البداية كانت عندما دُعيت ليا التي تقطن في جل الديب إلى مناسبة اجتماعيّة في إهدن، فهي غير مرتبطة ولم يتمكّن أحد من أقاربها أو معارفها من الذهاب معها، فعملت بنصيحة صديقتها واستأجرت شاباً ليرافقها. دغدغت التجربة فكر ليا، وأعادت الكرّة مراراً، فباتت تستأجر زياد لتتفاخر به في سهراتها ومناسباتها المختلفة. تؤكّد ليا أن الرفيق المستأجر أو الحبيب المفترض زادها ثقة واعتزازاً بنفسها، وتضيف: "المجتمع قاسٍ أحياناً، ويُصنّف الفتاة التي تخطّت الثلاثين وما زالت عزباء في خانة العنوسة، لا أنكر أن العلاقة لم تعد تقتصر فقط على المرافقة، وأننا تقرّبنا من بعضنا أكثر، وبات أكثر من رفيق يوميّ، لكنها ساعدتني في تحسين صورتي الشخصيّة أمام المجتمع، وأبعدتني عن مواقف كثيرة محرجة، فأنا إنسانة ناجحة في عملها، وجميلة ومثقفة، ولكنني لطالما كنت فاشلة في علاقاتي العاطفيّة، الرفيق أو الحبيب المفترض ولو كان بمال إلّا أنه كان حلاً لنقص أعانيه".
نديم وجد في مرافقة النساء عملاً مُكسباً، أمّن له مالاً وفيراً بدل البقاء طوال النهار في النادي الرياضي وتدريب النساء ومساعدتهن على تنحيف أجسادهن، ويقول: "امتهنت في هذه الشغلة عندما تودّدت لي سيّدة أرملة تكبرني في السنّ، وباتت تطلب مني مرافقتها في سفراتها ومناسباتها الاجتماعيّة، ومواساتها في لياليها، وصولاً إلى تلبية رغباتها الجنسيّة، وكلّها مقابل بدل ماديّ. امتهنت مرافقة النساء لأكثر من ست سنوات، وكانت مهمّتي الأساسيّة تعويض نقصهن العاطفي".
"الفتى المرافق"
تنتشر هذه الخدمة في الدول الأجنبيّة، وهي تشمل الشباب الذين يتلقون بدلاً مادياً مقابل مرافقة امرأة عزباء أو مسنّة، واصطحابها في زياراتها واجتماعاتها ومناسباتها، أو الرقص والسهر معها، أو حتى ممارسة الجنس معها، ويطلق على مقدّمها اسم "Escort Boy" أو "Escort Girl"، فهي لا تقتصر على الرجال فقط بل تنسحب على النساء أيضاً. أمّا في لبنان، فما زالت هذه الخدمة سريّة وغير منتشرة في شكل كبير أو بالأحرى معروفة، ولكن الأكيد أنها موجودة في دوائر الأصدقاء والمقرّبين، وزبائنها هم الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة، وقد تجنح عن حدودٍ تفرضها التقاليد اللبنانيّة وتصبح نوعاً من الدعارة المقّنعة، خصوصاً إذا وصلت إلى حدّ ممارسة الجنس، إذ إن القانون اللبناني عرّف الدعارة على أنها إقامة علاقات جنسيّة سريّة غير شرعيّة (خارج إطار الحياة الزوجيّة) لقاء الحصول على مبالغ ماليّة.
لماذا يلجآن إليها؟
بعيداً من التعريف الجامد والتوصيف القانوني، لا شكّ في أن هذه الظاهرة تنطوي على دوافع نفسيّة وأسباب اجتماعيّة متعلّقة بمقدّم الخدمة وطالبها. كما أن الوضع المعيشي يضطلع بدور كبير في انتشار هذه الخدمة وتوسّعها. أمّا اجتماعياً فهي مجرّد علاقات عابرة يقابلها ثمن.
عن الأسباب التي تدفع المرأة إلى شراء هذه الخدمة وتقديم الرجل لها يقول الاختصاصي في علم النفس الدكتور روجيه بخعازي لـ"النهار": "يقدّم الشاب هذه الخدمات أولاً نتيجة حاجته إلى المال، ثانياً إرضاءً لنرجسيّته المرضيّة، ثالثاً لرغبة نفسيّة في إقامة علاقات جسديّة مع أي كان، ورابعاً لالتصاقه بفكرة الدنجوانيّة. أمّا المرأة فترضى بشراء الخدمة أولاً لأنها تعاني نقصاً عاطفياً، ثانياً لتشعر بأمان، ثالثاً لتشعر أنها مرعوبة ومحبوبة من الجنس الثاني، ورابعاً لأنها لا تكتفي من العلاقات الجسديّة".
تحايل على الذات والمجتمع
في الدول الغربيّة، هناك من يقدّم خدمة استئجار الرفيق أو "الحبيب المفترض"، وزبائنها هم من يعانون الوحدة، وهي تشمل الرجال والنساء على حد سواء، لكن ما هي دلالاتها في المجتمع اللبناني؟
تقول الاختصاصيّة في علم الاجتماع راميا شهلا لـ"النهار": "لا تبدو هذه الخدمة غريبة أو غير اعتياديّة في الدول الأوروبيّة والأميركيّة، عكس لبنان، حيث تبقى سريّة لاعتبارات مرتبطة بالعادات والتقاليد الاجتماعيّة. في الخارج تطلب الفتاة مرافقة رجل في سهرة أو حفل أو أي مناسبة، أو حتى لتقديم خدمات منوّعة في الحياة اليوميّة الاجتماعيّة وصولاً إلى ممارسة الجنس". وتضيف شهلا: "وجود شريك في المناسبات هو تقليد عربي، أما استئجار شريك مقابل مال فهو تخطٍ ذاتيٍّ للتقليد ولو بقي في إطار السريّة، إنه مجاراة شكليّة للمجتمع وإرضاء لاعتباراته، فيضطر المرء لأسباب نفسيّة خاصّة للاحتيال على المجتمع ونفسه لتسهيل اندماجه الاجتماعي وإرضاء لذاته ومحيطه".