بات لبنان يعيش على وقع الشارع الذي يتوزع بين قوى من خارج السلطة ترفض الوضع القائم وتثور عليه، واخرى مشاركة ورافضة، ومجموعات تتولى دور القوى الامنية في الدفاع عن شخصيات ومقار رسمية وحزبية. ويبدو ان الخطة الرسمية لاستيعاب الشارع لإمرار عاصفة الرفض لم تنجح في تخطي الازمة والافادة من عامل الوقت في اطفاء الحراك الذي يجذب مرة بعد اخرى مجموعات جديدة من المواطنين.
وفي حين يتوجه رئيس الوزراء تمام سلام الخميس الى نيويورك للمشاركة في اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة، ومعه يغيب مجلس الوزراء الى ما بعد 2 تشرين الاول، مراهنا على دور لمؤتمر الحوار في الاتفاق اقله على آلية عمل الحكومة، يزداد منسوب التوتر على رغم بصيص أمل في النفايات التي يمكن ان تشكل جسر عبور الى تخفيف الاحتقان الذي ترجم امس باصرار المتظاهرين على الوصول الى ساحة النجمة مطالبين بانتخابات نيابية جديدة بموجب قانون عصري. والتحرك الذي انطلق رمزيا من امام مؤسسة كهرباء لبنان المسبب الاول للعجز والاهدار في المال العام، لم يتمكن من بلوغ هدفه، بل اكتفى المتظاهرون باحدى الطرق المؤدية الى المجلس، بعد توتر افتعله مناصرون لحركة "امل" حضروا على دراجات نارية وحاولوا الاعتداء على متظاهرين، وفي ظل اجراءات امنية مشددة منعت التقدم الى ساحة النجمة التي تعود غدا الى احتضان جولة ثالثة من مؤتمر الحوار الوطني بحلته الجديدة.
واذا كانت مصادر قريبة من العماد ميشال عون أفادت انه سيعلن موقفه من الحوار في حفل تسلم الوزير جبران باسيل رئاسة "التيار الوطني الحر"، فان الاول امتنع عن التعليق على الموضوع أمس، كما تفيد مصادر "النهار"، بعد "سلسلة اتصالات تولاها الوزير الياس بو صعب مع الرئيسين نبيه بري وتمام سلام افضت الى اعطاء فرصة جديدة للحوار لان مقاطعة عون له، بعد حزب القوات اللبنانية، ستشكل انتكاسة كبيرة، وصدمة للرئيس بري خصوصا، وستكون لها ارتدادات سلبية على مجمل الوضع".
لكن اتصالات بو صعب لم تؤد الى بلورة اتفاق على ترقية العمداء ومنهم شامل روكز الى رتبة لواء وتمديد خدمتهم سنة أو سنتين، وقابلها أمس "تحد جديد للجنرال ومخالفة جديدة للقانون" كما قال قريبون من عون، تمثلت باستدعاء مدير المخابرات العميد ادمون فاضل من الاحتياط واعادة تكليفه هذه المسؤولية لمدة ستة اشهر. وقالت المصادر لـ"النهار" ان مطلب الترقية لم يعد يرضي عون، ولم يعد متمسكا به، لان مطالبه الحقيقية معروفة في رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش، وليست في جوائز الترضية". واكدت انه "اذا كانت الترقية مطلبا لعون في بداية الامر، فانه كان يهدف الى ايجاد مخرج للأزمة ولو على حسابه، لكن يبدو ان الآخرين ارادوا ابتزازه به". وأضافت ان كل الكلام على تسوية تمت في اعداد القرار والتوافق عليه ليس جديا حتى الساعة ويشكل جزءا من خطة اضاعة الوقت وصولا الى منتصف تشرين الاول موعد تقاعد روكز.
اتصالات بسفراء
سياسيا، علمت "النهار" أن مسؤولين اتصلوا بعدد من السفراء وطلبوا منهم إيضاحات عن تصريحات لهم مؤيدة لحراك الشارع "غير الواضح البعد"، وتصدر بالتوازي مع مواقفهم الداعمة للبنان واستقراره ومنحه المساعدات. وبناء على الاتصالات ستصدر مواقف خلال 48 ساعة داعمة لاستقرار لبنان ولحكومته عشية سفر رئيس الوزراء الى نيويورك، اذ يخشى الرئيس سلام أن تكون حاله اللااستقرار ذريعة لبعض الدول المانحة كي تجمّد مساعداتها للبنان. وقد عبّر سلام عن هواجسه هذه امام عدد من المراجع الديبلوماسية.
النفايات
خدماتيا، علمت "النهار" أن ملف النفايات احرز تقدما ملحوظا بعد تذليل العقبات المتعلقة بمطامر عكار والناعمة والبقاع وبرج حمود. ومن المنتظر أن ينطلق تنفيذ خطة مجلس الوزراء على هذا الصعيد في الساعات الـ48 المقبلة. ولوحظ أن الحركة الاعتراضية التي استبقت تنفيذ الخطة جاءت من قوى غير فاعلة، في حين أن القوى الاساسية في مناطق المطامر كانت مؤيدة للخطة.