عشية محطة جديدة للتحرك الاحتجاجي المدني الذي يستعد لتنظيم مسيرة مساء غد الأحد من نهر بيروت الى ساحة النجمة، اتخذ السباق منحى متسارعاً بين المحاولات الحثيثة للشروع في تنفيذ خطة معالجة أزمة النفايات واستمرار التحركات المعترضة على الخطة وتوزيع المطامر كما لحظته. ومع ان ظواهر هذا السباق أوحت بأن الأمور لا تزال تدور في المربع الاول من الأزمة، فإن المعطيات التي برزت في الساعات الأخيرة كشفت احداث اختراقات بارزة على صعيد اتساع رقعة الموافقات الاهلية والبلدية على الخطة، الأمر الذي يمكن النفاذ منه الى استكمال جولات التشاور التي يجريها كل من وزيري الزراعة اكرم شهيب والداخلية والبلديات نهاد المشنوق مع اتحادات البلديات والفاعليات في المناطق المعنية.
وقد برز الاختراق الاساسي في جدار الأزمة أمس مع اعلان اتحاد بلديات الغرب الاعلى والشحار وبلديات منطقة غرب عاليه وساحله اعطاء "الفرصة الاخيرة عبر فتح مطمر الناعمة لمدة سبعة ايام فقط بعد ان نتأكد من فتح المراكز المقترحة" في خطة الوزير شهيب التي أقرتها الحكومة.
كما سجلت خطوة أخرى على طريق الاختراقات في الاجتماع الموسع الذي انعقد في مجمع "البيال" مساء وضم الوزيرين شهيب والمشنوق الى عدد من نواب عكار الحاليين والسابقين واتحادات بلدياتها وخبراء بيئيين وممثلين لادارات رسمية. وخصص الاجتماع الذي تحول الى جلسة استماع علنية للاجابة عن الاستفسارات التقنية للحضور وهواجسهم المتعلقة بخطة معالجة النفايات في عكار وبقية المناطق. واكد المشنوق للمشاركين في اللقاء انه "لن نضغط على احد والموضوع جاهز للمناقشة وهذه مسألة وطنية ليس لها علاقة بالسياسة ولا شيء الزامياً فيها وكل شيء يتم بالحوار والتفاهم". ولفت الى ان "تطوير مطمر عكار (سرار) لن يكون الاول بين المطامر بل سيكون الثاني أو الثالث". ثم قدم شهيب شرحا مفصلا عن الخطة واهميتها مشددا على ان "الدولة أيضاً ما بدها مزبلة في عكار"، كما شدد على "الشركة بين كل المواقع المقترحة وكذلك بين المجتمع المدني والدولة".
بيد ان هذه التحركات لم تحجب اندفاع الجهات المعترضة على الخطة في مزيد من الاعتصامات التي توزعت بين مطمر الناعمة وساحة حلبا في عكار وبرج حمود. وصرح شهيب لـ"النهار" تعليقا على هذه التحركات: "هؤلاء ليسوا جميع الاهالي بل هم يشكلون قسما منهم وطبعا انا احترم رأيهم لكن المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار وتتطلب مشاركة الجميع للتوصل الى حل يذلل كل العقبات". وعن بدء تنفيذ الخطة قال: "متى بدأت الخطة لا خلل في التطبيق لكن التنفيذ يبدأ عندما نضمن نجاحها" وأضاف: "اننا نعلم ان الجميع لن يوافقوا (...) وفي النهاية الحكومة ستتخذ قرارها وحتى ذلك الحين سيكون علي تذليل العقبات".
أزمة الترقيات
في غضون ذلك، تضاءلت الآمال التي علقتها جهات عدة على امكان ولادة مخرج للترقيات العسكرية قبل فوات الفرصة بما يكفل ترقية العميد شامل روكز مع عميدين آخرين في الجيش الى رتبة لواء قبل احالة العميد روكز على التقاعد منتصف تشرين الاول المقبل. وتزامن الانسداد في هذا المسعى مع اجراء منتظر في الساعات المقبلة يعد استكمالا لنهج التمديد للقيادات العسكرية الحالية، اذ يتوقع مع انتهاء مدة الخدمة العسكرية لمدير المخابرات في الجيش العميد ادمون فاضل ان يستدعى من الاحتياط ليل الأحد – الاثنين لتمديد مهمته في منصبه مدة قد تراوح بين ستة أشهر وسنة. ولوحظ في هذا السياق ان قائد الجيش العماد جان قهوجي الذي حضر امس مناورة قتالية لعناصر من مديرية المخابرات في منطقة حمانا في حضور العميد فاضل، اشاد بدور المديرية "وانجازاتها الكبيرة التي حققتها في مجال تفكيك الشبكات والخلايا الارهابية وعصابات الجرائم المنظمة مما اكسب الجيش مزيدا من القوة والمناعة وجنب البلاد الكثير من الخسائر في الارواح والممتلكات". وشدد قهوجي على ان "أولوية الجيش في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة هي الحفاظ على الاستقرار الوطني ومصالح اللبنانيين من انعكاسات الأزمات الاقليمية والمصاعب الداخلية".
عون
وبرزت في المقابل مؤشرات لموقف بارز جديد سيتخذه رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون غدا يتطرق فيه الى مسألة التعيينات العسكرية. وقال مصدر قريب من الرابية لـ"النهار" ان التمديد "الفاضح للقيادات العسكرية من شأنه ادامة الازمة الراهنة بل من شأنه أيضاً ان يفاقمها"، مشيراً بذلك الى "التمديد المقنع المنتظر" للعميد فاضل. أما في شأن استمرار العماد عون في المشاركة في الحوار بعد ارساله اشارة اولى اعتراضية بايفاد الوزير جبران باسيل لتمثيله، فقال المصدر ان عون "ليس مضطراً ان يكون شاهد زور على حوار تصطدم طروحاته فيه اما بالرفض واما بالصمت واما بالتورية أي عدم الافصاح عن موقف". وتساءل: "ماذا سنفعل في حوار يرفض فيه الفريق الآخر من الاساس البحث في العودة الى الشعب؟"، واذ اوضح ان قرار مقاطعة الحوار لم يتخذ بعد كشف ان الموقف النهائي منه ومن تحديات المرحلة الراهنة التي وصفها بانها "تمديدية بامتياز ومخالفة للدستور والميثاق" سيعلنه العماد عون في خطابه غداً الاحد في احتفال التسليم والتسلم لرئاسة "التيار الوطني الحر" الذي سيقام في مسرح " بلاتيا" بساحل علما ويتسلم خلاله الوزير باسيل رئاسة التيار.