان اليوم، وتليها كلمة أخرى له أمام مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان، علماً أنّه كان التقى أمس وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف والأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، وأمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح. وإذ يُنتظر أن تلقى جلسة انتخابات رئاسة الجمهورية الرقم 29 المقرّرة اليوم مصيرَ سابقاتها، أطلقَ رئيس مجلس النواب نبيه بري صرخة أمس لحسم ملف النفايات سريعاً لأنه «لم يعد يحتمل»، وأصبح «قضية وطن»، مشدّداً على إعطائه الأولوية، مبدياً استياءه من تهديد رئيس تكتّل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون بمقاطعة الحوار على خلفية قضية الترقيات، فيما اندلعَ سجال بين عون ووزير المال علي حسن خليل في ضوء ما شهدته جلسة لجنة الأشغال والطاقة أمس من نقاش في موضوع إنتاج الكهرباء، ويُنتظر أن يتردّد صدى هذا السجال في جلسات الحوار المقبلة. لم يطرأ أيّ جديد على موضوع التسوية المتعلقة بترقية عمداء في الجيش من بينهم العميد شامل روكز. وأكدت مصادر وزارية متابعة لـ«الجمهورية»: «أنّ ما نقِل من بنود لهذه التسوية ليس صحيحاً على الإطلاق، فلم يأتِ أحد على ذكر منصب المدير العام لقوى الأمن الداخلي طوال فترة المساعي».
وأشارت الى انّ كلام رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون لا يؤثر في هذه المساعي لأنه مرتبط بموضوع محدّد. أمّا عن ربطه المشاركة في الحوار بالإجابة على أسئلته فهذا أمرٌ غير مشجّع. واستبعدت المصادر ان تُعقد جلسة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع.
وبدا من التطورات الجارية أنّ قضية الترقيات العسكرية دخلت دائرة التعقيد مجدّداً ولم تحَقّق المساعي الجارية ايّ نتائج إيجابية، وقد دخل السفير السعودي علي عواض عسيري على خطّها، وفق معلومات «الجمهورية»، وذلك بعد تحرّك السفير الاميركي ديفيد هيل على خط اليرزة ـ الصيفي حيث زار الرئيس السابق ميشال سليمان وقائد الجيش العماد جان قهوجي ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل،
وبالتالي فإنّ السلة المتكاملة التي دار الحديث عنها اخيراً تبعثرت، عِلماً أنّه يستحيل أن تمرّ الترقيات في مجلس الوزراء بأكثرية عددية وإلّا سيشكّل ذلك ضرباً للحالة الميثاقية من جهة، وعدم بلوغ النتائج المتوخّاة من العملية، أي مشاركة جميع الوزراء وتفعيل العمل الحكومي من جهة ثانية، مع أنّ تمرير الترقيات بلا موافقة الجميع سيعطّل العمل الحكومي من باب قدرة الطرف الآخر أيضاً على التعطيل.
ويَعتبر معارضو التسوية انّ الوسطاء يطرحون التسوية وكأنّها مشروع سياسي، من دون تقديم ايّ عنصر مقنع مبني على الدستور والقانون والقواعد العسكرية.
وفي المعلومات انّ رئيس حزب الكتائب الذي زار قائد الجيش امس حرصَ على الوقوف على رأيه حول كلّ ما هو مطروح من ملف الترقيات مباشرةً وبلا أيّ وسيط في ظلّ الروايات المسرّبة وتلك المتداولة بين القيادات السياسية والحزبية في معزل عن المواقف منها.
وكان موقف قائد الجيش واضحاً جداً عندما لفتَ الى رفض قيادة الجيش ما هو مطروح بكلّ المعايير العسكرية والقانونية، فترقية العميد شامل روكز الى رتبة لواء غير ممكنة، فهو الرقم 21 في الترتيب المسيحي والرقم 54 في الترتيب الإجمالي المسيحي والمسلم، وإنّ ترقيةً من هذا النوع أمرٌ صعب وغير منطقي ويمسّ العدالة والمساواة اللتين هما حقّ لبقية الضبّاط في المؤسسة العسكرية.
هذا في الشكل، أمّا في المضمون القانوني، فإنّ المعلومات تؤكد أنّ ما هو مطروح على مستوى العودة الى القانون الصادر عام 1979 والذي استند إليه البعض في التسوية المطروحة هو قانون ملغى منذ العام 1983، واللجوء إليه مجدداً غير قانوني وغير دستوري بعدما بات نصّاً قانونياً سابقاً توقّف العمل به بعد 6 سنوات، علماً أنه لم يطبّق طوال هذه الفترة من السنوات الست.
وهو القانون الذي تحدّث يومها عن رفع عدد الضبّاط برتبة لواء من خمسة الى ثمانية، وهو أمر لم يطبّق يوماً، فمنذ أيام العماد ميشال عون عندما كان قائداً للجيش وكذلك العماد أميل لحود فالعماد ميشال سليمان لم يكن هناك ثمانية ضبّاط برتبة لواء أبداً في المؤسسة العسكرية ولم يتجاوز عدد الضبّاط بهذه الرتبة أكثر من خمسة.
وقد تأكّد في اللقاء انّ ما هو مطروح يمسّ تركيبة المجلس العسكري الطائفية، فزيادة ثلاثة ضباط برتبة لواء بعد ترقيتِهم من رتبة عميد الى المجلس كما هو مطروح، وهم سنّي وشيعي وماروني يَرفع العدد الى تسعة ضبّاط ويصبح في التركيبة أربعة ضباط مسيحيون وخمسة مسلمون، وهو ما لم يكن قائماً قبلاً في المؤسسة العسكرية.
وفي الإطار عينه، قالت مصادر مواكبة للإتصالات إنّ السفير الأميركي قصد من زيارته الجميّل جسّ نبض الكتائب ممّا هو مطروح على مستوى الترقيات العسكرية، وهو يسعى الى تسويقها، لكنّ جواب الجميّل لم يكن إيجابياً. وعلمت «الجمهورية» انّ السفير السعودي اتصل بالجميّل مطّلعاً على موقف الحزب.
الاخبار :
أكثر من مصدر وزاري حمّل تيار المستقبل، أو على الأقل أطرافاً فيه، مسؤولية «الزعبرة» عبر تسريب بنود من «خارج التفاوض»، بخلاف ما كان يجري التفاهم عليه لملء الشواغر في المجلس العسكري وشرعنة التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي وضباط آخرين، إضافة إلى ترفيع عدّة ضباط إلى رتبة لواء، بينهم العميد شامل روكز.
وقد تولّى العماد ميشال عون الاعلان عن رفضه الصيغة المسرّبة، مشيراً بعد الاجتماع الأسبوعي لتكتل التغيير والاصلاح إلى أنه «إذا لم يكن هناك قائد للجيش، فلن يكون هناك مدير عام لقوى الأمن الداخلي. ومن كتب هذا البند، يجب أن يتذكر أنه تعهد بأن ينجز هذين الأمرين معاً (في إشارة إلى الاتفاق بينه وبين الرئيس سعد الحريري حول روكز والعميد عماد عثمان)... نحن نلتزم بما نقوله ونتعهد به، ونريد من الجميع أن يكونوا كذلك، أي أن يسمعوا ما يقولونه ويفوا بتعهداتهم، ويحترموا كلمتهم، لكن يبدو أنهم يريدون أن يطيّروا الحوار».
تصعيد عون، الذي لم يكن قد أعلن موافقته على التسوية بصيغتها السابقة إلى حين الحصول على موافقة أولية من غالبية الكتل السياسية، قابله تشدّد من قبل الرئيس السابق ميشال سليمان الذي كرّر أمس موقفه الرافض للتسوية، مشيراً إلى أنه مع «ضرورة إبقاء المؤسسة العسكرية خارج إطار الصراعات والمقايضات»، وهو ما يتشارك فيه مع حزب الكتائب.
ولم تنجح الزيارة التي قام بها الوزير وائل أبو فاعور، أول من أمس، لسليمان، ولا اتصالاته بالنائب سامي الجمّيل، في إقناعهما بالعدول عن الاعتراض على التسوية، في ظلّ الحماسة التي يبديها جنبلاط، وانتهاء الانقسام القائم داخل تيار المستقبل بانصياع الرئيس فؤاد السنيورة لموقف الرئيس سعد الحريري المشجّع لحصول التسوية.