مع تجاوز أزمة النفايات كل الخطوط الحمر بيئياً وصحياً، تتكثف الجهود الوطنية والعلمية والبلدية في سبيل «طمرها» قبل الانهمار الوشيك للمطر خشية سيوله الجارفة للنفايات المتراكمة وتداعياتها الموبوءة على صحة السلامة العامة. ولأنّ الوقت بات داهماً والأمور لم تعد تحتمل مزيداً من التعطيل والتأجيل تحت وطأة العوامل الصحية والمناخية الضاغطة، تقف خطة الوزير أكرم شهيب الحكومية عند الخط الفاصل بين الشرح العلمي البيئي للخطة وبين التطبيق العملي التقني لها بعد استكمال دورة المناقشات والحوارات مع الجهات البلدية المعنية لإطلاعها على الأبعاد والانعكاسات الإيجابية المتوخاة من «فرصة الحل الأخيرة» للأزمة وفق توصيف شهيب أمس إثر اجتماع «البيال» العكاري الموسع، في حين نقلت مصادر الاجتماع لـ«المستقبل» أنّ أجواءه رفعت منسوب التفاؤل بتحقيق تفهّم أكبر للجوانب العلمية والبيئية الملحوظة في الخطة، مؤكدةً رصد علامات مبشّرة تشير إلى كون «الخط البيئي الأخضر بات يتقدم على خط الاعتراض الأحمر» إيذاناً بإعطاء إشارة الانطلاق نحو تطبيق الحل العلمي الموضوع على قاعدة تشاركية صلبة بين الدولة والبلديات والمجتمع المدني.

وبينما شدد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق في بداية اجتماع البيال، بحضور نواب وشخصيات وفاعليات ورؤساء بلديات ومخاتير من عكار وبمشاركة ممثلين عن المجتمع المدني وخبراء بيئيين، على أنّ كل الحلول الموضوعة لا بد وأن تتم «بالتفاهم والحوار»، شهد الاجتماع تقديم شهيب شرحاً مفصلاً للخطة واستراتيجيتها على أساس أنّ «الدولة أيضاً ما بدها مزبلة بعكار». ثم عرض الخبراء للتقارير البيئية والعلمية والتقنية والهندسية والجيولوجية المتصلة بالموضوع، بحيث تخلل العرض شرح أحد المستشارين العلميين من الشركة الألمانية المختصة مسألة الفارق بين مخاطر المكبات العشوائية القائمة حالياً ومنافع المطامر الصحية المنوي إقامتها وفق مضمون خطة مجلس الوزراء.

وأوضحت مصادر الاجتماع أنّ الأسئلة والأجوبة التي دارت خلال النقاش كانت «بناءة ومفيدة وضرورية في سبيل شرح وتفنيد أبعاد الخطة علمياً وبيئياً»، مؤكدةً في ما يتعلق بخطوات اللجنة اللاحقة اتجاهها نحو عقد لقاء مماثل قريباً مع بلديات وفاعليات البقاع بعد تحديد الموقع البيئي البديل في المنطقة. وكشفت المصادر في هذا السياق عن قيام لجنة من الخبراء التقنيين اليوم بزيارة «معاينة للموقع المقترح في منطقة غير مأهولة سكانياً قرب الحدود مع سوريا لإعداد تقريرها النهائي بشأن مدى مطابقته للشروط العلمية والبيئية المفترض توافرها لإقامة مطمر صحي فيه»، نافيةً في المقابل حصول اتصالات مع الجانب السوري كما تردد إعلامياً لنيل موافقته على إقامة هذا المطمر باعتبار أنّ «الموقع المقترح يقع ضمن الأراضي اللبنانية بشكل لا لبس ولا نزاع فيه».

وعن مطمر برج حمود، أفادت المصادر أنّ حزب «الطاشناق» لم يعطِ بعد «جوابه النهائي رسمياً» إلى اللجنة المختصة، إلا أنها أكدت في الوقت عينه أنّ الأجواء تميل إلى الإيجابية، موضحةً أنّ الأرجحية بحسب القنوات غير الرسمية المباشرة هي لإبداء الحزب موافقته على تطوير مكب برج حمود وإعادة تأهيله ليصبح مطمراً صحياً وفق مقترحات خطة شهيب. 

أما في مستجدات الأمور على خط مطمر الناعمة، فبرز أمس إعلان اتحاد بلديات الغرب الأعلى والشحار وبلديات منطقة غرب عاليه وساحله الموافقة على إعادة فتح المطمر لسبعة أيام كما تلحظ الخطة «بعد التأكد من فتح المواقع الأخرى المقترحة». وبينما أشادت مصادر اللجنة بهذا القرار، أكدت لـ«المستقبل» عدم الإقدام على بدء عمليات نقل النفايات المتراكمة نتيجة الأزمة «قبل نيل الموافقات من جميع الأطراف المعنية في كافة المواقع المقترحة»، مشيرةً في هذا الإطار إلى كون «شاحنات نقل النفايات لن تتحرك في اتجاه أي موقع في أي منطقة إلا بعد التأكد من تذليل كافة العقبات وضمان تطبيق الخطة في مختلف المناطق والمواقع المقترحة للطمر».

الترقيات العسكرية

على صعيد منفصل، لفتت الانتباه أمس إشارة الوزير الياس بوصعب من عين التينة، بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري موفداً من رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، إلى أنه تباحث مع بري «في الشؤون العالقة إن على مستوى الحكومة أو على مستوى ما يجري على طاولة الحوار»، مؤكداً في هذا الإطار أنّ «الجهود التي يبذلها الرئيس بري يمكن إذا ما حصل تعاون أن تصل إلى نتيجة».

ولدى استيضاحها عن الأمر، شددت مصادر قيادية رفيعة في «التيار الوطني الحر» لـ«المستقبل» على أنّ «ملف الترقيات العسكرية لم يصل إلى طريق مسدود كما يحاول أن يوحي البعض»، كاشفةً أنّ هذا الملف «كان موضع بحث جدي» بين بري وبوصعب أمس، وسط تأكيدها على أنّ المساعي العونية في هذا المجال إنما تأتي «تحت عنوان ضرورة التوصل إلى سلة كاملة من التفاهمات تشمل الترقيات وعمل الحكومة والمجلس النيابي».