البلاد دخلت عطلة الاعياد، وكل الملفات تم ترحيلها الى ما بعد «العيد» وعودة الرئيس تمام سلام من واشنطن بعد مشاركته في اجتماعات الجمعية العمومية للامم المتحدة، وعقد مؤتمر دولي لمساعدة لبنان في ملف النازحين السوريين، ومن المتوقع ايضاً تراجع زخم الحراك المدني خلال الاعياد بانتظار جولات جديدة بعد ان تصلب عود الحراك ، مع ابتداع اساليب جديدة في النضال النقابي.
وفي ظل هذه التطورات، عقدت طاولة الحوار اجتماعها الثالث، وطغى على اجوائها التحركات الشعبية وضرورة الخروج من المأزق الذي يعمل عليه الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط وحزب الله عبر تسوية تؤدي الى ترقية بعض العمداء الى رتبة لواء مقابل عودة اجتماعات الحكومة والتشريع الى المجلس النيابي بدعم من العماد عون وهذا الجهد الذي يبذله بري وجنبلاط وحزب الله في موضوع تسوية ترقية العمداء جعلت العماد عون يحضر جلسة طاولة الحوار وان يكون النقاش هادئاً ويلامس الملف الرئاسي، حتى ان ما سرب عن معارضة الرئيس فؤاد السنيورة لتسوية العمداء وعدم حصول اي تقدم خلال الاجتماع الذي تلا طاولة الحوار بين بري وسلام ورعد وجنبلاط والسنيورة لن يعرقل التسوية لان السنيورة ينتظر اتصالا هاتفيا من الرئيس سعد الحريري الذي اعطى موافقة على تسوية وضع العمداء خلال الحوار الذي عقد بين تيار المستقبل وحزب الله في عين التينة وهذا ما اعلنه النائب سمير الجسر بتصريح اعلامي عن موافقة المستقبل اذا كانت ستؤدي الى مخرج لعودة العمل الحكومي والتشريعي. واشارت المعلومات ان الرئيس بري والنائب جنبلاط سيتواصلان مع الرئيس سعد الحريري في هذا الملف وان الامور ستأخذ طريقها الى التنفيذ من اجل انتظام عمل المؤسسات، لكن مكتب الرئيس السنيورة نفى ليلا ما تردد عن رفضه التسوية المقترحة والتي تشمل ترقية قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز الى رتبة لواء واكد المكتب ان السنيورة اقترح التمسك بشكل واضح بتطبيق الدستور بعمل الحكومة وهو ما استدعى التريث من قبل الفريق الآخر في التوصل الى هذه التسوية. كلام السنيورة يؤشر الى ان تسوية العمداء ستأخذ طريقها الى التنفيذ ويتم الآن درس الآلية التي ستعتمد لترقية عدد من العمداء الى رتبة لواء ومن بينهم العميد روكز.
ـ ملخص نقاشات طاولة الحوار ـ
«الديار» تنشر ملخصا عن النقاشات داخل الجلسة وجاءت على الشكل الاتي:
في مستهل الجلسة الحوارية الثالثة تكلم الرئيس بري مؤكداً مرة اخرى على اهمية الحوار واستمراره، وقال ان هذا الحوار ليس لشخص او طرف بل هو لنا جميعا، ويجب ان نسعى من اجل التوصل الى نتائج في مناقشة كل البنود بدءاً من البند الاول (رئاسة الجمهورية) وتوفير الاجواء لحل هذه الملفات والمشاكل بروح ايجابية.
وذكر بانه كان طلب في الجلسة السابقة ان يأتي المتحاورون باقتراحات عملية، وافسح بعد ذلك المجال لتقديم المداخلات في هذا الشأن.
* وتكلم النائب طلال ارسلان فتحدث عن الدستور لافتا الى «ان هناك اربع مواد من مقدمته لم تطبق وكذلك سبع مواد من مضمونه. وقال السؤال الاول المطروح هل ان تطبيق الدستور كاملاً وارد؟ والسؤال الثاني هل وارد تعديل الدستور»؟
واضاف «ان الدستور غير المحترم تطبيقه كاملا من الدولة تضع عليها علامات استفهام اذا كانت دستورية ام لا. واستشهد بالرئيس الراحل فؤاد شهاب داعياً الى العودة للكتاب اي الدستور والى تطبيقه كاملاً.
وشدد على اهمية اقرار قانون جديد للانتخابات يعتمد على قاعدة النسبية.
* وقال النائب سامي الجميل «ان رئيس الجمهورية هو الضامن للبلاد وللدستور ولانتظام الدولة وفي غيابه لا نستطيع ان نطور الدستور او ان نطبقه كاملا. من هنا علينا ان نعطي انتخاب الرئيس الاولوية قبل اي شيء آخر وقد تبين لنا أهمية ادراك مثل هذا الاستحقاق اولاً.
* ورأى الوزير بطرس حرب «اننا جئنا للحوار من اجل التوافق على ما ورد في بنود جدول الاعمال وعلى انتخاب رئيس الجمهورية اولا، ولم نأت لتسجيل المواقف على بعضنا البعض. واذا كان المقصود كسب الوقت بانتظار جلاء امور اقليمية وخارجية للافادة منها فنحن غير معنيين بمثل هذا التوجه والانتظار.
واقترح حرب ان يواكب الحوار «تخفيف التهييج في المواقف السياسية الذي نشهده وهنا اقصد من قبل اطراف الحوار انفسهم وليس الحراك المدني والشعبي الذي اؤيده وأنا معه من خلال الانقياء الذين يشاركون فيه وليس الاخرين المندسّين او المستفيدين منه.
واشار الى ان التجاوب مع موضوع رئاسة الجمهورية سابقاً غير مشجعة والمطلوب مقاربة جدية لهذا الملف.
* وتحدث النائب وليد جنبلاط عما تشهده المنطقة وسوريا من تطورات، داعيا الى الانتباه الى كل ما يجري والانصراف الى مواجهة مشاكلنا وازماتنا. وقال ان الحوار الذي نحن بصدده لا يحلّ محل مجلس الوزراء ومجلس النواب ولكن البنود الواردة في جدول الاعمال تشكل عناصر الازمة اضافة الى الانقسام حول الاستراتيجية الدفاعية، وبالتالي المطلوب التفاهم على الرئاسة وقانون الانتخاب وقانون الجنسية وغيرها.
وقال: يبدو اننا سنذهب الى جزر سيشيل لعلنا نحل الازمة هناك.
اضاف جنبلاط: امل ان نتفق على انتخاب رئيس دون حصول حدث امني كبير كالمرة السابقة، المرة الوحيدة التي حدثت انتخابات لبنانية كانت يوم انتخاب الرئيس سليمان فرنجية، اما تعديل الدستور فغير وارد الا اذا اتفقنا كلنا وحياد لبنان مستحيل فاما اننا ضد اسرائيل او معها، واسرائيل عدو لنا جميعا، فالامور اكبر منا جميعا.
وشدد النائبان اسعد حردان، واغوب بقرادونيان على تطبيق الدستور كاملا، مركزين على وجوب التصدي لاسباب الازمة وخصوصا في ما يتعلق باقرار قانون جديد يعتمد النسبية.
اما النائب محمد رعد فقال ان الشغور الرئاسي ليس سببا للازمة بل انه كشف هذه الازمة. وهناك انقسام كبير في البلد حول امور كثيرة منها قانون الانتخابات النيابية واستراتيجية لبنان وغيرها.
واضاف ان بنود الحوار المطروحة في جدول الاعمال تتناول محاور الازمة. وهناك منفذان: التوافق على رئيس الجمهورية ونحن بصدد مناقشة هذا البند فاما نتفق اليوم او نستمر لالف عام، وهناك الثاني، وهو قانون الانتخابات النيابية ويفترض ان يناقش الحوار النقاط او الخطوط العريضة لهذا القانون على ان تترك التفاصيل للمجلس النيابي.
وتدخل الرئيس بري مشيرا الى التوافق مع النائب رعد في هذا الموضوع واوضح قائلا: قلنا ونقول ان الحوار لا يحل محل الحكومة او مجلس النواب، وله بنود محددة لمناقشتها، واريد ان اشير انه في موضوع قانون الانتخابات يمكن ان يتركز النقاش حول نقطتين اساسيتين: اولا مبدأ النسبية واعتماد هذا المبدأ، وثانيا عدد الدوائر. واود ان الفت ايضا الى ان المناقشة والتفاهم على قانون الانتخابات يخدم ويساعد على الاتفاق على انتخاب الرئيس.
*وقدم العماد عون مداخلة لاقت استحسان الكثير من الحاضرين واولهم الرئيس بري.
واستهل الجنرال مداخلته بالحديث عن الظروف التي رافقت التمديد للمجلس مرتين، مشيرا الى انه في كل مرة كان التركيز على وجوب اقرار قانون جديد للانتخابات وجرى التمديدان وشغر موقع الرئاسة ولم يحصل اي شيء على صعيد اقرار هذا القانون. وهذا ما يستدعي العودة للشعب كما عبرنا سابقا.
وطرح عون اقتراحا محددا حول قانون الانتخابات يعتمد النسبية ويقسم لبنان الى 15 دائرة، ليصار على اساسه اجراء انتخابات نيابية وانتخاب الرئيس.
او وفق القانون الارثوذكسي ولا مشكلة في ادخال بعض التعديلات اليه، كما اتفقنا كمسيحيين في بكركي لكن للاسف لا يريدون اعطاءنا 64 نائبا، بل 54 ولو اخذوا باي من هذين الطرحين لكنا حصلنا على حقوقنا وهذا ما لم يحصل، ليصار بعد الاتفاق على قانون الانتخابات اجراء انتخابات نيابية وانتخاب الرئيس وتحدث عون عن الرئيس القوي. كما تحدث عن قانون الجنسية الذي ينتظر منذ العام 2002 دون البت به. وقال لقد جرى تجنيس الاف اللبنانيين بينما نجد ابناء في الاغتراب الذين اجبرتهم الظروف على الهجرة الى بلدان الاغتراب يفتقدون حقهم في التجنس. وهذا القانون مهم جدا ورد مكاري على العماد عون بالقول والموارنة اتفقوا في بكركي ليس كل المسيحيين.
*وتكلم الرئيس فؤاد السنيورة فركز على ان دور رئيس الجمهورية هو دور محوري في الدولة، ولقد برز ذلك اكثر في ظل غياب الرئاسة، وبالتالي لا يجوز البت بقضايا اساسية مثل قانون الانتخاب او تعديل الدستور او غير ذلك في غيابه. وهذا يفرض علينا اعطاء الاولوية لانتخاب الرئيس.
وشدد السنيورة ايضا على اهمية ومعاني اتفاق الطائف وتطبيقه. داعيا الى الالتزام بهذا الميثاق الوطني.
وتدخل الرئيس بري غير مرة مثنيا على اجواء الجلسة والروح التي اتسمت بها مداخلات المتحاورين، ملاحظا انها اجواء ايجابية وتفاؤلية اكثر يمكن البناء عليها للدفع باتجاه السير بالحوار نحو الامام.
واقترح عقد جلسات حوارية متتالية في 6 و7 و8 تشرين الاول، مشيرا الى ان اسباب التأخير لاسبوعين تتعلق بعيد الاضحى وسفر رئيس الحكومة الى نيويورك.
وطلب النائب سامي الجميل تقديم الموعد في ظل الظروف التي نعيشها.
قال للرئيس بري ان هناك محاولة لتمرير قرارات على فترة طويلة من دون انعقاد مجلس الوزراء ومن دون صدور اي قرار، مشيرا الى ان الحوار هو شبه خلوة غير ديموقراطية. وعلم ايضا ان الجميل أيد طرح عون في قضية قانون الانتخابات على قاعدة الـ15 دائرة، وشدد على انه مع الانتخابات الرئاسية قبل النيابية.
ورد بري على الجميّل بالقول انه لا يريد فتح خلاف مع عون واعدا اياه بايجاد مخرج لعودة الجلسات الحكومية، فأكد الجميل انه متحمس لعودة العمل الحكومي، فاكد له بري ان جلسات مجلس الوزراء ستعود فور عودة الرئيس تمام سلام من نيويورك وقد تكون يوم الجمعة المقبل. فسأل الجميل بري: «لماذا لا يكون الحل خلال اليومين المقبلين؟»، فرد بري: «أعدك انه فور عودة سلام من أميركا سنكمل الجلسات».
ـ الاجتماع السداسي ـ
وبعد انتهاء الجلسة الحوارية التي استغرقت ساعتين وربع الساعة عقد اجتماع سداسي ضم الى جانب رئيسي المجلس والحكومة الرئيس فؤاد السنيورة، والعماد ميشال عون، والنائب وليد جنبلاط، والنائب محمد رعد، وشارك في هذا الاجتماع الوزير علي حسن خليل والنائب علي فياض.
وذكرت مصادر مطلعة ان الاجتماع تناول مسألة التمديد لعدد من العمداء بينهم العميد شامل روكز من ضمن صيغة حل او سلة حل لأزمة مجلس الوزراء ومجلس النواب.
وانتهى الاجتماع بعد اكثر من ساعة ونصف الساعة من دون حسم نهائي لهذه الصيغة، على الرغم من ان الاجواء التي سادت النقاش كادت ان تصل الى اتفاق مفصل ودقيق.
ورغم التكتم على اجواء ما جرى في هذا الاجتماع الا ان المعلومات التي توافرت من مصادر مطلعة قالت ان صيغة متكاملة نوقشت بين المجتمعين وهي تشمل:
1- عمل مجلس الوزراء وآلية هذا العمل.
2- وقف تعطيل مجلس النواب والافراج عن التشريع.
3- التعيينات اواذا صح التعبير التمديد لثمانية عمداء بينهم العميد شامل روكز.
واضافت المصادر ان الرئيس السنيورة بدا متشددا خلال نقاش الصيغة لا سيما في موضوع عمل وآلية مجلس الوزراء رغم تدخلات الرئيس بري اكثرمن مرة لحسم كل هذا الموضوع.
واشارت الى ان موقف الرئيس سلام كان غير متشدد وكان مرناً انطلاقاً من السعي الى استئناف جلسات مجلس الوزراء وتفعيل عمل الحكومة. وقالت ان السنيورة بقي متمسكا بموقفه في شأن عمل مجلس الوزراء الامر الذي ابقى الامور مفتوحة على كل الاحتمالات لكن النقاش لم يقفل.
ـ النفايات ـ
على صعيد ملف النفايات، فان التنفيذ تم تأجيله الى ما بعد العيد، بانتظار معالجة بعض العقبات وتحديداً في مطمر الناعمة في ظل اصرار الحراك المدني على رفض فتح المطمر باي وسيلة، والتصدي لكل من يريد فتح الممطر، وحذروا من الاقدام على اي خطوة لفتح المطمر بالقوة، حتى ان دخول مشايخ الطائفة الدرزية بايعاز من جنبلاط ادى الى تليين مواقف بعض المعترضين في عرمون لكن هناك مجموعة ترفض فتح المطمر في ظل عدم وجود «ثقة» لديها بوعود المسؤولين، وبان فتح مطمر الناعمة سيتجاوز الـ 7 ايام الى 7 اشهر وهذا ما نفاه الوزير شهيب واكد للاهالي ان المطمر لن يفتح ساعة بعد الـ 7 ايام.
وفي ظل هذه الاجواء عقد شباب الحراك المدني في بعورتة مؤتمرا صحافيا جددوا فيه رفض فتح المطمر باي طريقة حيث سيواصل شهيب الاجتماعات لحلحلة العقد مع التأكيد للاهالي انه لم ينفذ اي قرار دون موافقتهم. اما بالنسبة لمطمر سرار، في عكار فالعقبات تم تذليلها وسيتم نقل النفايات الى المطمر بعد العيد، رغم ان الاهالي يصرون على فتح المطامر. في وقت واحد وعدم اقتصار الطمر على مكب سرار فقط.
ورغم كل العراقيل فان الخطة ستأخذ طريقها الى التنفيذ بعد الاعياد حتى لو اقتصر الامر على سرار خصوصا ان انماء بلديات عكار اعلن الموافقة على فتح مطمر «سرار» مقابل تنفيذ الدولة ما وعدت به من انماء لمنطقة عكار وان يراعي المطمر الشروط الصحية.