كانت الكنيسة في يومٍ من الأيام تبيع تذاكر لدخول الجنَّة ، وتعالج السُّعال الديكي بلبن الحمير، وكانت تحرق الساحرات والقطط والكتب "بمفهومها التضليلي" في الساحات العامة..
وبحسب التاريخ الفرعوني وفي آشور كان الكهنة يُتقنون فنَّ الكتابة كحرفةٍ للتضليل أكثر من بثِّ الوعي..
وأما المؤسسة الدينية هي أشبه بالمؤسسة الكهنوتية التي بدورها كرَّست المنهجية المتبعة في آشور والمعبد الآموني، التي عبَّر عنها الإمام الخميني في كتابه الجهاد الأكبر (بأنها أصبحت تثير المشاكل وتعيق الإختلافات لأغراض شخصية ومنافع دنيوية ،ويخلقون البلابل، ويتنافسون على أمور خطيرة،وهم بذلك يخونون الإسلام والقرآن،ويخونون الأمانة الإليهة التي تكفَّلوا بحملها وحفظها)..
وأما في واقعنا العربي والإسلامي يجتمع ثلاثي من الكهنوت،والجِبتِّ، والطَّاغوت، في تجهيل المواطن العربي والإسلامي ،كما كان قديماً بإستخدام صكوك الغفران، وبيع الجنَّة بالأمتار، وحديثاً بصكوك أخرى مشابهة..
بل يجتمع أكثر من ثلاثة، ولكلٍ له سلاحه الخاص..فالكهنوت يغتال العقل بالوهم، والجِبت يُغيِّب الوعي تحت غبار الكلمات، والطاغوت يستعبد الناس بالقوة..
وما ينطبق عليه مفهوم الكهنوت هم وعاظ السلاطين ورجال الدِّين من طبقة القضاة ومن طبقة المفتيين والخطباء وقُرَّاء العزاء والتربة ،الذين يتقنون فنَّ اللحن في القول، وهم بذلك لا يختلفون عن كهنة آمون في شيء سوى الإسم..
وأما الجِبت ينطبق على مثقفي السلطة المتأهبين دائماً والمستعدين على الدوام لطلي المساحيق على أَرجُلِ البابوات باعتبار مصدر نِعَمهم وبركاتهم الأرضية والسماوية وما بينهما...
وأما الطاغوت فمن مصاديقه روؤساء البلاد والعباد ممن يُتقنون ويتفننون في ظلم الناس وقهرهم ، ويقف إلى جانبهم قادة الأحزاب القهرية والعنفية والمصادِرة لحقوق الغير، وهم المفسدون في الأرض المشتغلون بتجارة الأكفان والأوطان، ولصوص الهيكل الجديد ممن يتزينون بزي العفَّة والدِّين والطهارة..
.ولهذا نرى أنَّ الكهنوت والكاهن والجِبت والمثقف والطاغوت كلهم متفاهمون ومتناغمون ومتعاونون تحت نعمة الإله آشور..
.وهذا ما حدَّثنا به التاريخ من أنَّ فرعون وسيد الكهنة يخرجان على جمهورٍ مخدَّرٍ،فيوحي بعضهم إلى بعضٍ زُخُرُف القول غروراً، وإنَّ فرعون من نسل الإله، فتخرُّ له الجِباه ساجدين، والقرآن الكريم يشير "فاستخفَّ قومه فأطاعوه" وهكذا يُؤكل المواطن العربي والإسلامي بالطول والعرض فلا يبقى منه مواطناً،بل مسكيناً ويتيماً وأسيراً في سجنٍ كبيرٍ، تارة بإسم الوطن وتارة أخرى بإسم الدِّين.