استطاع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن يعمم على عناصر الحزب ومقاتليه وعلى جمهوره وأنصاره والبيئة الحاضنة ثقافة النصر الإلهي لدرجة الاقتناع بأنّ هذا النصر أصبح نتيجة حتمية لكل معركة يخوضها الحزب ، ولازمة إلهية لكل مغامرة عسكرية يقدم عليها انطلاقاً من اعتقاد تمّ ترسيخه في العقول بأنّ السيد نصرالله لا ينطق عن الهوى وبأنّ الله سبحانه وتعالى يرسل من السماء جنوداً لم تروها عوناً للمقاتلين ولإرهاب عدوهم ، وفي بعض المعارك فإنّ موازين القوى تفترض حضور الإمام المهدي /عج/ إلى جانب المقاتلين لتحقيق النصر .
لكن في سوريا بدت الأمور مختلفة تماماً ، إذ أنّ مقولة النصر الإلهي أصيبت بالكثير من الخدوش ، وظهرت على جوانب هذا النصر العديد من إشارات الهزائم ليتحول حزب الله في المشهد السوري إلى مجرد تفصيل عابر وحالة عسكرية لها صلاحية محدودة الزمان تنتهي بانتهاء الدور المرسوم لها والمكلفة به .
وإحدى تفاصيل المهمة الموكولة لحزب الله في سوريا تحرير القلمون من أهله واستبدالهم بغيرهم والتي بدأ معركة تحريرها منتصف الشتاء الماضي ، لكنّه وحتى الآن لم يقاربه النصر الإلهي فطلب النجدة /ربما مضطراً/ من المقاتل المجاهد نوح زعيتر الذي زار منطقة القلمون بكامل عتاده وعدته العسكرية لابساً لامة الحرب والتقى مع مسؤولين لحزب الله في أماكن وحداته مقدماً نفسه على أنّه الوحيد القادر على تحقيق النصر الذي فشل حزب الله في تحقيقه حتى الآن في القلمون وهو احتلال مدينة الزبداني حيث قال أنّه سيمسح الزبداني خلال ساعات عندما يشير السيد حسن نصرالله بذلك .
وما إن تناولت وسائل الإعلام الخبر حتى سارع حزب الله إلى نفيه لما لزعيتر من تاريخ في تجارة المخدرات وما عليه من مذكرات توقيف الأمر الذي يحرج الحزب ، فما كان من زعيتر إلا أن أكدّ الخبر ووثقه بصور تجمعه مع قياديي الحزب في مواقع في منطقة المعارك .
لا شكّ أنّ الخبر يضع السيد حسن نصرالله في موضع الاتهام لاستخفافه بأرواح المقاتلين لامتناعه عن الطلب من نوح زعيتر لمسح الزبداني خلال ساعات ، وبذلك يكون مسؤولاً عن الاهدار المجاني لأرواح العشرات من شباب الحزب الذين سقطوا خلال محاولة السيطرة على هذه المدينة.
وبالتالي فإنه إذا كان السيد نصرالله الذي لم ينجح حزبه المتحالف مع قوات جيش النظام السوري خلال ثلاثة أشهر من احتلال الزبداني وكان زعيتر يستطيع ذلك ، فإن هذا يعني أن الحزب وجيش النظام السوري هما أقل قوة وكفاءة من نوح زعيتر وجيشه .
واللافت تضارب معلومات حزب الله مع معلومات نوح زعيتر مع أنّ الأخير أكد وبما لا يدع مجالاً للشك أنّ معلوماته أكيدة وموثقة ومع أنه لم يجافِ نهج الحزب في الترويج لأوهام النصر الإلهي ، بل كان بارعاً في ذلك لدرجة تؤهله لأن يكون الخليفة الأمثل والأحق للسيد حسن نصرالله .