محليا كل شيء راوح مكانك مع محاولات لكسب بعض الملفات الشخصية , ودوليا ثمة خلاف وجدال بين أوباما وبوتين حول دور الاسد
السفير :
من حسنات الحراك الشعبي أنه أحدث دينامية تتجاوز ملف النفايات، بحيث صارت العيون مفتوحة على أي ملف يوضع على طاولة أهل السلطة، ومن حسناته أيضاً، أنه يضع النسبية في صلب خياراته الانتخابية، فيلتقي في ذلك مع حساسيات لبنانية أخرى، أبرزها الحساسية المسيحية التي تلتقي بأطيافها كافة تحت سقف النسبية في أي قانون انتخابي جديد.
ومن حسنات الحراك، أنه يتقاطع مع إرادة خارجية وداخلية تلتقي عند نقطة حماية الاستقرار اللبناني، وهذا الأمر تُرجم في الدفع السياسي الذي أعطي في الساعات الأخيرة لقضية الترقيات العسكرية، باعتبارها تشكل مدخلاً لسلة متكاملة من شأنها تمديد الهدنة اللبنانية لسنة على الأقل، في انتظار ما ستكون عليه صورة المنطقة، وخصوصاً سوريا.
ووفق المعلومات المتوافرة لـ «السفير» فإن «تيار المستقبل» أبلغ بشخص رئيسه سعد الحريري المعنيين بموافقته على السلة المتكاملة للتسوية، بعدما أضاف اليها بنداً يتعلق بتعيين مدير عام جديد لقوى الأمن الداخلي وتعيين مجلس قيادة قوى الأمن الداخلي، فأصبحت «السلة» تتضمن البنود الآتية:
أولاً، تعيين أعضاء المجلس العسكري (خمسة أعضاء) بمن فيهم الممددة ولايتهم، أي قائد الجيش العماد جان قهوجي ورئيس الأركان اللواء الركن وليد سلمان.
ثانياً، ترقية 3 ضباط من رتبة عميد الى رتبة لواء وفق قانون الدفاع (لواء ماروني+ لواء شيعي+ لواء سني).
ثالثاً، تحديد مركز للعميد شامل روكز بعد ترقيته الى رتبة لواء، على أن يختاره قائد الجيش.
رابعاً، تعيين مدير عام جديد لقوى الأمن الداخلي (العميد عماد عثمان أو العميد سمير شحادة).
خامساً، تعيين أعضاء مجلس قيادة قوى الأمن الداخلي بعدما أحيل معظم أعضاء المجلس الحالي للتقاعد.
سادساً، إعادة تفعيل الحكومة واستئناف اجتماعاتها، بما في ذلك التوافق على آلية اتخاذ القرارات (إما التوافق أو يؤجل بند إذا اعترض عليه مكونان شرط عدم تعطيل السلطة التنفيذية).
سابعاً، المراسيم العادية لا تحتاج الى الإجماع، بل يوقعها معظم الوزراء، أي أكثر من الثلثين، ولا يعود بمقدور وزير أو اثنين تعطيلها بعدم توقيعها.
ثامناً، الالتزام من كل الكتل بالنزول الى المجلس النيابي، على أن يوضع قانون الجنسية وقانون الانتخاب على جدول الأعمال.
تاسعاً، استمرار المشاركة في أعمال طاولة الحوار الوطني.
وعُلم أن الرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون والنائب وليد جنبلاط وقيادتي «حزب الله» و «المستقبل» أبدوا موافقتهم على الاقتراح، على أن يتم الوقوف على رأي قيادة الجيش في موضوع الترقيات العسكرية واستكمال نصاب المجلس العسكري «تفادياً لأي خلل في التراتبية العسكرية»، وهي النقطة التي ركز عليها جنبلاط، فيما أبدى «حزب الله» وحركة «أمل» حرصهما منذ اللحظة الأولى على إبلاغ المعنيين أنهما يوافقان على ما يوافق عليه العماد عون.
وقالت مصادر معنية بالاتصالات لـ«السفير» إن كل عناصر التوافق السياسي على الاتفاق باتت مكتملة، بما فيها موافقة العماد عون، لكن ثمة إشكالية محصورة أولاً بموقف رئيس حزب «الكتائب» سامي الجميل (ثلاثة وزراء في الحكومة) وموقف رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان (بوصفه رئيساً لكتلة وزارية من خمسة وزراء)، وهذا الأمر استوجب تكثيف الاتصالات من جانب كل من «تيار المستقبل» والنائب جنبلاط بقيادة «الكتائب» التي كانت قد احتجت على استبعادها من الاجتماع الذي عقد الأسبوع الماضي في مكتب رئيس مجلس النواب في ساحة النجمة على هامش جلسة الحوار الوطني للبت بموضوع الترقيات.
واجتمع وزير الصحة وائل أبو فاعور، أمس، بتكليف من جنبلاط، على التوالي، بكل من الرئيس سليمان فالنائب سامي الجميل، «وبرغم موقفهما المبدئي المتعلق خصوصاً بالحرص على المؤسسة العسكرية، فإنهما يتمتعان بروح المسؤولية الوطنية العالية وهما يستشعران حجم المخاطر المحدقة بالبلاد، ولذلك نعوّل على حرصهما لأجل إنجاز هذه التسوية لأن البديل هو استمرار تعطيل مؤسسات الدولة»، على حد تعبير أبو فاعور، موضحاً لـ «السفير» أنه سيكثف مشاوراته بالتنسيق مع قوى سياسية أخرى في الوجهة نفسها، خصوصاً أن عامل الوقت بات يضغط على الجميع. وأشار الى أن الأجواء غير مقفلة والكل يقدِّر خطورة المرحلة.
النهار :
غداً موعد جديد لاستحقاق قديم يبدو ان الاطراف المؤثرين في القرار غير مستعجلين لبته، بدليل أن الرئيس الايراني حسن روحاني قال للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لدى مفاتحته إياه بأمر الرئاسة اللبنانية "إن الموضوع اللبناني يقتضي مزيدا من البحث وستكون زيارتي لباريس في تشرين الثاني المقبل مناسبة لاستكمال البحث". وفسر مصدر لبناني ذلك لـ"النهار" بأنه دفع ضمني من الجانب الايراني الى مزيد من التريث. وقال رئيس الوزراء تمام سلام ان الرئيس الفرنسي لم يتوقف عن اجراء اتصالاته في شأن الملف الرئاسي، لكنه أرجأ زيارته للبنان (التي كانت مقررة في 23 و24 تشرين الاول) ربما الى شهر تشرين الثاني كي تتوافر لها ظروف النجاح.
وكشف مصدر بارز في الوفد اللبناني الرسمي الى الأمم المتحدة ان لقاء الرئيس سلام والرئيس هولاند اكتسب أهمية مضافة بعدما سبقه لقاء الرئيس الفرنسي والرئيس الايراني. وأوضح ان الرئيس هولاند تحدث مع سلام عن أربعة أمور أساسية هي استمرار الجهود الفرنسية لتعزيز الحفاظ على المؤسسات اللبنانية، وتشديده على مضي بلاده في دعم الجيش اللبناني وتأكيده مجددا أهمية انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت. وتحدث ايضا عن موضوع اللاجئين السوريين، وتطرق الى موضوع زيارته المزمعة للبنان من غير ان يحدد موعدها لافتا الى ان هذه الزيارة يجب ان تكون مفيدة.
وكانت دوائر مجلس النواب وزعت امس الدعوة الى الجلسة الـ29 لانتخاب رئيس للجمهورية ظهر غد الاربعاء. وتأتي هذه الجلسة بعد جلسات الحوار الثلاث التي رأسها الرئيس نبيه بري في المجلس وكان محورها الرئاسة.
الحكومة والترقيات العسكرية
حكومياً، لم يحدد الرئيس سلام موعدا للجلسة المقبلة لمجلس الوزراء في ظل الخلاف المستمر على آلية عمل الحكومة والترقيات العسكرية. وفي هذا الاطار أبلغ مصدر وزاري "النهار" ان الآلية التي ستعتمد في الترفيع العسكري يجب ان تشمل كل القرارات، مما يعني ان قرار ترفيع العميد شامل روكز مع اعتراض مكونين او ثلاثة في الحكومة سيصير آلية تعتمد في كل القرارات الامر الذي يسقط كل آلية للتعطيل، وهذا الاقتراح لم يلق قبولا حتى الساعة لدى مكونات الثامن من آذار.
وعلمت "النهار" أن اللقاء الذي جمع الرئيس ميشال سليمان ووزير الصحة وائل ابو فاعور موفدا من النائب وليد جنبلاط تناول مقترحاً للصيغة المطروحة حاليا للترقيات في الجيش يقضي بصرف النظر عن ترقية العمداء كما هي مطروحة اليوم لأنها تفتقر الى المعايير القانونية والعدالة والاسبقية واستبدالها بتمديد خدمة كل عميد يبلغ سنّ التقاعد سنة واحدة الى حين انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهذا الامر يشمل 23 عميداً فقط ولا يحمّل الخزينة أعباء مرهقة. لكن هذا المقترح لا يلقى قبولا حتى الآن لدى العماد عون، لذا يجري تداول فكرة أن يمضي العميد شامل روكز الى التقاعد على أن يعيّن لاحقا سفيرا إسوة بزميله العميد جورج خوري.
النفايات والمطالب
حياتياً، استمرت النفايات مكدسة في الشوارع وهي تهدد بكوارث اذا تساقطت الامطار اليوم كما هو متوقع، وحذر الوزير أكرم شهيب من أهداف كامنة وراء رفض تنفيذ الخطة التي اقترحها لمعالجتها والتي عرض الحراك المدني أمس خطة بديلة منها سيرد عليها شهيب وخبراء في مؤتمر يعقد بعد ظهر اليوم.
في المقابل، تزداد وتيرة المطالب، وباتت تهدد الامن الاجتماعي في حال عدم الاستجابة لها، وآخرها تحذير من اضرابات ترافق بدء السنة الدراسية، كما أعلن نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض الذي قال لـ"المركزية" إن أعضاء هيئة التنسيق النقابية سيدرسون اليوم امكان الدعوة الى الاضراب في الأسبوع الأول من تشرين الاول المقبل تحت عنوان "سلسلة الرتب والرواتب".
وأفاد محفوض "ان التحرك الموسّع لهيئة التنسيق سيترافق مع بدء العقد التشريعي في أول ثلثاء بعد 15 تشرين الاول، في حال عقدت جلسات تشريعية من دون ادراج ملف السلسلة على جدول الاعمال، فإن العام الدراسي الحالي سيكون مختلفاً عن العام الفائت، وسنعود الى الشارع وننفذ اعتصامات وندعو الى تظاهرات".
جنبلاط والفساد
في غضون ذلك، كتب رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط في موقفه الأسبوعي لجريدة "الأنباء" أنه لا بد من انطلاق "معركة مكافحة الفساد وضبط الهدر في مختلف المرافق العامة والإدارات الحكومية والمؤسسات الرسمية". وتساءل: "ما هي الأسباب التي لا تزال تعترض انطلاق توسعة الحوض الرابع في مرفأ بيروت؟... لماذا يتحكم أحد المديرين بوزارة الاتصالات حيث لا يستطيع أكبر وزير أن ينفذ خطة تطوير القطاع من دون موافقته؟ ومن هي الجهات السياسية التي تغطي هذا المدير؟ وهل يجوز أن تكون هناك مناطق لبنانية لا تزال محرومة خدمات الانترنت؟ ولماذا لا يستفاد من خطوط الألياف الضوئية(Fiber Optic)؟ وهل يجوز أن تكون كلفة الإنترنت باهظة الى هذا الحد؟"
المستقبل :
تحول منتدى زعماء العالم، في الجمعية العامة للأمم المتحدة، الى ميدان لتقاذف مصير بشار الأسد. فريقان متفقان على وجوب البحث عن حل سياسي سريع للأزمة السورية، بعدما وصلت شظاياها الى «دار الغرب» مع مئات آلاف الضحايا الباحثين عن ملجأ. الخلاف على حل مع الأسد أو من دونه، معه لكونه حاجة لا بد منها كما يتذرع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لقتال «داعش» وتسنده في ذلك إيران التي وجدت منذ زمن في طاغية دمشق خادماً مخلصاً لمصالحها، أو من دونه لأنه «طاغية قاتل أطفال» كما وصفه الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس ويتفق معه في ذلك معظم الأوروبيين والعرب وتركيا وقبلهم الشعب السوري الذي ذاق الأمرين.
المشهد مخزٍ فعلاً. الأسد «الممانع» أسير جحره الضيق المحمي بقوات روسية وإيرانية، فيما مصيره معلق على مساومات مفتوحة في بورصة السياسة الدولية حيث كان الغائب الأكثر حضوراً على منبر الأمم المتحدة وفي أروقتها.
فقد دار جدال علني بين الرئيسين الأميركي ونظيره الروسي قبيل اجتماع الأمس، أمام أعين الجمعية العامة للأمم المتحدة أظهر أن الزعيمين على طرفي نقيض في التعامل مع الأزمة السورية. ففي حين وصف الرئيس الأميركي الأسد بالطاغية قاتل الأطفال، وبأنه الجاني الرئيسي في الحرب السورية التي قتل فيها على مدار السنوات الأربع مئتا ألف شخص على الأقل إضافة لملايين المشردين، قال الرئيس الروسي للمجتمعين من قادة العالم إنه لا بديل عن التعاون مع نظام دمشق في المساعي الرامية لهزيمة تنظيم «داعش» الذي استولى على مساحات واسعة من أراضي سوريا والعراق.
وفاجأ أوباما قادة العالم وفي مقدمهم بوتين بخطاب ناري ووصف الديكتاتور السوري حليف موسكو بـ»الطاغية قاتل الأطفال» وإجرامه بحق شعبه بمثابة «اعتداء على الإنسانية جمعاء».
والمفاجأة في كلمات أوباما ليست في شدة الأوصاف التي أطلقها ضد الأسد إنما في كونها تأتي بعدما تهيأ لروسيا وإيران والنظام السوري أن الغرب قد عدل عن موضوع إنهاء حكم الأسد وقنع ببقائه في الحكم الى حين إعادة تنظيم البيت الداخلي السوري وإجراء انتخابات ديموقراطية.
ووضع أوباما النقاط على الحروف ليوقظ الأسد وحلفاءه من أحلامهم الذهبية ويؤكد لهم أن «نقل السلطة من الأسد الى رئيس جديد يجب أن يحدث لكي يشرع الشعب السوري في إعادة بناء بلده». ومد الرئيس الأميركي يده الى الجميع مبدياً استعداده «للتفاوض مع أي دولة بما في ذلك روسيا وإيران، من أجل حل للأزمة السورية التي راح ضحيتها مئات الآلاف وتشرد بسببها الملايين من منازلهم». أضاف «على الجيمع أن يدركوا أنه لم يعد ممكناً العودة الى الوضع السابق في سوريا بعد سفك كل هذه الدماء وكل هذه المذابح التي ارتكبت بحق الشعب السوري». وأوضح أن «أي استقرار طويل الأمد يمكن أن يتحقق فقط عندما يُبرم السوريون اتفاقاً من أجل العيش بسلام».
وشدد أوباما على أن «الواقعية تفرض علينا وجوب التفاوض وتوحيد الصفوف من أجل القضاء على تنظيم داعش الإرهابي الذي يسيء ببربريته وعقيدته الأبوكاليبتية الى الإنسانية والإسلام. ولكن الواقعية نفسها أيضاً يجب أن تحتم علينا بدء عملية انتقالية واضحة يغادر الأسد بموجبها الحكم ويسلم السلطة الى رئيس جديد والى حكومة شاملة تنهي هذه الفوضى العارمة في سوريا وتسمح للشعب السوري بإعادة البناء«.
وبدا الانزعاج الشديد على محيا الرئيس الروسي وهو يلقي كلمته التي جاء ترتيبها الزمني في وقت لاحق من خطاب أوباما، فقد أفرغت كلمات الرئيس الأميركي كلمة القيصر الروسي من مضمونها. وجاء خطاب بوتين فاقداً للصلاحية عندما تطرق الى الملف السوري وتحدث عن وجوب تشكيل تحالف دولي شامل ضد داعش يضم بما في ذلك الدول الإسلامية، ونصح بضرورة إشراك الأسد في هذا التحالف واصفاً رفض الغرب التعاون مع الرئيس السوري حتى الآن بـ«الخطأ الجسيم».
تلك الكلمات كانت لتؤتي أكلها لو أن خطاب أوباما لم يأتِ شديد الوضوح بشأن مستقبل الأسد. وربما الجديد الوحيد في الخطاب الروسي كان تأكيد بوتين أن بلاده لا تمتلك أي طموحات في سوريا.
الديار :
في زمن همشت فيه الامم المتحدة، وتزعزعت شرعيتها، في بعض الحالات، واصبحت قراراتها غير قابلة للتنفيذ وحل الخلافات في دول العالم، مما ادى الى حروب ودمار وخروج عن كل المواثيق والاعراف الدولية. وقد رافق ذلك اتخاذ قرارات احادية الجانب، الامر الذي يتعارض مع مبادئ الامم المتحدة حتى استعادت الاخيرة جزءاً من دورها واهتمامات العالم من خلال الازمة السورية التي اخذت كل الاهتمامات وسرقت الاضواء، وحازت على كل خطابات الجمعية العمومية للامم المتحدة في دورتها السبعين وبالتالي كانت الازمة السورية «نجم» الدورة السبعين في حضورمعظم قادة العالم، وفي مقدمهم الرئيسان الاميركي والروسي باراك اوباما وفلاديمير بوتين الذي يحضر الدورة الاممية للمرة الاولى منذ 10 سنوات.
كما حضر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس الوزراء البريطاني كاميرون والرئيس الصيني والرئيس الايراني حسن روحاني الذي التقى الرئيس الروسي بوتين قبل ان يغادر الى بلاده بسبب مشاركته في تشييع جثامين الحجاج.
واللافت ان كلمتي الرئيسين الاميركي والروسي فصلت بينهما ساعة تقريباً، وحظيا باهتمام العالم من باب الازمة السورية. وكانت مواقفهما نارية وعبرت عن الانقسام الدولي والغربي حولها. والبارز ان خطابي الرئيسين الاميركي والفرنسي حملا هجوماً عنيفاً على شخص الرئيس الاسد ووصفاه بالديكتاتور... وانه لا يمكن التعامل معه ولا يمكن التعامل مع شخص يلقي البراميل المتفجرة على شعبه، فيما دافع الرئيس بوتين عن الرئيس الاسد، مؤكداً انه من الخطأ العمل لحل الازمة السورية من دون الرئيس الاسد واعلن دعمه للجيش السوري وللحكومة الشرعية.
وبعيدا عن الازمة السورية كان لافتاً ان اوباما ابدى رغبة واشنطن بالانسحاب من المشاكل الدولية ولم يقدم نفسه كزعيم للواجهة الغربية في ظل تأكيد رفضه العودة للحرب الباردة، ولذلك فان اوباما اكد على التعاون مع روسيا وايران لحل الازمة السورية، ولم يظهر كأنه يضع خطوطاً حمراء لروسيا في سوريا، فيما الرئيس الروسي استطاع من خلال خطابه قلب الطاولة ويفرض سياسة بلاده في المنطقة وفي عدة مسائل دولية محبطا اي محاولة لعزله وعزل بلاده من قبل اخصامه السياسيين. بالتالي فان مناخات الحرب الباردة سيطرت على اجواء الجمعية العمومية رغم تأكيد اوباما انه لا عودة للحرب الباردة مع موسكو، وبالتالي ظهر اوباما وبوتين نجمي الدورة السبعين.
اما باقي الكلمات فتمحورت حول الملف السوري ايضاً، فيما تطرق بعض رؤساء الدول للملف اليمني وسبل مواجهة الارهاب. لكن البارز ان فلسطين غابت كلياً عن اهتمام خطابات رؤساء الدول ولم يتطرق اوباما ولا بوتين للموضوع الفلسطيني والاستيطان الاسرائيلي، بعد ان قفزت الازمة السورية الى الواجهة وتصدرت كل النقاشات.
ـ اوباما: لا مستقبل للاسد ـ
قال الرئيس الاميركي باراك أوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك امس إن الولايات المتحدة لا تريد العودة إلى الحرب الباردة، مشيرا الى ان واشنطن على مدى العامين الماضيين قامت وبمساعدة روسيا والصين بالتوصل لاتفاق نووي مع إيران. وانتقد ضمنيا موقف موسكو الداعم للحكومة السورية الشرعية، قائلا إن «هناك من يدافع عن الرئيس السوري بشار الأسد بدعوى أن البديل هو الأسوأ» الا انه في الوقت ذاته ابدى استعداده للتعاون مع روسيا وايران لحل الازمة السورية داعيا إلى مرحلة انتقالية مدروسة لا تشمل الرئيس السوري بشار الاسد والذي وصفه بالطاغية وقاتل الاطفال. وشدد على أنه «لا يمكن حل النزاعات باللجوء إلى القوة ومفاهيم العنف» معتبرا أن «أي حل يفرض في القوة في أي مكان يكون مؤقتا وغير دائم»، مشيرا الى أن «الديكتاتوريات وسجن المعارضين يظهر هشاشة الأنظمة» التي تقوم بها.
وحول محاربة الارهاب، شدد اوباما على انه لا يمكن القبول «بقوة إرهابية كتنظيم الدولة الإسلامية»، مشيرا إلى عزم بلاده على الاستمرار في استخدام القوة العسكرية في مواجهتها، مطالبا جميع دول العالم المشاركة في تلك المواجهة لا سيما الدول الإسلامية منها بإثبات براءة الإسلام من هذه الأفكار المتطرفة.
وحول الازمة الاوكرانية، برر اوباما موقف بلاده بفرض عقوبات على روسيا نتيجة سياستها في اوكرانيا وتدخلها المفرط في شؤون هذه الدولة. وهاجم سياسة بوتين في أوكرانيا لكنه نفى نية واشنطن عزل موسكو، كما انتقد سياسة بوتين في اللجوء إلى القوة في حل النزاعات الدولية. وقال: «لا يمكننا الوقوف مكتوفي الأيدي إزاء ضم القرم وتهديد أوكرانيا.. لا مصالح لنا في أوكرانيا لكننا لن نقبل بتكرار سيناريو ضم القرم».
وفي نطاق متصل، قال الرئيس الاميركي إن بلاده عملت خلال سنوات عمر الجمعية العامة للأمم المتحدة السبعين مع عدد من أعضاء الجمعية رغم النزاعات التي أزهقت أرواحاً كثيرة في مختلف أنحاء العالم على منع اندلاع حرب عالمية ثالثة بسبل مختلفة من بينها بناء نظام دولي يدعم ديمقراطيات الدول وبناء نظام دولي يقر بالمساواة بين جميع الشعوب.
الجمهورية :
إستأثر ما أعلنه رئيس الحكومة تمام سلام عن إرجاء الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند زيارته الى لبنان، «ربما الى شهر تشرين الثاني»، بكل الاهتمام السياسي، ذلك أنّ هذا الإرجاء يؤشر بوضوح إلى تعقيدات اللحظة السياسية الإقليمية وصعوبة تحقيق خرق رئاسي في لبنان، خصوصاً أنّ الرئيس الفرنسي كان عازماً على زيارة تأتي بنتائج فعلية بعيداً من الزيارات البروتوكولية، وبالتالي عندما أيقنَ استحالة تحقيق هذا الخرق أو الإعلان بالحد الأدنى عن إيجابيات مرتقبة فضّلَ ترحيلَ زيارته إلى موعد لاحق. وفي مؤشر بالغ الوضوح إلى التعقيدات المشار إليها، التباين الأميركي- الروسي في الرؤية إلى دور الرئيس السوري بشار الأسد بين الرئيس الأميركي باراك اوباما الذي وصف الأسد بالطاغية ورفض العودة إلى الوضع الذي كان قائما قبل الحرب، وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي أكد ان قوات الأسد وحدها قادرة على محاربة «داعش». ولكن أكثر ما استوقف المراقبين ثلاثةُ أمور أساسية: الأمر الأوّل أنّ سلام لم يحسم موعد الزيارة المؤجلة في تشرين الثاني. والأمر الثاني أنّ إعلان التأجيل صدر عن رئيس حكومة لبنان قبل أن تعلن الرئاسة الفرنسية رسمياً هذا التأجيل. والأمر الثالث وجود معطيات فرنسية عن أنّ طهران في غير وارد تحريك الوضع في لبنان قبل تحريك التسوية السورية في مقايضة تتردّد بقوة داخل أروقة قوى 8 آذار. ولا يجب إغفال التطور الروسي في الملف السوري الذي قد يكون متصلاً بالموقف الفرنسي المستجد من الزيارة الرئاسية الفرنسية إلى لبنان. وفي موقف قد يفسِّر أسباب الإرجاء، أكد سلام أنّ «المجتمع الدولي مشغول بنفسه وبالأزمة السورية»، الأمر الذي لا يمكن وضعه سوى في سياق حصيلة مداولات سلام مع رؤساء الوفود. أفضلُ توصيف أو تشخيص للمرحلة الراهنة في لبنان أعطاه ديبلوماسي غربي في جلسة مغلقة، فقال إنّ لبنان يعيش تناقضاً بين حوارات لا تعَدّ ولا تحصى في ظلّ حراك سياسي استثنائي، وتعطيلٍ متمادٍ عجزَت كلّ الحوارات القائمة عن تحقيق أي خرق سياسي على أي مستوى. وأضاف: وفي موقف تعويضي يأتيك من يقول إنّ التعطيل يبقى أفضل من الفوضى، وهذا صحيح، ولكن لا يبرّر الاستسلام للتعطيل.
وفي سياق التناقض نفسه تساءل الديبلوماسي عن كيفية التوفيق بين كلام البعض عن ضعف موقع رئاسة الجمهورية، وبين أنّ الفراغ الرئاسي أدى إلى شلّ معظم مؤسسات الجمهورية اللبنانية، الأمر الذي يدحض الترويج لضعف الرئاسة الأولى ويؤكد على محورية دورها الوطني؟
وانطلاقاً من دقّة هذا التشخيص قالت أوساط سياسية بارزة لـ«الجمهورية» إنّ كلّ القوى السياسية دون استثناء تعمل وفق سياسة شراء الوقت بانتظار مآلِ التطورات الإقليمية التي رُبِطت بالنووي وأصبحت مربوطة اليوم بالدور الروسي في سوريا والمنطقة في ظل معلومات لـ«الجمهورية» عن دخول روسي بقوة على خط الدفع لانتخاب رئيس جديد في لبنان.
مساع لتسريع التسوية
وقالت أوساط قيادية بارزة لـ«الجمهورية» ان قبل الموعد المرتقب للحوار في 6 و7 و8 تشرين المقبل يجب إنهاء أزمة النفايات، وإتمام التسوية الحكومية، من أجل إعطاء الفرصة اللازمة لهذه الثلاثية أن تحقّق النتائج المرجوّة، وكشفَت عن اتصالات ومساعٍ لإطلاق الخطة وتسريع التسوية الحكومية إفساحاً في المجال أمام الحوار للتفرّغ للملفات الأخرى بدءاً من الملف الرئاسي وصولاً إلى إعادة تحريك العمل الحكومي والمجلسي.
ورأت الأوساط أنّ الحوار جاء في توقيت ذهبي، حيث استبق المبادرة الروسية وأزمة اللاجئين التي حرّكت الدول الأوروبية من أجل تسريع إنجاز التسوية السورية، فأوجَد بيئةً لبنانية حاضنة لأيّ تحوّل في الأزمة السورية قادرةً على تلقّف التحوّلات المنتظرة من موقع المساحة المشتركة المتمثّلة بالحوار.
وأشارت إلى أنّ المطلوب في هذه المرحلة التبريد السياسي لإبقاء لبنان بمنأى عن تأثيرات وانعكاسات التحوّلات المرتقبة، ولفتَت إلى أنّ التوقعات والانتظارات من الحوارات القائمة يجب أن تبقى متواضعة، لأن لا حلول فعلية للأزمة الرئاسية وغيرها قبل أن تتظهّر معالم التسوية الإقليمية.
وقالت الأوساط إنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري يتحرك في ظل بيئة إقليمية ودولية مواتية لتحييد لبنان عن أتون الحرب السورية والحفاظ على الاستقرار السياسي والأمني. واعتبرَت أنّ لقاءات رئيس الحكومة في نيويورك أكدت على هذه الرعاية الدولية الاستثنائية للبنان.
هولاند يؤجل زيارته
وفي موقف يعكس ضبابية المشهد السياسي واستحالة تحقيق أيّ خرق سياسي يُذكر، قال سلام «إنّ الرئيس هولاند أرجأ زيارته الى لبنان ربما الى شهر تشرين الثاني، كي تتوفّر ظروف النجاح لهذه الزيارة»، وأوضح أنّ هولاند لم يتوقف عن إجراء اتصالاته بشأن الملف الرئاسي»، واعتبَر، في دردشة مع الصحافيين المرافقين له إلى افتتاح أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك، أنّ «المجتمع الدولي مشغول بنفسه وبالأزمة السورية، إضافةً الى مواضيع اخرى تتصدّر المحادثات في الامم المتحدة»، مشيراً إلى أنّ «لبنان يحضر دائماً على أجندات اللقاءات في نيويورك، ولكن على مستوى الحلّ لا شيء ملموس».
وعن المساعدات قال: «إنّ المجتمع الدولي يريد أموالاً وهو يتعاطى بجدّية اكثر مع ملف اللاجئين، كونه طرقَ ابواب اوروبا وأدركَ أنّه مقصّر في هذا الإطار». ووصَف سلام خطاب الرئيس الاميركي باراك اوباما في الجمعية العمومية بالمدروس جداً، مشيراً إلى «أنّه يحتوي على مقاربات لمواضيع عدة، أبرزها الملف السوري».
وكان سلام التقى هولاند في مقر إقامة الاخير في فندق لانغهام في نيويورك، وتم البحث في الاوضاع والتطورات في لبنان والمنطقة إضافة الى أعمال وإجتماعات الجلسة العمومية للأمم المتحدة.
الجلسة 29
وتشهد ساحة النجمة غداً الجلسة التاسعة والعشرين لانتخاب رئيس الجمهورية التي لا مؤشرات تدلّ على اختلاف نتائجها عن ما سَبقها من جلسات، في ظلّ مقاطعة تكتّل «التغيير والإصلاح» ونواب كتلة «الوفاء للمقاومة» لجلسات الانتخاب.
وفي السياق، توَقّع النائب جمال الجرّاح عبر الـ«الجمهورية» أن «يكون مصير جلسة الغد شبيهاً بسابقاتها نتيجة المقاطعة المعروفة»، مؤكّداً أنّ «نواب «14 آذار» سينزلون الى المجلس للقيام بواجبهم الدستوري».
وقال الجرّاح إنّ «عون لا يتحمّل وحده مسؤولية المقاطعة والفراغ، بل إنّ «حزب الله» ومِن خلفِه إيران تريد إبقاء الرئاسة رهينة في يدها للتفاوض عليها وتحسين أوضاعها في المنطقة».
وعن إمكانية قيام تيار «المستقبل» بمبادرة تجاه عون أو «حزب الله» للوصول الى تسوية رئاسيّة داخلية، اعتبر الجرّاح أنّ «عون و»حزب الله» هما أداة في يدّ إيران تستعملهما لتعطيل الرئاسة، والمبادرة تجاههما لا تنفع لأنّ القرار ليس معهما».
وأشار الجرّاح الى انّ «الجديد في الملفّ الرئاسي هو الاندفاعة الفرنسية وتكثيف الديبلوماسيّة الفرنسية ضغطَها في اتجاه إيران للإفراج عن الرئاسة، وتأكيد الرئيس أنّ الرئاسة اللبنانية أولوية بالنسبة للفرنسيين، يضاف إليه الضغط الذي يمارسه قداسة البابا فرنسيس ومحاولته خرقَ الجمود الرئاسي، ونأمل خيراً أن توصِل مساعي فرنسا التي تدعم الدولة اللبنانية وليس فريقاً واحداً، ونشاطُ البابا، إلى إتمام الاستحقاق الرئاسي».