«الحقيقة التي يبحث عنها اللبنانيون صدرت اليوم. المحكمة لم تعد تبحث عنها، بل انتقلت إلى إذلال الإعلام في لبنان». هكذا تُعلق نائبة رئيس مجلس إدارة قناة «الجديد» كرمى خياط على قرار إدانتها بـ«جرم» عدم الامتثال لقرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، إزالة فيديوهات عن موقعها الإلكتروني. وحكم الإدانة صدر رغم أن الخياط أثبتت غياب أي دليل على كونها تسلّمت رسالة من المحكمة تتضمن «أمر» إزالة الفيديوهات المشكو منها، وهي تحقيقات استقصائية عن بعض شهود الادعاء، من دون إظهار هوياتهم أو التلميح لها.
بعد مرور أكثر من عام على بدء محاكمة الخياط و«الجديد»، أقرت المحكمة بأن التحقيقات المنشورة لم تؤثر في «حسن سير العدالة»، الا أنها أصدرت أمس حُكماً على خياط بغرامة قدرها 11 ألف يورو اليوم، على أن تُسدد بالكامل بحلول الثلاثين من تشرين الأول المُقبل. الحُكم أتى «مُخفّفاً» نسبة إلى المطالب المبالغ بها التي صرّح بها ممثل الادعاء بالمحكمة سلوبودان زيسيفتش، الذي طالب بسجن خياط سنة وتغريمها 100 ألف يورو، على اعتبار أن «الصحافية لم تُبدِ ندماً أو أسفاً وتفرض المحكمة إخفاء هوية الشهود في هذه القضية لأسباب أمنية». «أين هي مهنية المحكمة التي طالبت بسجني لمدة سنة لأنني مُتعجرفة، هل نكون كذلك إذا توجهنا لهم بالحقيقة؟ يبدو أنهم متأثرون بالأنظمة القمعية»، تقول خياط في اتصال مع «الأخبار».
المسؤولون يفرحون بأدائنا، ولكنهم يتفرجون وكأنهم معتادون وجودَ وليّ أمر
المحكمة الدولية «عطلت عملنا على مدى سنتين قبل أن تُصدر الحُكم الأساسي بإعلان براءتنا، ما يعني عجم وجود خطأ مهني وعدم تعريض حياة أي شاهد للخطر». ولكن يبدو أن محكمة لاهاي «لم تكتفِ بالأموال التي دفعها لها الشعب اللبناني، فتريد تحصيل المزيد». وتسأل خياط في هذا الإطار: «أين هي الدولة؟ المسؤولون يفرحون بأدائنا، ولكنهم يتفرجون وكأنهم معتادون وجود وليّ أمر، وفي هذه الحالة هي المحكمة التي قفزت فوق السيادة اللبنانية».
الخطوات المُقبلة تتحفظ عنها «المدانة». المُحامون يتابعون موضوع استئناف الحكم، «أما نحن فجميع الخيارات مفتوحة أمامنا، إلا أن الأكيد أنه سيكون هناك تصعيد. قناة الجديد قي مواجهة مُستمرة، لذلك لن نسكت ولن نقبل بالإدانة».
بالنسبة إلى خياط، السؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو «كيفية استرداد الحقّ الذي سلبته المحكمة، لأن ما حصل هو إهانة ووظيفتنا ليست حفظ ماء وجهها. بدي استرد حقي».
وكان محامي الدفاع عن خياط في «محكمة لاهاي» قد أكدّ أنه «لا يحق للادعاء أن يقول إنه يجب فرض مئة ألف يورو غرامة على قناة الجديد». أما رئيس المجلس الوطني للإعلام عبد الهادي محفوظ، فقد أكد الوقوف إلى جانب خياط «وإلى جانب الحريات الإعلامية، ونرى أنّ على المحكمة الدولية، ومن أجل صدقيتها، أن لا تتورط في حكم على كرمى». محفوظ كان الجهة الرسمية شبه الوحيدة التي غردت خارج السرب مُعلنة تضامنها مع «الجديد» ونائبة رئيس مجلس إدارتها. وقد تطرق إلى الحكم بعد اجتماع المجلس، فأمل من المحكمة أن «تعتبر كرمى خياط بريئة، ذلك أنها في المسائل الأساسية التي بنت عليها تقديراتها السابقة في الاتهام كانت المحكمة تعتبر أن ما قامت به الجديد قد يؤدي إلى تحقير المحكمة وعرقلة سير العدالة وإلى تهديد حياة الشهود. وقد تبين للمحكمة أن مثل هذه الأمور لم تحصل ولم تتم»، مُتمنياً على الدولة اللبنانية أن تُبرئ خياط.
وبالتزامن مع انعقاد جلسة المحكمة في لاهاي يوم أمس، تداعى عدد من الصحافيين والإعلاميين إلى وقفة تضامنية أمام مبنى «الجديد» شارك فيه عدد من الزملاء الذين أعلنوا وقوفهم إلى جانب خياط. وأطلقت القناة وسم «# قضاء_على_مين» وشعار «عشرة آلاف مرّة القضاء معنا».
تقول خياط إن «التضامن موجود من الإعلاميين وسياسيين ينتمون إلى الأطراف كافة، ولكن هذا لا يعني أي شيء أمام انتهاك سيادة لبنان». الغائب الوحيد عن الساحة، بالنسبة إلى خياط، هو وزير الإعلام رمزي جريج «وكيل سوليدير والحائر بين دوره كوزير ووظيفته كمحامٍ». علماً بأن جريج كان قد صرّح أمس مُهنئاً «الجديد» وخياط على النتيجة التي انتهت إليها قضيته ومُثنياً على موقفها بالمثول أمام المحكمة. وقال إنه كان يتوقع أن «تكون العقوبة التي يمكن أن يحكم بها على خياط مقتصرة على غرامة نقدية باعتبار أنها بُرئت من التهمة الأساسية ولم تدَن إلا بتهمة عدم الامتثال لقرار صادر عن المحكمة».