جنوباً توقف الدور التاريخي للحزب الشيوعي على دوّار قرية كفرمان التي كانت تُعرف بكفرموسكو واكتفى مناضلوه أو ما تبقى منهم بالاطلاع على تعليق يافطات خاصة بمناسبة الولادة الميمونة لمنظمة العمّال والذكرى السنوية لقيام جبهة المقاومة الوطنية استرجاعاً منهم لتاريخ سجلّ الشيوعيون فيه علامات مضيئة سرعان ما أنطفات أمام موجة المقاومة الإسلامية التي اختزلت الجميع بعد أن قرر السوريون انهاء كل المقاومات ذات الارتباطات غير السورية .
تنكّر الشيوعيون لدورهم بعد أن أخافهم النظام السوري وكبّدهم مشقة الإرتماء بالحضن الفلسطيني وباتوا أسارى بيوتهم ومنافعهم وإرثهم النضالي إلى أن تمخض عن الحزب ونتيجة لأسباب داخلية وتدخلات سورية مباشرة وغير مباشرة استحضار قيادة من خارج الأسماء المتبادلة وبكى يومها المحظوظ في موقع يتطلب أكثر مما هو فيه ولم يستطع التطلع إلى أبعد من الدور الشخصي فخسر الحزب قيادة وازنة وربح المتسلقون الجُدد لشجرة القيادة نعمة التمتع بما بقيّ في الحزب من خير .
في بداية دورها احتشدت القيادة المركزية للحزب المُستنسخ " سورياً " خلف شعارات الثامن من آذار إيماناً منها بدور المقاومة وامتهاناً لدور الحزب في عدائيته المطلقة للبرجوازية الحريرية ولليمين المسيحي المتمثل بحزبيّ الكتائب والقوّات وبعد مُدة اكتشف الحزب ذيلية حضوره في وسط سياسي محكوم من قبل أحزاب دسمة ترى الآخرين مجرّد وجوه بلا ملامح الأمر الذي دفع القيادة المذكورة إلى اعادة تدوير زواياها بطريقة وسطية لكنها أوصلتهم إلى مربع حزب الله لاستحالة خروج الشيوعيين عن طوع ارادتهم في المقاومة وانسجاماً مع واقع لا يمكن تجاوزه حتى بشق الأنفُس لأن كلفة التحرر من ضرورات المقاومة ستكون عليهم أصعب من كلفة خروجهم يوماً عن ضرورات النظام السوري خاصة وأنّ للحزب مصالح لا يمكن المحافظة عليها الاّ من خلال الانسجام الكلي مع جماعة 8 آذار .
لقد تأرجح الحزب الشيوعي بين مرجوحتيّ الوسطية المطعون بها وبين التبعية الكاملة للشيعية السياسية وبذلك غادر الحزب اللينيني دوره الطبقي ودخل دائرة الانتفاع السياسي والمالي بشيكة مصالح ضيقة أفضت مؤخراً الى اعتراض داخلي من جيل شبابي كان حتى الأمس مقتنعاً بضرورة الحفاظ على الحزب رغم ترهلاته ووهن دوره ومواقفه ونقلت معركتها معه إلى المجال الوطني من خلال حراك مطلبي ضاعفه الشباب الشيوعي بحيوية ثورية زائدة لدفع القيادة الشيوعية إلى دور ريادي يعيد للشيوعية اللبنانية طليعتها المصادرة .
هكذا ينظر الكثيرون من الشيوعيين السابقين ومن المراقبين الناقدين للحزب الشيوعي بقيادة الأمين العام خالد حدادة باعتباره صنواً سياسيّاً للحزبية الشيعية تحت مسمى المقاومة لا باعتباره الحزب التاريخي لطبقة تحتاجه وبقوّة لتغير واقع يعطي الشيوعيين الفرصة السانحة لقيادة مرحلة أحوج اليه من كل المراحل السابقة .
ما تقدم يؤسس لقراءة مختلفة ولكنه يشترط فتح ورشة حوار جدي تطلعاً لدور صعب للأحزاب الوطنية بعد أن تمّ تطيفها .