شهدت المحكمة الدولية اليوم حكماً مزدوجاً ، فتم تبرئة الجديد من التهمتين اللتين وجهتا لها وهما "تحقير المحكمة وعرقلة سير عملها " ، في حين برئت الخياط من التحقير لتدان في التهمة الثانية والتي حدد يوم الإثنين 28 أيلول موعداً للنطق بالحكم الموجه ضدها .
نحن لسنا بوارد الدفاع لا عن الخياط ولا عن قناة الجديد ولكن التبرئة والإدانة في تهمة مترابطة ضمن مؤسسة واحدة هما من معايير الإنفصام في الأحكام ..
فالخياط وإن كانت المسؤولة المباشرة عن المواد التي نشرت والتي أدانتها المحكمة الدولية استناداً لها غير أنّها تعمل ضمن مؤسسة إعلامية وهي التي تتحمّل أولاً وأخيراً كل ما يتم نشره عبر وسائلها المرئية منها والالكترونية !
وفي صدد هذا القرار الصادر من المحكمة الدولية وهذا الالتباس الذي أحدثه الحكم كان لموقع لبنان الجديد حواراً مع مصدر قانوني للإضاءة على الوجه القانوني للحكم وعمّا إذا كان يتعارض مع القوانين اللبنانية ، وعن التداعيات التي سترتب عليها ، وهذا هو مضمون الحوار بالتفصيل :
(هل يمكن تبرئة المؤسسة ومعاقبة الموظف ؟
يقع على مدير المؤسسة مسؤولية لأنها يجب أن تضمن أعمال موظفيها ، فيمكن بذلك بدعوى معاقية كل من كرمى خياط ومؤسسة الجديد وعليه يطبق قانون الإعلام وقانون العقوبات وذلك بعد التحقق من النية الجرمية في تسريب محاضر التحقيق والتي تعتبر محاضر سرية .
ويرتكز الركن المادي لهذه التهمة بالكشف عن معلومات سرية أما الركن المعنوي فهو القصد في الكشف عن تلك المعلومات والذي يشكل انتهاكاً .
فبالنسبة لمسؤولية المؤسسة كشخص معنوي فمن الصعب الاستناد في هذه الحالة إلى الاتفاقيات الدولية والمبادىء العامة ذات الصلة بالعناصر المتعلقة بمسؤولية الأشخاص المعنوية .
وهذا الأمر مختلف من دولة لأخرى بالجرائم المسندة إلى الأشخاص المعنويين ، وهنا من المفترض اللجوء إلى قانون الشركات .
وبما أنّ لبنان هو البلد الذي وقعت فيه الجرائم المزعومة يفترض تطبيق المادة 210 من قانون العقوبات اللبناني :
"لا يحكم على أحد بعقوبة ما لم يكن قد أقدم على الفعل عن وعي وإرادة .
إن الهيئات المعنوية مسؤولة جزئياً عن أعمال مديريها وأعضاء إدارتها وممثليها وعمالها عندما يأتون هذه الأعمال بإسم الهيئات المذكورة أو بإحدى وسائلها ، لا يمكن الحكم عليها إلا بالغرامة والمصادرة ونشر الحكم .
إذا كان القانون ينص على عقوبة أصلية غير الغرامة أبدلت الغرامة من العقوبة المذكورة وأنزلت بالهيئات المعنوية في الحدود المعينة في المواد 53 و 60 و 63 ."
وهنا يفترض إثبات المسؤولية الجرمية على الشخص الطبيعي الذي يفترض أن يكون مفوضاً للتصرف بإسم الشخص المعنوي
هل يتعارض الحكم مع قانون الإعلام اللبناني ؟
نعم ، يتعارض مع القانون اللبناني لأنه يسيء إلى الإعلاميين بحيث أنّ هناك محاكم خاصة تقوم بمعاقبة الإعلامي في حال ارتكابه خطأ أو جرم .
فلا يجب محاكمته من قبل المحاكم الجزائية ، لأن المحكمة الدولية ليس لها الصلاحية للنظر بالدعوى ، فهي ذات صلاحيات محددة وجدت لأجلها "القتل والإغتيالات" .
فعلى الدولة اللبنانية السعي إلى وقف انتهاك حرية الإعلام ، فتدخل المحكمة الدولية في هذا الموضوع يسعى إلى ترهيب الإعلام اللبناني .
ما التداعيات التي ستترتب نتيجة هذا الحكم على صعيد الرأي العام ؟
من الطبيعي أن يحدث بلبلة بحق المحكمة الخاصة بلبنان ، بحيث أنّ هناك خطأ مرتكب من قبل قوى 14 آذار وذلك نتيجة لتدخل المحكمة في أمور خارج نطاق اختصاصها وتتعارض مع الهدف الذي وجدت لأجله والذي يعود إلى التحقيق في الجرائم المتعلقة بالقتل والإغتيالات ، ويتعارض مع المحاكم المختصة لمعاقبة هكذا جرائم متعلقة بتسريب معلومات سرية من قبل إعلامي والذي يعود إلى قانون الإعلام اللبناني وتطبيقه من قبل المحاكم الخاصة بالمعلومات .
وقد تحولت المحكمة إلى أداة سياسية ، مسيسة من قبل جهات مختلفة تسعى إلى كتم صوت كل إعلامي موجود في لبنان ، الأمر الذي يتعارض مع مبدأ حق من حقوق الإنسان ، ألا وهو حق التعبير عن الرأي علماً أنّ هذا الحق يحميه الدستور والقانون . )
وهنا نتساءل ، هل وقعت المحكمة الدولية في فخ "الجديد" حيث أنّ الحكم على خياط دون القناة إضافة إلى التلويح بإمكانية محاكمة البسام إذا ثبت تورطّها بالتهمة المحددة ، وهل يحق للمحاكم الدولية تجاوز النصوص القانونية الواضحة بل وتخطي القوانين المرعية في البلد المعني !
إنّ هذا الحكم سيمنع المشككين بعدالة المحكمة مادة وفيرة للإنتقاد ولإثبات التسييس بين أروقتها ، وهذا ما لا نريده نحن لها وإنما ندعوها للخروج من نطاق النزاعات اللبنانية والعودة إلى صفتها الأولى وهي التحقيق في جريمة اغتيال الشهيد رفيق الحريري وما تبعه من قافلة الشهداء ...
أما كرمى خياط وبحسب المحامي الذي تواصلنا معه فإن ظل الحكم واجباً فإنّ العقوبة لن تتعدى الغرامة المالية أما ما يتم التداول به عن السجن لها فهو مجرد "حكي صحف" .
إذا يوم ال 28 من أيلول هو يوم دخول كرمى خياط لكوكبة القديسين الذين حددهم حزب الله وهم من تدينهم المحكمة وتحاكمهم ، وعلى خياط أن لا تقلق مهما بلغت الغرامة فحزب الله لا يتخلى عن "قديسيه"