بينما يستغرق مسؤولو «حزب الله» ليل نهار في إغراق اللبنانيين بخطابات ومواقف تعبوية «تعموية» تضع قتاله الشعب السوري ضمن إطار محاربة «المشروع الإسرائيلي» في المنطقة، تلّقى الحزب في الساعات الأخيرة صفعة موجعة على يد حليفه الروسي بعدما جاهر بالتنسيق مع إسرائيل في حرب الدفاع عن «سوريا الأسد» متعهداً باسم النظام السوري، الذي يستميت «حزب الله» من أجل إبقائه على قيد الحكم، عدم التعرض للأمن الإسرائيلي، بضمانة إيرانية لعلّها سرعان ما تجسدت بإيفاد طهران مساعد وزير خارجيتها حسين أمير عبد اللهيان إلى موسكو لتنسيق مستجدات الموقف من سوريا في ضوء نتائج زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وبانتظار ما ستتمخض عنه الأجندة الروسية الإسرائيلية - الإيرانية المشتركة حول سوريا، يُبقي «حزب الله» لبنان ورقة على طاولة لعبة الأمم الاستنزافية في سوريا والمنطقة مانعاً «لبننة» الحلول التوافقية عبر تشبّثه بلازمة «عون أو لا أحد» رئيساً، في مقابل اتجاه قوى 14 آذار إلى إبداء إصرارها في جلسة الحوار الوطني اليوم على صيغة الرئيس التوافقي للجمهورية، وسط معلومات متقاطعة أكدت لـ«المستقبل» أنّ رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال «عون راجع» إلى طاولة الحوار اليوم ما لم يطرأ أي تعديل في موقفه صباحاً يدفعه إلى تجديد اشتراك الوزير جبران باسيل على كرسيّه نيابةً عنه.

14 آذار.. والحوار

إذاً، أوضحت مصادر رفيعة في قوى الرابع عشر من آذار إثر اجتماع عقدته أمس بحضور كافة مكوناتها أنّ المجتمعين توافقوا على ضرورة المضي قدماً على طريق التمسك بمبدأ «الرئيس التوافقي» للجمهورية، وقالت لـ«المستقبل»: «سنطالب الفريق الآخر بوجوب الخروج من دائرة المراوحة الرئاسية والانتقال إلى البحث عن صيغة توافقية تتيح انتخاب مرشح جامع للبنانيين غير متحيّز لفريق ضد آخر». 

وإذ شددت على كون قوى 14 آذار ستجدد اليوم في جلسة الحوار الثالثة «الإصرار على تقدّم أولوية حل الأزمة الرئاسية على أي أولوية أخرى»، لفتت المصادر إلى أنّ الاجتماع التنسيقي أمس تخلله «تقييم لجلستي الحوار السابقتين والنتائج التي تحققت خلالهما والبناء عليها في عملية استكمال النقاش على طاولة الحوار».

وكان رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل قد أعرب عشية انعقاد الحوار عن تشاؤمه حيال إمكانية توصله إلى حلول «خصوصاً بعد الخطابات الأخيرة التي تدل على أنّ الجميع مصرّ على مواقفه على حساب لبنان واللبنانيين»، متوقعاً أن تكون جلسة اليوم «حاسمة» لجهة استيضاح المواقف واكتشاف ما «إذا كانت هناك نية في التقدم» باتجاه بلورة التوافقات الوطنية المنشودة.

الترقيات

توازياً، كشفت مصادر تكتل «التغيير والإصلاح» لـ«المستقبل» عن حصول تقدّم في المشاورات الجارية في سبيل إنضاج سلة تفاهمات توافقية تشمل «الترقيات العسكرية وتفعيل عمل مجلسي الوزراء والنواب»، مؤكدةً لـ«المستقبل» أنه سيتم اليوم «على هامش انعقاد طاولة الحوار إجراء مشاورات بين رؤساء الكتل النيابية حول موضوع الترقيات وآلية العمل الحكومي والنيابي»، مع إشارتها في هذا المجال إلى أنّ اتصالات كانت قد جرت حتى منتصف الليلة الماضية على أكثر من خط «وأحرزت تقدماً في مقاربة ملف الترقيات العسكرية من المفترض في حال استكماله اليوم على هامش الحوار الانتقال بعدها إلى مرحلة الخوض في التفاصيل لإنجاز الملف».

النفايات

وفي الغضون، ترزح أزمة النفايات المتواصلة فصولاً تحت ضغط العوامل البيئية والمناخية سيما في ضوء زخات المطر التي أنذرت اللبنانيين أمس بوجوب الإسراع في تطبيق خطة نقل وطمر النفايات قبل هطول «الخطر» بيئياً وصحياً على رؤوس الجميع بشكل يعكّر ويلوّث المياه الجوفية نتيجة تحلّل وتسرّب أوبئة النفايات المتراكمة إلى داخل التربة وتداعيات ذلك السلبية على منابع مياه الشرب وريّ المزروعات والمواشي وفق ما حذر خبراء بيئيون خلال الساعات الماضية. في حين اكتفت مصادر اللجنة المعنية بالتأكيد لـ«المستقبل» أنّ خطة الوزير أكرم شهيب «تتقدم بخطى إيجابية بانتظار استكمال عملية إبرام الموافقات السياسية على كل المواقع المقترحة في الخطة، والانتهاء من التقارير الفنية ذات الصلة بها تمهيداً لوضع آلية تطبيقها موضع التنفيذ».