في مؤشر جديد إلى تدخل روسي أكبر وأوسع في النزاع السوري، كشف مسؤولون أميركيون أن موسكو نشرت 28 مقاتلة في سورية وسيرت رحلات استطلاع بطائرات بلا طيار في أجوائها، ما عزز المخاوف من حصول صدام جوي غير مقصود بينها وبين طائرات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم «داعش». ويُوحي تدفق الطائرات إلى سورية وبدء تشغيل طائرات الاستطلاع (درون) بأن الروس ربما يكونون على وشك الانخراط في شن غارات على «داعش»، علماً أنهم برروا انخراطهم الأكبر عسكرياً في سورية بأنه يأتي لمساعدة الحكومة في محاربة الإرهاب.
وتزامن تشغيل الروس طائرات الاستطلاع مع استهداف سفارتهم في دمشق بقذائف هاون قالت وزارة الخارجية الروسية إن مصدرها حي جوبر الذي تسيطر عليه المعارضة على الأطراف الشرقية للعاصمة. ما فُسر بأنه «رسالة» من المعارضة إلى الروس تحذّرهم من الانحياز في شكل أكبر إلى جانب النظام.
وشغل الموضوع السوري الحيّز الأبرز من محادثات جرت في موسكو أمس بين الرئيس فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي رافقه عدد من أبرز قادة الأمن والاستخبارات. وفيما شدد بوتين على أن سورية لا تريد مهاجمة إسرائيل، قائلاً إن «جيشها لا يمكنه في وضعه الحالي أن يقاتل على جبهتين» (ضد المعارضة وإسرائيل)، أعلن نتانياهو اتفاقاً على «آلية» لضمان عدم حصول صدام عرضي بين الجيش الإسرائيلي والقوات الروسية التي يتم نشرها في سورية حالياً، مشدداً على ضرورة ضمان عدم وصول إمدادات السلاح من إيران والنظام السوري إلى حليفهما اللبناني «حزب الله». وكان الإسرائيليون شنوا أكثر من مرة خلال السنوات الأربع الماضية، غارات على مواقع للنظام أو لـ «حزب الله» داخل الأراضي السورية.
وأعلنت وزارة الخارجية الروسية أمس تعرض حرم سفارتها في دمشق للقصف، متهمة معارضي النظام بذلك. وقالت في بيان إن «قذائف أطلقت على حرم سفارة روسيا في دمشق في 20 أيلول (سبتمبر) قرابة الساعة التاسعة صباحاً (6:00 ت. غ.) من دون أن تخلف أضراراً». وأضافت: «نحن ندين القصف الإجرامي للحضور الديبلوماسي الروسي في دمشق. وننتظر موقفاً واضحاً من هذا العمل الإرهابي من جميع أعضاء المجتمع الدولي، بما في ذلك الجهات الإقليمية الفاعلة». وتابع البيان أن «ما هو مطلوب ليس أقوالاً فقط بل أفعال ملموسة»، موضحاً أن «قصف السفارة الروسية أتى من جهة (حي) جوبر، حيث يتواجد مسلحون معارضون للنظام». ولفتت الخارجية الروسية إلى أن لهؤلاء المسلحين «رعاة خارجيين» مسؤولين عن تحركاتهم.
وسبق أن تعرضت السفارة الروسية في حي المزرعة في دمشق إلى سقوط قذائف، ففي أيار (مايو) قتل شخص بسقوط قذيفة هاون في مكان قريب، كما أصيب ثلاثة أشخاص بجروح عندما سقطت قذائف هاون أيضاً في حرم السفارة في نيسان (أبريل).
في غضون ذلك، نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين أميركيين، أن روسيا بدأت تنفيذ مهمات استطلاع بطائرات بدون طيار في أجواء سورية. ولم يتمكن المسؤولان اللذان تحدثا شرط عدم نشر اسميهما من تحديد عدد الطائرات الروسية بدون طيار التي شاركت في مهمات الاستطلاع أو نطاق الرحلات. وأحجمت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) عن التعليق.
وقال المسؤولان الأميركيان إن العمليات الروسية بهذا النوع من الطائرات نفّذت على ما يبدو انطلاقاً من قاعدة عسكرية قريبة من مدينة اللاذقية التي نقلت إليها موسكو معدات عسكرية ثقيلة بينها مقاتلات وطائرات هليكوبتر مقاتلة وقوات من مشاة البحرية خلال الأيام الماضية. ونقلت «فرانس برس» في هذا الإطار عن مسؤولين أميركيين أن روسيا أرسلت 28 طائرة مقاتلة إلى سورية، وهو أعلى رقم يُعطى لعدد الطائرات الروسية منذ بدء تكشف المعلومات عن العزيزات العسكرية الروسية.
ويؤكد بدء موسكو استخدام رحلات الطائرات بدون طيار المخاطر التي قد يسببها قيام طائرات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة وطائرات روسية بعمليات في المجال السوري المحدود.
واتفق قادة الدفاع الأميركيون والروس الجمعة الماضي على البحث عن سبل لتجنب أي تداخل غير مقصود. وقد تصبح الحاجة أكثر إلحاحاً الآن بعدما بدأت موسكو رحلات بطائرات بلا طيار.
في غضون ذلك، قالت أوساط وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان إنه اطلع خلال زيارته للإمارات العربية المتحدة على أولى نتائج المهمات الاستخباراتية التي نفذتها طائرات فرنسية منذ الثامن من أيلول (سبتمبر) في سورية. وتابعت الأوساط أنه اطلع على معلومات وصور التقطتها طائرات الاستطلاع خلال لقاء مع ضباط متمركزين في قاعدة ميناء زايد البحرية في شمال أبو ظبي.