حملة التخوين التي يتعرض لها الحراك الشعبي لا تتأتى من جهة واحدة محددة ، وإنما تصب على روؤس الناشطين به من كل حدب وصوب، من أقصى يمين 14 آذار متمثلاً بالإعلامية المتشددة مي شدياق والإعلامي شارل جبّور وغيرهما وكذلك هو الحال من ناحية متشددي 8 آذار أيضاً فبتنا نشاهد ونقرأ يومياً انسجاماً تاماً بين الزميل غسان جواد ورفيق نصرالله وفيصل الأشمر من جهة وبين مي شيدياق وعلي حمادة ونوفل ضو من جهة أخرى .
قد تبدو هذه الظاهرة للوهلة الأولى غريبة ومستهجنة، لا بل كانت قبل 29 آب شبه مستحيلة، فهؤلاء الأسماء ينتمون إلى خطّين سياسيين متوازيين لا يمكن أن يلتقيان أو يتوحدان على مساحة مشتركة واحدة تجمعهما .
فسبحان من يجمع المتفرقين ، ويوحد المتخاصمين إذ بقدرة قادر صاروا جميعهم في نفس الخندق وخلف نفس المتراس يواجهون عدواً واحداً اسمه الحراك الشعبي وما يتضمنه من صراخ ووجع تتلمسه من وجوه الناس التي تنزل إلى الشارع بلا أي دافع إلا دافع الوجع .
صحيح أنّ النقد والإعتراض هو حق فردي لا يمكن لأيّ كان مصادرته أو استنكاره ، وطبعاً يحق لأيّ أحد أن يكون له رأيه وموقفه من أيّ حدث ، وبالتالي فمن حق الجميع أن يدلي بدلوه تجاه حراك بحجم الذي يحصل هذه الأيام ، إلاّ أنّ المستنكر هو هذا الإستصحاب الرخيص للغة التخوين التي كانت لوقت قصير تشكل السلاح الأسود التي يتحارب به هذان الفريقان اللدودان ، فإذ بنا نرى أن بعد توحدهما معاً لم يكلفا أنفسهما أي عناء يذكر لإختيار سلاح جديد لمعركتهما الجديدة .
بل إنّ كل ما فعلاه هو الإستدارة والوقوف كتفاً إلى كتف مع توجيه سلاح التخوين هذه المرة للعدو المشترك ، فخيانة 14 آذار وإرتباطها بالسفارات الأميركية والفرنسية والدولية لم تعد محل إدانة عند الفريق الآخر، وكذلك ارتباط 8 آذار وحزب الله بالولي الفقيه لم يعد محل إشكال وبندقيته لم تعد لخدمة مشروع إقليمي ، وباتت الوطنية اللبنانية " تشرشر " فجأة من أذيال الطرفين فيما الخائن الوحيد بالبلد هو الآن هذه الجموع التي تنزل لتقول كفى للطبقة السياسية المتحكمة بمقادير البلد منذ عقود .
ونحن بدورنا نقول لهذه الطبقة السياسية ومن معها من إعلاميين ونشطاء وحراس أمناء أمام هيكلها .
هذا حراك الخونة لأنّهم خانوا الصمت والخوف وتمردوا عليه
هذا حراك الخونة لأنّهم خانوا حياة المذلة التي يعيشون بها
هذا حراك الخونة لأنّهم خانوا آلهة السياسة وأرباب الطوائف
هذا حراك الخونة لأنّهم خانوا العتمة وطالبوا بالكهرباء
هذا حراك الخونة لأنّهم خانوا العطش ويريدون الماء
هذا حراك الخونة لأنّهم خانوا أصحاب الصفقات الفاسدة
هذا حراك الخونة لأنّهم تمردوا على التقليد اللبناني القائل بعدم وجود شعب يمكن أن يتحرك بدون إيعاذ من أحد السلاطين والملوك
هذا حراك الخونة لأنّهم ا يريدون حقاً أن يحرروا لبنان ويعبرون نحو الدولة
ختاماً ،،، يكفي حراك الخونة شرفاً بأن تتوحد ضده 8و 14 .. ولعلنا في لبنان أكثر ما نحتاج إليه هذه الأيام هو هذا النوع المجيد من الخيانة .