على هامش طاولة حوار مجلس النواب، جمع الرئيس نبيه بري النائب ميشال عون والرئيس فؤاد السنيورة والنائب وليد جنبلاط والنائب محمد رعد في خلوة، لمناقشة تسوية التعيينات الأمنية وفق مبادرة جنبلاط التي تتضمن ترقية ثلاثة عمداء في الجيش إلى رتبة لواء من بينهم العميد شامل روكز، في مقابل مساعدة عون لتفعيل عمل الحكومة.

وطرح بري مبادرة متكاملة لترفيع الضباط و«شرعنة» أعضاء المجلس العسكري والتمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، والتزام مجلس الوزراء بالاستمرار في عقد الجلسات وإعادة الالتزام بآلية عمل مجلس الوزراء، التي اتفق الفرقاء على أنها في حال اعتراض مكوّنين في الحكومة على بند ما، يحقّ عندها لرئيس مجلس الوزراء إلغاء أو تأجيل البند غير المتفق عليه، شرط أن لا يعطّل أحد عمل المجلس.
وبخلاف غالبية المجتمعين، اعترض السنيورة على التسوية، من باب «عدم المسّ بصلاحيات رئيس مجلس الوزراء».


جنبلاط: توقفت عن
الكلام عن سوريا لأن القضية
صارت أكبر منا

 

وحين أعاد بري الحديث عن أن «التسوية سياسية وهدفها حصول انفراج في البلد»، أصرّ السنيورة على أن «هذه صلاحيات رئيس الحكومة، واعتراض المكوّنات على البنود مناقض للدستور»، وبقي مصرّاً على رأيه على الرغم من محاولات غالبية المشاركين إقناعه.
وبحسب أكثر من مشارك، فإن السنيورة ظهر و«كأنه يميل إلى عدم الموافقة، بسبب محاولته النقاش في كل تفصيل»، فانفضّت الجلسة من دون الوصول إلى أي تقدم. إلّا أن اللافت في موقف السنيورة هو تعارضه مع ما أبداه مدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري في الحوار مع حزب الله من إيجابية في التعاطي مع مسألة التعيينات الأمنية. وقالت مصادر مشاركة في فريق 8 آذار إن «اعتراض السنيورة على أمر وافق عليه الحريري والوزير نهاد المشنوق سابقاً، يعكس خلافات داخلية داخل التيار». وبحسب المصادر، فإن «السنيورة بدا كأنه يحاول ابتزاز عون، لأن روكز سيتقاعد قريباً، ولا يريد أن يقدّم تنازلات من دون الحصول على شيء في المقابل تحت عنوان الحفاظ على الصلاحيات»، «وهو على ما يبدو لا يريد حدوث انفراج سياسي في البلاد».
وأشار مكتب السنيورة ليلاً، في بيان وزّعه على الإعلام، إلى أنه «لم يرفض ترقية العميد روكز، إنما اقترح التأكيد على التمسك بشكل واضح بتطبيق الدستور في عمل الحكومة».
وعلى عكس الخلوة التي تلت جلسة الحوار، تفوّقت جلسة الحوار الثانية في مجلس النواب، أمس، على سابقتيها، من حيث الهدوء وغياب الاستفزازات التي طبعت الجلستين السابقتين، فضلاً عن الانتقال إلى البند الثاني من جدول الأعمال، أي قانون الانتخابات النيابية، مع اقتناع الجميع بعدم إمكان الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية في الوقت الحاضر.
كعادته، افتتح بري الجلسة، مؤكّداً على أهمية استمرار الحوار في البلاد، مذكّراً بالاقتراحات التي طلبها الجلسة الماضية حول كافة بنود جدول الأعمال، من قانون الانتخابات إلى مواصفات رئيس الجمهورية، مع الالتزام حصراً بجدول أعمال الحوار. وطلب الحديث في جلسة أمس عن قانون الانتخاب، الذي تقدّمت الكتل النيابية بـ17 نسخة مختلفة منه سابقاً. لكنّه أكّد أنه «لا أحد يمكن أن يفكر اليوم بقانون انتخابات من دون مبدأ النسبية»، ودعا إلى أن تكون مواقف جميع الفرقاء واضحة.
بعد برّي، أعاد النائب طلال أرسلان طرح مسألة «العودة إلى الدستور»، وأن هناك على الأقل «أربعة من أصل عشرة بنود في مقدمة الدستور خارج الخدمة»، وبدا كلامه رداً على ما طرحه السنيورة في الجلسة الماضية عن المادة 74 في الدستور، لناحية إلزامية انتخاب الرئيس في المجلس النيابي. وشدد رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل على أن «الأهمية الآن هي لانتخاب رئيس». وغمز من قناة النائب ميشال عون والوزير جبران باسيل، مؤكّداً أنه «لا يمكننا أن نفعل شيء في غياب رئيس الجمهورية، فهو الضمانة للوجود المسيحي، ولا أحد يستطيع أن يدّعي أنه يمثل المسيحيين، ومن يمثل المسيحيين هو رئيس الجمهورية»، وطالب بجلسات مفتوحة للحوار والحكومة.


عون: مجلس النواب
الحالي يمكن أن يقرّ قانوناً
انتخابياً جديداً

 


بدوره، ركّز الوزير بطرس حرب على «أهمية تطبيق الدستور» وأن «الرئاسة هي الأولوية»، وكشف أنه يُعدّ «مشروع قانون لرفع السرية المصرفية عن كل من يتعاطى الشأن العام، بما في ذلك الإعلاميون». وكرر الوزير ميشال فرعون ما قاله في الجلستين الماضيتين عن «تحييد لبنان».
بدوره، أشار جنبلاط إلى أن المشكلة ليست في الخلاف حول الدستور، بل «الانقسام السياسي هو الأزمة في رئاسة الجمهورية». وبدا لافتاً، بحسب أكثر من مصدر مشارك في الحوار، «الغزل» الذي عبّر عنه جنبلاط تجاه رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية. وأضاف: «في الظروف المحيطة بنا يجب علينا أن نضع الأشياء الكبرى على الهامش ونهتم بمشاكلنا، وأنا لم أعد أتكلم عن سوريا، لأن القضية صارت كبيرة جداً، أكبر منا، وهناك صراع دولي على سوريا». وشدد على أن «الحياد غير ممكن لأن إسرائيل عدو».
ولفت النائب رعد إلى «نافذتين للتقدم بالحوار: نافذة رئيس الجمهورية، ونافذة قانون الانتخاب»، مؤكّداً أن «طاولة الحوار ليس مهمتها البحث في تفاصيل قانون الانتخاب، بل الاتفاق على الخطوط العريضة من حيث شكل القانون ومضمونه وصيغته».
وأشار النائب هاغوب بقرادونيان إلى أن «المشكلة الأساسية في البلد هي انعدام الثقة بين الدولة وقادة الرأي والسياسيين والشعب». وقال إن «النسبية في قانون الانتخاب ليست المشكلة، إنما المشكلة في تقسيم الدوائر، ومثال على ذلك ما يحصل في تمثيل الأرمن، فتقسيم الدوائر المعتاد يحرم الحزب الأرمني الأكثر تمثيلاً من التمثيل الحقيقي».
بدوره، أعاد النائب فرنجية التأكيد على تقديم الجميع اقتراحات حول مواصفات الرئيس، داعياً إلى التقدم خطوة خطوة في بند الرئيس وقانون الانتخاب، وإحالة البنود فور الاتفاق عليها إلى مجلس النواب.
وحدّد رئيس الحزب القومي النائب أسعد حردان عناوين عريضة لجهة «التزام الرئيس بمعاداة إسرائيل والحفاظ على سيادة لبنان ووحدة الحياة بين اللبنانيين»، واقترح أن يصدر من الحوار التزام بهذه العناوين.
من جهته، أعاد عون طرح مشروع قانون الانتخاب النسبي على أساس 15 دائرة، الذي تمت مناقشته من قبل النواب الموارنة في بكركي سابقاً، إلى جانب القانون الأرثوذكسي. ورأى أن مجلس النواب الحالي يمكن أن يقرّ قانوناً انتخابياً جديداً، يصار بعده إلى تنظيم انتخابات نيابية، ثم ينتخب المجلس الجديد رئيس للجمهورية، ما بدا تقدّماً إيجابياً لجهة الاعتراف بشرعية مجلس النواب، وهو ما كان محطّ خلاف مع بري الذي شكر عون على موقفه، مؤكّداً أن هذا «الاختراق تقدم مهم».
وتقدّم السنيورة بمداخلة، وتحدث من جديد عن أن «انتخاب رئيس للجمهورية هو المفتاح الأساسي». وذكر أن «اتفاق الطائف أراحنا بأمرين: تكريس العيش المشترك، وطرح فكرة المجلسين (النواب والشيوخ)». وانتقد القانون الأرثوذكسي، مثنياً على كلام حردان وفرنجية حول طرح مواصفات الرئيس، لكنه، بحسب أكثر من مشارك في الجلسة، عبّر عن ودّ تجاه فرنجية على غرار جنبلاط. وأكد أن «البلد لا يتفاعل مع بعضه»، وأن «كل فئة تعود إلى قنّها»، مشيراً إلى أنه وصلنا إلى «ما هو أخطر من الأزمة الاقتصادية، وهو تسلل الفساد إلى الموظفين الصغار». عندها ردّ جنبلاط على كلام السنيورة، مذكّراً إياه بأن «اتفاق الطائف هو الذي سمح بإدخال الحزبيين إلى الإدارة»، فقال السنيورة «لا نستطيع أن نقول ذلك عن الطائف»، فردّ جنبلاط: «أنا كنت، إنت ما كنت». ودافع السنيورة عن موقفه، مشيراً إلى أن «الطائف قال المحاصصة الطائفية في الفئة الأولى فقط، نحن الذين لم نطبّق ما قاله الطائف وأدخلناها في كل شيء». وتابع: «إذا حللنا أزمة رئيس الجمهورية، يصبح كل شيء سهلاً»، فردّ جنبلاط ساخراً: «سهل ممتنع».
وذكر نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري أن «هناك خلافاً سياسياً بين المسيحيين، وحتى حول قانون استعادة الجنسية؛ فالبعض ذهب نحو تجنيس المهاجرين، واكتشف أن عدد المهاجرين التابعين للفريق الآخر أكبر من المؤيدين له»، في إشارة إلى التيار الوطني الحر.
وأشار بري إلى أن الجلسة المقبلة ستكون مفتوحة أيام 6 و7 و8، لأن الرئيس تمام سلام مسافر إلى نيويورك يوم الخميس، ويريد استئناف عمل مجلس الوزراء بعد عودته.