بعد استباحته اللفظية لسيادة الدول العربية وتدخله الفظ فعلاً وقولاً في شؤونها الداخلية، معرّضاً على جاري إطلالاته المسيئة لهذه الدول مئات آلاف اللبنانيين العاملين فيها إلى خطر قطع أرزاقهم كرمى لطموحات إيران التوسعية في بلاد الشام والخليج العربي، لاقى تصريح أمين عام «حزب الله» الأخير استهجاناً بحرينياً رسمياً لما تضمنه من «تدخل سافر مرفوض في الشأن الداخلي» للمملكة يرقى إلى درجة «التعدي الواضح على سيادتها واستقلالها» كما سمع القائم بأعمال السفارة اللبنانية ابراهيم الياس عساف في الخارجية البحرينية لدى استدعائه وتسليمه مذكرة احتجاج رسمية على تصريح السيد حسن نصرالله، مع مطالبة الدولة اللبنانية بتحرك «رادع وحاسم وضمان الوقف الفوري والقاطع لكافة أشكال التدخل في الشأن البحريني» باعتبار أنّ نصرالله يتحدث باسم حزب شريك في الحكومة. الأمر الذي دفع رئيس مجلس الوزراء تمام سلام إلى المسارعة للتبرؤ باسم لبنان الرسمي من تداعيات هذا التصريح، مؤكداً أنّ «الحكومة حصراً» هي التي تعبر عن الموقف اللبناني الرسمي وليس «أي طرف سياسي حتى ولو كان مشاركاً في الحكومة».

إذاً، وغداة إعراب الخارجية البحرينية عن احتجاج شديد اللهجة رداً على تصريحات نصرالله التي «تحمل توصيفاً مغلوطاً للوضع في مملكة البحرين وترمي إلى الإساءة للعلاقات بين البلدين والشعبين الشقيقين» وفق ما نبّه وكيل الخارجية السفير عبدالله عبد اللطيف عبدالله أمام عساف، مشدداً في الوقت عينه على أنّ «البحرين ستتخذ كل ما من شأنه حماية مصالحها والمحافظة على أمنها واستقرارها وضمان سلامة شعبها»، اضطر سلام من نيويورك، حيث يواصل لقاءاته العربية والأممية والدولية وآخرها بعد منتصف الليلة الماضية بتوقيت بيروت مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند يليه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إلى إعادة تظهير حقيقة موقف لبنان الرسمي الحريص على «قيام أفضل العلاقات مع مملكة البحرين الشقيقة وجميع دول مجلس التعاون الخليجي». 

وأوضح سلام أمس قائلاً: «إن اخواننا في البحرين يعرفون طبيعة النظام اللبناني وتعقيدات الواقع السياسي في لبنان التي تسمح بظهور اجتهادات كثيرة حول مختلف القضايا، سواء الداخلية منها أو تلك المتعلقة بالمنطقة والعالم، لكننا نؤكد أنّ ما صدر في بيروت في حق البحرين لا يلزم الحكومة اللبنانية ولا يعبر في أي حال من الأحوال عن موقف لبنان الذي يعرف مكانته ومكانة أبنائه في قلوب البحرينيين وعقولهم»، مجدداً باسم «لبنان الذي عانى طويلاً من تدخل الآخرين في شؤونه الداخلية، حرصه على عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى خصوصاً الدول العربية الشقيقة التي تحتل مملكة البحرين مكانة مميزة بينها».

بري.. والحوار

في غضون ذلك، أعرب رئيس مجلس النواب نبيه بري عن أمله في أن «تثمر الجهود والمساعي التي تشهدها أروقة مقر الهيئة العامة للأمم المتحدة في نيويورك، إنجاز تسويات توقف حمام الدم الذي يضرب المنطقة ولا سيما في سوريا والعراق واليمن«، مطالباً في الوقت ذاته اللبنانيين بالاتعاظ «مما يجري من حوار على مستوى الكبار» وتأكيد أنهم قادرون «على إدارة ملفاتهم وشؤونهم وإنجاز استحقاقاتهم بأنفسهم مقدّمين مصلحة وطنهم وسلمهم الأهلي على أي مصلحة أخرى».

وإذ رفض وضع طاولة الحوار الوطني في إطار «تضييع الوقت أو ضد الحراك المدني»، شدد بري على كونها تأتي في سياق «استثمار الوقت الذي لن يكون لمصلحة لبنان إذا لم نحسن قراءة المتغيرات المتسارعة على مستوى المنطقة والعالم»، مبدياً من هذا المنطلق ثقته بقدرة «طاولة الحوار على إنجاز الكثير شرط أن تتوفر النوايا الصادقة لدى الأطراف المتحاورين».

«عين درافيل»

حياتياً، وفي مقابل التحرك الاحتجاجي المصطنع باسم أهالي الناعمة التي أكدت فعالياتها لـ«المستقبل» أنه لم يشارك فيه «سوى 13 من أبنائها»، وسط العشرات الذين حشروا وحشدوا أنفسهم أمس في وقفة رافضة لمساهمة مطمر الناعمة في تنفيذ الخطة الوطنية الشاملة لمعالجة أزمة النفايات، برز على مستوى الموقف الحقيقي لأبناء المنطقة لقاء حاشد في ساحة كنيسة عين درافيل عبيه عبّر فيه المجتمعون، من اتحاد بلديات الغرب الأعلى والشحار والبلديات المحيطة لمطمر الناعمة وبلديات الساحل بالتنسيق مع الأحزاب وهيئات المجتمع المدني في المنطقة، عن موقف موحد داعم للخطة الوطنية التي وضعها الوزير أكرم شهيب تأكيداً على إحساس أهالي هذه المنطقة «بالمسؤولية الوطنية» الملقاة على كاهلهم في إطار الدور التشاركي بين المناطق في تحمّل هذه المسؤولية.

وفي ختام لقاء «عين درافيل» أكد بيان باسم البلديات المحيطة بمطمر الناعمة موافقة المجتمعين وأهالي المنطقة وفعاليات المجتمع المدني على إعادة فتح المطمر لمدة سبعة أيام كما تنصّ خطة شهيب، مطالبين الجميع بأن يبادروا إلى «التعاطي بإيجابية وبحس المسؤولية لإنجاح هذه الخطة» ورفع المعاناة الواحدة «من بيروت إلى الجبل إلى كل لبنان».