إذا كانت البلاد دخلت في إستراحة فرضتها عطلة عيد الاضحى المبارك إضافة إلى سفر رئيس الحكومة إلى نيويورك لتمثيل لبنان في الإجتماعات السنوية للجمعية العمومية للأمم المتحدة، فإن هذه العطلة لم تخل من حال الترقب في ظل المراوحة التي تشهدها مختلف الملفات السياسية والحياتية العالقة على وقع المناخ المتشنج سياسياً.

فحركة الاتصالات والمشاورات لم تتوقف وقد ذهبت في إتجاهين، أولهما سياسي إذ استكملت حركة الإتصالات التي يقوم بها كل من رئيس المجلس نبيه بري ورئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط في شأن تذليل العقبات التي برزت اخيرا على التسوية المقترحة في شأن ترقية العميد شامل روكز ضمن سلة ضيقة من الترقيات. وعلم في هذا المجال أن إجتماعا عقد مساء امس خصص لمتابعة ما آلت اليه المشاورات بعدما نقل عن رئيس تيار "المستقبل" الرئيس سعد الحريري موافقته على التسوية المقترحة، فيما عُلم ان التسوية قد تسلك مسار المقايضة التي يطالب بها رئيس كتلة "المستقبل" الرئيس السنيورة الذي اعلن انه لا يرفض التسوية ولكنه يقرنها بشرط اعادة تفعيل الحكومة.
لكن مصادر مستقبلية مطلعة نفت لـ"النهار" صحة هذه المعطيات مشيرة إلى ان الموضوع لا يزال مدار تشاور ولم يسجل اي تغيير في المواقف حتى الآن، مشيرة الى ان الموضوع متروك حتى عودة رئيس الحكومة من نيويورك وأن ثمة متسعا لمعالجته بما أن لا جلسة حكومية لإقرار الموضوع في ظل غياب رئيس الحكومةز
وفهم ان هذا الامر يؤخذ في الاعتبار وسيتبلور في جلسة مجلس الوزراء التي دعا اليها رئيس الحكومة فور عودته من نيويورك.
اما الاتجاه الثاني فكان بيئياً بإمتياز حث إستكمل وزير البيئة اكرم شهيب إجتماعاته مع الخبراء والاختصاصيين وممثلي الحراك المدني بهدف حلحلة الإلتباسات القائمة حيال الخطة التي وضعها. وعلم أن إجتماعا إمتد لنحو 6 ساعات عقده شهيب اول من امس مع هؤلاء، لحلحلة العقد التي تقف عائقا في وجه المباشرة بتنفيذ الخطة. وعاد واصدر امس بيانا رد فيه على ما يجري تداوله من "ملاحظات وانتقادات واقتراحات لتعديل خطة الانتقال من الازمة الى الادارة المستدامة للنفايات الصلبة المنزلية"، كما جاء في البيان الذي اصدره امس وخلص فيه الى طرح السؤال إذا كان "بعض المستفيدين من الواقع الضاغط من غير البيئيين يريد ابقاء ملفّ النفايات جاثماً على صدور اللبنانيّين".
وكان شهيب إتصل برئيس الحكومة وأطلعه على نتائج إجتماعه.
من جهة ثانية، خرق هدوء العطلة رد الرئيس سعد الحريري على الكلام الأخير للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله، فقال: "لمكة رب يحميها ولن يكون لإيران ما تنادي به مهما علا الصراخ".
ورأى الحريري في سلسلة تغريدات له عبر "تويتر" أن هناك "ثلاث مغالطات رئيسية في مقابلة الامين العام لحزب الله، الاولى بحق السعودية وتاريخها. والسيد نصرالله يتقاطع مع الموقف الإيراني الذي يتخذ من ارواح المسلمين الأبرياء وكارثة منى، وسيلة للنيل من السعودية وتصفية الحسابات السياسية. وكلام السيد حسن يجاري كليا الكلام التحريضي الذي صدر عن السيد علي خامنئي".
أضاف: "المغالطة الثانية هي بحق سوريا وشعبها. فالسيد حسن ينفي اي تدخل لإيران في الشأن الداخلي السوري ويتصرف باعتباره المندوب السامي الإيراني في سوريا، وهو يشرح ابعاد التدخل الروسي في المعادلة السورية ولا يجد ضيرا في التقاطع الروسي- الاسرائيلي حول المسألة. حتى بشار الاسد يتصرفون معه باعتباره كبير الخدم في هذه الدائرة".
وتابع: "اما المغالطة الثالثة فهي بحق لبنان الذي يعتبره السيد حسن ملعبا للسياسات الايرانية بامتياز. كل منطق السيد حسن في مقاربة الشأن الداخلي يعني ان لا شيء سيتحرك خطوة واحدة الى الامام. هو يعتبر ان المسيحيين أساس في وجود لبنان لكنه يعدهم بأن رئاسة الجمهورية تعني وصول شخصية تغطي حضور حزب الله وتأثيره في العديد من البلدان".
وخلص الى ان السيد"يعلن انه لن يكون هناك رئيس للجمهورية قبل معرفة المصير النهائي للرئاسة السورية، وبقية الحكي عزف على وتر الهدايا المجانية للمسيحيين واللبنانيين".

 

سياسيا أيضا، تابع سلام لقاءاته الجانبية على هامش وجوده في نيويورك. وفي حين ينتظر أن تحمل كلمته امام الجمعية العمومية للأمم المتحدة غدا موقف لبنان من الازمات التي يواجهها في ظل الشغور الرئاسي وتعطل عمل المؤسسات الدستورية، فضلا عن تأثير ازمة اللجوء السوري على البلاد، فقد بدا ان الاهتمام الدولي ركز على مسألة النازحين خصوصا بعدما بات هذا العبء يشكل هاجسا للدول الغربية.
وكان هذا الملف موضوع الاجتماع الذي عقده سلام امس مع مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون السكان واللاجئين والهجرة آن ريتشارد، بحضور وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل التي صرحت على الاثر بقولها "كانت لنا محادثات فاعلة حول كيفية تقديم الولايات المتحدة المزيد من الدعم إلى لبنان، وسأنقل هذه المحادثات إلى الوزير جون كيري، كما سنناقشها مع الحكومات الموجودة هذا الأسبوع في نيويورك".
وكشفت انه سيتم الإعلان خلال هذا الأسبوع عن مساعدات قيمتها 490 مليون دولار، يخصص منها 77 مليون دولار أميركي للبنان، مشيرة الى انه منذ بدء الأزمة في سوريا قدمت الولايات المتحدة 898 مليون دولار أميركي للبنان من خلال الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية".
وإذا كانت هذه المساعدات ستشمل اللاجئين السوريين في لبنان قالت ريتشارد: "ما نسعى إليه هو مساعدة اللاجئين بشكل عام، لكن الحكومة الأميركية تبحث كيفية العمل أكثر لتطوير دعمها لمساعدة الشعب اللبناني القريب من الأزمة السورية وتداعيات اللجوء إليه".
وعن احتمال استضافة بلادها لعدد من اللاجئين الموجودين في لبنان، قالت: "أن بلادها ستأخذ 10 آلاف لاجئ من الأردن ومصر وتركيا، على أن تأخذ في وقت لاحق عددا منهم من لبنان".
وفي السياق عينه، كان لوزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل موقف بارز لفت فيه الى "ان ما يجري في لبنان حاليا هو عملية استبدال لشعب لبنان بشعوب اخرى".
وخلال لقائه ابناء الجالية اللبنانية في النادي اللبناني -الاميركي في مدينة دانبيري في ولاية كونكتيكت الاميركية، اعتبر باسيل "ان لبنان سيكون اضعف مما هو الان اذا بقي الوضع على ما هو عليه، وذكَر بوجود العدد الكبير من النازحين السوريين الذين يعدون اكثر من مليون ونصف مليون نازح واللاجئين الفلسطينيين الذين يعدون خمس مئة الف لاجئ اي ما مجموعه مليوني نازح ولاجئ، ويساوي هذا العدد نصف عدد السكان في لبنان. والحل الوحيد لهذه المشكلة هو في عودة السوريين الى بلدهم"، قائلا: "ان على الولايات المتحدة ان توقف اي مساع لتقسيم المنطقة الى دول احادية مذهبيا خدمة لاسرائيل".
من جهة أخرى، أوضح باسيل "ان الولايات المتحدة زادت من دعمها للجيش اللبناني عبر تقديم مساعدات ب 150 مليون دولار لتمكين الجيش من محاربة الارهاب وهي تقدم المساعدات للنازحين الا ان هذا المبلغ ضئيل مقارنة مع دول اخرى"، معتبرا "ان ليس هناك من بلد بمنأى عن خطر الارهاب، لذا اقول ان هذه المبالغ ليست على قدر الخطر لأننا بمحاربتنا للمجموعات الارهابية نقضي على الارهاب في منطقتنا وتاليا على خطره في الولايات المتحدة، وداعش تمثل تهديدا حقيقيا ليس فقط للمنطقة ولبنان بل للولايات المتحدة".