من يطلع على التحقيقات الأولية التي أجريت مع الشيخ أحمد الأسير والإعترافات التي أدلى بها حول كيفية التحضير للمعركة مع الجيش اللبناني ونتائج المعركة والهروب من صيدا إلى مناطق أخرى ومن ثم خوض المعركة في منطقة المنية في شمال لبنان والنتائج الكارثية من كل ذلك ، يكتشف المنطق العبثي والإستهتار الذي يميز المعارك التي يخوضها بعض قادة ومسؤولي الجماعات والحركات الاسلإمية في لبنان والوطن العربي .
وهذه العبثية في خوض الصراعات والإستهتار بالدماء والأعراض ومصائر الشعوب والبلدان لا تقتصر على حالة الشيخ أحمد الاسير بل هي تميز العديد من الصراعات والمعارك التي خاضتها ولا تزال تخوضها جماعات وحركات إسلامية في لبنان وسوريا والعراق واليمن والجزائر والسودان ومصر والصومال وأفغانستان وباكستان ودول أخرى عربية وإسلامية.
ولن أفصل بالحديث عن كل حالة من هذه الحالات من الصراعات الخاطئة والعبثية والتي لا يكون نتيجتها إلا القتل والدمار وتدمير البلدان والخسائر في الأموال والأعراض ، والمشكلة الكبرى أنّ مسؤولي كل حركة وجماعة إسلامية يعتقدون أنّهم بهذه الحروب يحققون مصلحة الإسلام والمسلمين وأنّهم يدافعون عن مصالح الأمة وأنّهم سينالون رضا الله والرسول .
ولكن اذا أمعنّا البحث والدراسة لمعظم الحروب والصراعات التي خاضتها حركات وجماعات وأحزاب إسلامية نجد أنّها كانت حروباً عبثية وكارثية وإنّ العديد من هذه الجماعات تعود وتجري مراجعات فكرية وسياسية بعد فترة من الوقت لتعترف أنّها اخطأت وإنّ خوض هذه الصراعات لم يكن مبنياً على معطيات دقيقة ، لكن بعد أن يكون قد فات الآوان ومات من مات وقضي على من قضي وخسرنا البلاد والعباد وتراجعنا إلى الوراء عشرات السنين .
واليوم ألا تحتاج الحركات والأحزاب الإسلامية إلى مراجعة شاملة لأدائها كي تعترف أين أخطأت وأين أدخلت العباد في صراعات عبثية ودموية كانت نتائجها كارثية على الجميع.
انا لن احدد من هي الحروب العبثية أو الكارثية ولن أحدد الحركات والأحزاب والجماعات الإسلامية بالإسم كي لا أدخل في سجالات ونقاشات مطولة لأنّ لكل حركة أو حزب أسبابهم التي دفعتهم لخوض الصراعات والحروب ولكنني أتمنى من كل حركة أو حزب أو جماعة اسلامية أن تجري مراجعة أو محاسبة داخلية أو علنية بشأن الحروب التي خاضتها أو تخوضها كي تقول لنا هل كانت هذه الحروب لمصلحة الإسلام والمسلمين أم أنّها كانت حروباً عبثية وكارثية وكان بالإمكان تجنبها والإبتعاد عنها؟.