لم تكن مأساة التدافع في منى مقتصرة على ضحايا من الحجيج الابرياء فحسب , بل كانت مأساة من نوع آخر وهي فضائح جديدة لدور المُشغَلين الصغار , الذين نقلوا التدافع إلى الساحة اللبنانية , وحولوه الى تدافع سياسي مُبتَذل , وكأن لبنان ينقصه هزّات فوق إهتزازه المُزمن , مع أنه شاء الله أن يُبعِد لبنان من مأساة التدافع في منى .
مشيئة الله , في إبعاد لبنان وأهله عن مأساة التدافع التي هي إنسانية محض وليس لها علاقة باي عنوان سياسي أو غيره , لم تُعجب زعماء المذهبية في لبنان , فأرادوا بخلاف ما أراد الله , إستغلالا لمأساة إنسانية في مشاريع سياسية , فمكروا ومكر الله والله خير الماكرين , وكل طرف منهم حاول أن يجرّ النار الى قرصه , فأصابت النار بشرارها طاولة الحوار المحروقة سلفا , وأطاحت الشرارات بملف الرئاسة إلى حين , وفرضت إعادة إنتشار جديد تمهيدا لمواجهة المرحلة الجديدة والمتغيرات على الساحة السورية .
التدافع السياسي على الساحة اللبنانية , وإن كان مُحاطا بأسقف التكاذب السياسي المعهود , والاتفاقات بين اركان السطلة المخفية على الجمهور , إلا أنه يدفع بلبنان إلى مزيدٍ من الخطر , والتوتر , والجمود , وخاصة أن ما ترشّح من فشل زيارة رئيس الحكومة الى أميركا وما سمعه هناك من أن الاولوية عند دول القرار ليس للبنان , بل ان الاولوية الان وفي هذه المرحلة بالذات هي الملف السوري , وأن دول القرار ليست الان بوارد الاهتمام بنزاعات لبنان الداخلية , وإقتصرت تصريحاتها على أنها فقط سوف تساعد على الاستقرار الامني الداخلي , وأحالت الملفات السياسية الى أهل السلطة اللبنانية .
تحويل مأساة التدافع في منى الى سجال وتدافع سياسي ونقله الى الساحة اللبنانية , وتوتيرها من قِبل قيادات لبنان مرتبطين بالخارج , هو دليل يُضاف الى الكثير من الادلة والوقائع التي تُثبت من جديد أن مصلحة لبنان وشعبه ليست في حسابات القيادات اللبنانية بشيء , وأن هذه القيادات الماسكة بالسلطة والقرار السياسي اللبناني , قد تعهدّت الدفاع عن مصالح مُشغليهم فقط لا غير .
فلبنان متروك ومهملٌ من قياداته ومن قيادات دول القرار " عسكري دبّر راسك " , هذا هو حال لبنان , أعانه الله وأعان أهله المتروكين لمشيئة الله .