بدأت روسيا مرحلة جديدة من التعاطي مع الحرب السورية إذ أنّها اعتمدت في المرحلة الأولى استخدام الفيتو لصالح النظام ضدّ أيّ قرار يطال الأسد مباشرة وتوصيل السلاح المدفوع الأثمان من إيران وسوريا والعراق إلى مسلحيّ النظام السوري واستعراض حلول غير مجدية وتقريب المعارضة المصنعة والمعلبة من قبل النظام ودعوتها إلى مؤتمرات معالجة للأزمة السورية في ازدواجية واضحة من قبل الملاحة الدبلوماسية الروسية المعتمدة على دور غير مباشر في الحرب وعلى دور مباشر في حوار يشبه الحرب الدائرة بين السوريين أنفسهم .
لم تنجح محاولاتي روسيا الحوارية ولا اللوجستية في اسعاف النظام مما هو فيه وبدت الجغرافيا السورية مائلة عسكرياً لصالح المعارضات السورية وعجز النظام ومن معه على احتلال أو استرجاع حيّ من أحياء دمشق في حين أنّ المعارضة تدخل فاتحة المحافظات السورية تحت سرب من طائرات النظام والقوات الدولية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية .
من هنا اندفع أو دُفع بالروس الى سورية تحت سيل من المبررات الواهية من أكذوبة الثُكنات الروسية على الساحل الروسي وضرورة تغذية حضورها هناك للدفاع عن وهم أسطولها الموجود في المياه السورية إلى مسؤولية روسية عن نظام لا تسمح بإسقاطه لأنّه آخر وأول ما لديها من صديق عربي في منطقة "مستوظفة" لصالح الولايات المتحدة الأمريكية .
بغض النظر عن الأسباب المكثفة من حماية النظام السوري إلى حفظ أمن اسرائيل يبدو أنّ الإدارة الأمريكية دفعت بروسيا إلى البركان السوري لمضاعفة الحرب وتسخين الأجواء ما بين العرب ودول إقليمية وروسيا وتحشيد الجهاديين ضدّ الروس مجدداً بعد أن حددوا الغرب وعلى رأسه أميركا عدواً للاسلام والمسلمين لضرب مصالحه مباشرة وغير مباشرة ، إضافة إلى نيّة الإدارة الأمريكية في تشليح إيران إمساكها بورقة النظام لهذا ارتابت القيادة الإيرانية من الدخول الروسي إلى الميناء السوري تمهيداً لدور يمكنها من أخذ ما بيد ايران من رصيد يمكنها من تحسين شروطها في أيّ تسوية قريبة .
يؤكد سوريون ومراقبون عرب وغربيون أنّ الوجود الروسي مجرد مزحة إذ أن المنشآت القديمة للإتحاد السوفياتي قد فُكّكت زمن الرئيس حافظ الأسد لعدم حاجة سوريا إليها واستحالة إطعام طواقمها من قبل الدولتين وإنّ ما توفّر من وجود روسي في سوريا زمن وراثة بشّار لأبيه هو راقصات سوريات يعملن في الدعارة المفتوحة في سورية لسدّ حاجاتهم اليومية هرباً من جوع روسي قديم .
لن يغيّر الروسي من طبيعة المشهد السوري اذ أن ايران المشحونة بعصبية قومية متصلة باحتياجات وضرورات الدولة ومذهبية متصلة بهوية تريد تثبيت سماتها في خارطة معادية لها بعد أن استعدتهم كدول وشعوب نتيجة لسياسات سلبية وقاصرة لم تنجح في تغيير التوازنات العسكرية في الجغرافية السورية .
إنّ المقاتل الروسي مدعو الى الموت في سورية ولكن من أجل من ؟ وهل الروس مستعدون للموت في بلد لا حياة فيه لأحد وهم الوافدون على أساس الاسترخاء على ساحل سوري ساقط عسكرياً لصالح الدولة التركية المسيطرة جغرافياً على هذا الساحل ودون وجود لمقاومة تُذكر من العلويين وغيرهم لإعتبار المدن الساحلية نسبة السُنة فيها أكثر بكثير من غيرهم من الأقليّات التي يراهن عليها طرف لا يعرف طبيعة الديمغرافية السورية جيداً .