وجه نقولا شماس (أبو رخوصة) ليس جديداً على اللبنانيين ، ومنطقه المتعالي وحقده الدفين على الناس الفقراء وأصحاب الدخل المحدود خبرناه جيداً ، في معركة سلسلة الرتب والرواتب، يومها كان هذا الشماس رأس حربة في الهجوم على هيئة التنسيق النقابية ومطالبها المحقة ، بحّ صوته وهو يصرّخ ويصرّح ضد إقرار السلسلة ، خوفاً من أن تمس أرباحه الطائلة بنقص .
منطق نقولا شماس وأمثاله في الهيئات الإقتصادية كان يعتمد على التخويف من إنهيار الإقتصاد اللبناني في حال أقرّت السلسلة، وبأن المؤسسات التجارية والسياحية والمصانع مهددة بالإفلاس والتسكير في حال أقرت السلسلة !!!
هذا التهويل من قبل الهيئات الإقتصادية ودجل الطبقة السياسية قطع الطريق على إقرار السلسلة وعلقت في أدراج مجلس النواب .
منذ ما يقارب الشهرين غرق لبنان وعاصمته وقلب العاصمة بالنفايات ، نتيجة الخلافات والسمسرات والتناتش على الحصص بين أحزاب السلطة، هذه الأزمة الفضيحة أدّت إلى تشويه صورة بيروت وكل لبنان في العالم وضربت القطاع السياحي الذي يشكل العامود الفقري للإقتصاد اللبناني ، بلع تماسيح وحيتان الهيئات الإقتصادية ألسنتهم ، ولم يحركوا ساكناً ولم يهوّلوا ولم يولّولوا ولم يطلقوا أي صرخة أو نداء أو إستغاثة كما كانوا يفعلوا عندما كانت هيئة التنسيق تضغط لإقرار السلسلة، وسبب هذا السكوت من قبل الهيئات الإقتصادية، هو مشاركة العديد من هؤلاء في المناقصات والسمسرات التي إنكشفت بعد سقوطها في مجلس الوزراء بفضل الضغط الشعبي ، فإنكشف عهرهم ونفاقهم ودجلهم أمام الرأي العام اللبناني، وتبين أن كلّ صراخهم ودموع تماسيحهم كانت دفاعاً عن مصالحهم الشخصية وليس خوفاً على الإقتصاد الوطني كما كانوا يدّعون .
صبر الشعب اللبناني على السلطة الفارطة شهراً كاملاً، علّها تجد حلاً لهذه الأزمة الفضيحة التي طمرت البلاد بالنفايات وخنقت أهلها بالروائح الكريهة ، إلى أن تحرك الشعب اللبناني ونزل إلى الشارع للتعبير عن غضبه وعن سخطه من الواقع المزري الذي أوصلته إليه هذه الطبقة السياسية وسلطتها العاجزة .
هذا الحراك الشعبي نجح في الضغط على الحكومة وأحزابها وكشف شبكة الفساد المتحكمة بحياة اللبنانيين والمتجذرة في هذا النظام الفاسد ، ونجح الحراك في إسقاط المناقصات الفضيحة التي إستبدلت شركة سوكلين بست شركات على شاكلة سوكلين تمّ تقاسمها بين زعماء الطوائف وأزلامهم في مناطق نفوذهم .
وعندما تم تعطيل تقاسم جبنة ملف النفايات من قبل الحراك، تحرّكت الهيئات الإقتصادية وإرتفع صوتها، ليس لإنتقاد من أغرقهم ومؤسساتهم بالنفايات، بل لإنتقاد الحراك الشعبي الذي يريد حلاً مستداماً لملف النفايات ، فلم ترَ سلمية وحضارة تحرّك عشرات الآلاف من المواطنين ، كل ما رأته هو شغب مارسه عشرات الشبان الغاضبين .
هذه الهيئات الإقتصادية هي الذراع الإقتصادي للسلطة الفاسدة ، تجمع الثروات غير المشروعة وتقتات من الفساد وتعممه على المؤسسات العامة والخاصة وتساهم في إفقار الناس وإغراق البلد بالديون.
الحقد الذي تفوّه به نقولا الشماس وإزدرائه للناس الفقراء يشجّع على الحقد المضاد وعلى العنف الذي لا نريده في الحراك، لكن منطق أبو رخوصة الشماس يستدرجه بغباء مطلق.