أول شتوة "خير" ، هذا المفهوم العام الذي يتصف به المطر أول نزوله والذي ينتظره اللبنانيون كل عام لما يحمله من جمال ومن اشتياق لجو الشتاء ولرائحة ترابه ، هي لحظة تتكرر كل سنة وتحمل بأمطارها موسماً يترقبه المواطنون بكثير من التفاؤل ..
اليوم صحا لبنان على الشتوة الأولى ، مطر ، رياح ، برق ، رعد ، ففي أول يوم خريفي بدأت السماء تهطل ما بها مبشرة "بشتوية محرزة" وهذا ما تنبأت به بدورها سابقاً الأرصاد الجوية ، ولكن وخلافا لكل المواسم السابقة ، لم يكن الشتاء هذه المرة لا "خيراً" ولا "بشرى" ، وإنما أولى الأزمات لتفجير كارثة نحن على أبوابها !
فمع أزمة النفايات التي دخلت يومها ل 67 يوماً والتي بدأت في 17 تموز الفائت وتراكمها في الشوارع وحرقها سيؤدي المطر إلى انتقال التلوث من الأرض والهواء إلى المياه الجوفية والسطحية، إلى الأنهار والبحيرات وصولًا إلى البحر ، واستناداً لمراجع علمية ، ستحلِّل المياه بعض المواد الموجودة في النفايات، وسيذوب البعض الآخر كالأمونيا والنيترات والكالسيوم فيها ، من ثم تمتص التربة هذه المياه، فتتلوث المياه الجوفية ( التي نستعملها للغسيل والشرب) بالمواد المذكورة ...
كما أن التلوث سيمتد بالتالي للأنهاروالبحر ومياه الري وبالتالي للمزروعات وسائر الكائنات .
هذا فضلاً عن الأمطار الحمضية والتي لن يستثنى أحد في لبنان من تلوثها .
أما عن تداعيات هذا التلوث الذي دخل اليوم لبنان أول أبوابه الخطرة ، فهي أمراض التيفوئيد والحمى والتسمم والكوليرا والسرطان ....
لذا الأمر لم يعد يحتمل لا التأجيل ولا المماطلة ، ومن الضروري العمل سريعاً لإزالة النفايات ، وما علينا هذا العام سوى أن نبدل الدعاء من تعجيل المطر لتأجيله لأن هطوله وغزارته ستؤدي بنا إلى كارثة لا تحمد عواقبها .