لقد اتخذت روسيا قراراً بتخطي دعمها للأسد من إطار الحماية الدولية في مجلس الأمن والإمدادات المسلحة ، إلى التدخل العسكري للحسم ، فبعد أن ظلت سوريا طيلة سنوات الأزمة التي بدأت 2011 بيد إقليمية تكلف بها كل من حزب الله وحليفه الإيراني بحمايةال نظام ، وهما قد حافظا على الإبقاء عليه وتأمين حصانة له غير أنّهما لم يتمكنا بعد من إنهاء المعارضة بتفرعاتها وصولاً لداعش وللنصرة .
ومع التهديدات التي بات يشكلها تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" على دول الجوار وما قامت به تركيا مؤخراً من شن هجمات على داعش وما يتداعى عن تدخل سعودي مرتقب على هذا الخط بهدف إنهاء هذا التنظيم الإرهابي ، وجدت روسيا نفسها أمام ضرورة الظهور العسكري العلني في سوريا وهي المتواجدة بحسب تقارير صحفية منذ نيسان 2015 ..
إن دخول روسيا إلى ساحة الحرب السورية يضع حداً للهيمنة الإيرانية بهذا الملف وهي التي تعتبر بها عقدة لا حل إضافة إلى عجزها عن إنهائه حتى اليوم ، فقاسم سليماني والذي يملك تاريخاً مع الفشل مروراً باليمن والعراق ، لم يتمكن مع كل قدراته العسكرية من وضع حد لهذه الأزمة مع كل الدعم والمؤازرة التي يقدمها حزب الله ومقاتليه .
ولعل ما يثير ريبة الإيرانيين وحزب الله في هذه الخطوة العسكرية الروسية هو التعاون مع إسرائيل والتشاور الذي تمّ بين بوتين ونتانياهو حول آليته حيث أنه تم الربط بين تهديدات صواريخ حزب الله على اسرائيل وبين سلامة الاسرائيليين المتحدرين من أصل روسي .
كما أنّه تم ضمانة أمن الجولان استناداً لتعهد سوري- روسي بمنع حزب الله والحرس الثوري من شن هجمات على تلك الحدود والتي ذات أهمية عسكرية استراتيجية لإسرائيل ...
هذا التدخل الذي بدأت روسيا الشروع به هو خدمة لمصالحها البيو-استراتجية في سوريا ، وطمعاً منها بقاعدة عسكرية مطلة على الشرق الأوسط لا سيما وأنّ سوريا ذات حدود مع عدة دول عربية الأردن ، لبنان ، فلسطين .. إضافة إلى تركيا ولموقعها الحيوي على البحر الأبيض المتوسط
والتنسيق بين موسكو وإسرائيل يمهد لقلب موازين القوى الدولية ، فأميركا التي تلمح لضرورة تنحي الأسد وإنهاء الازمة قابلها تحالف روسي مع مدللة الولايات المتحدة الأميركية اسرائيل للحفاظ على هذا النظام ، كما أنّ هذا التدخل يشكل خطراً مباشراً على إيران بمنع تدفق السلاح إليها عبر سوريا وهذا ما يضغط اللوبي الاسرائيلي لأجل تحقيقه على الكرملين .
فهل أصبحت الأزمة السورية تحت نير التدخل الروسي - الإسرائيلي الموافق عليه من قبل النظام ؟
كل الدلائل تشير إلى أنّ روسيا باتت على وشك بدأ معركتها في سوريا وأنّ هذا التدخل سيعمل على إنهاء الأزمة عبر تقسيم سوريا إلى دويلات لا سيما رأى وزير الداخلية الصهيوني السابق "جدعون ساعر " في حديث صحفي له ، أن تقسيم سوريا إلى كيانات طائفية هو الحل الوحيد لإنهاء الأزمة فيها .
كما أنّ هذا التحرك الإسرائيلي بإتجاه موسكو قد يعتبر في مرحلة ما بمثابة صفعة إسرائيلية لإدارة أوباما تبشر بنهاية عهد الديمقراطيين في السلطة .