15 يوم تدريب وتمرين مكثّف خلف ميكروفون استديو التسجيل لإتقان مخارج الحروف والقواعد العربية، ويبقى المذيع والمذيعة غير حاضرين بعد للبثّ المباشر عبر الأثير.
5 ساعات من التحضير المكثّف والإتصالات المزدحمة مع الوزراء والنواب والناشطين الإجتماعيين والمتخصصين في العديد من المجالات، ويبقى وقع مسؤولية المذيع أو المذيعة ثقيلاً على أكتافهما، خوفاً من عدم إعطاء موضوعهما الحقّ الكافي من المعلومات والإحصاءات والدلائل...
هذا حال من لمع عبر الإذاعات اللبنانية في السنين الماضية. وفي يومنا هذا، مع بعض الاستثناءات بالتأكيد، كل ما يحتاج إليه الفرد لأن يعتلي "الهواء"، هو صوت "مقبول" وممزوج مع بعض من العفوية التي تكون غالباً خالية من حدّ الثقافة المطلوب.
وتشير الإعلامية في إذاعة "صوت لبنان" الأشرفية نوال ليشع عبّود، التي كلّلت مسيرة ثلاثين سنة بالنجاح الدائم، الى أنّ الحال قد تبدّل كثيراً في يومنا هذا. فأصبحت الكثير من الإذاعات مكتظّة بالمتخرّجات "النجمات"، اللواتي لا يتركن خطأ إلّا يقعن فيه، ناهيك بالمشكلات الكبيرة في مخارج حروفهنّ. وتلقي عبّود اللوم الأوّل على الجامعة التي لا تعطي التطبيقات اللازمة للمتخرجين قبل إطلاقهم الى أسواق العمل.
وتقول عبود: "طريقة تقديم البرامج اليوم اختلفت كثيراً فأصبحت مستهلكة بطريقة غير لائقة بالأثير، وأضحت "الضحكات" سيدة على "البلاتو" حتى بتنا نشهد عصراً من الـ "خوش بوشيّة" المبالغ فيها مع المستمع"، بإشارة منها الى أنّ التعامل الجيّد مع المستمع لا يعني أن نقود الهواء "كيفما كان".
وتضيف عبّود أنّ المهنة اليوم أصبحت في خطر كبير، خصوصاً أنّ البرامج تخلو من الإعداد الصحيح والمتخصّص والهادف الى إستخلاص نتائج تفيد المستمع. وتختم بالقول: "التاريخ اليوم لن يذكر أسماء المذيعين الجدد الذين أصبحوا "خبراء" في الطب والإحصاء وعلوم النفسس وغيرها".
أمّا الإعلامية في إذاعة "صوت الغد" دانيال قزح، فعبّرت عن أسفها الشديد لاستقطاب عدد من الإذاعات لوجوه "لا - إعلامية" معروفة، لتقديم برامج عبر اثيرها بهدف جذب أكبر عدد ممكن من المستمعين.
وتلفت قزح الى أنّ المذيعين اليوم يعتقدون أنّ موضوع الحلقات لا يرتكز إلّا على سؤال بسيط وسخيف، "يعبّي" به المذيع فترات طويلة على الأثير بطرق سطحية غير تثقيفية.
وتقول: "لا يقوم نجاح برنامجي على عدد المتصلين والمشتركين، بل على قوّة المعلومات التي أقدّمها للمستمع".
وترجّح قزح أنّ العديد من المذيعين غير مؤهّلين لإعداد البرامج واختيار المراجع الموثوقة والمعلومات اللازمة، وتضيف: "شخصية المذيع مهمة أيضاً، لكنّها لا تعطي نجاحاً إعلامياً من دون الإعداد المدروس".
وتختم أنّ "طقّ الحنك" اليوم يساهم بشكل كبير في انحدار مستوى الإعلام الإذاعي، وهي تعيد السبب الى تغاضي القيمين على الإذاعات والـ Sponsors عن أهمية المضمون على حساب الأصوات المعروفة التي تشدّ المستمع بسبب شهرتها ليس أكثر.
وختاماً، نفاجأ في الكثير من الأوقات عندما نستمع الى غالبية المقدمين الإذاعيين وهم يرتبكون بين الجملة والأخرى ألف مرة... ونتساءل ما إذا المذيع "أهبل" أم أنّه "يستهبل" المستمع المثقّف؟
(شربل رحمة)