الأحد هو يوم تاريخي بالنسبة للتيار الوطني الحر الذي سيخرج سياسياً من عباءة العم لنهج الصهر ، هذه الحقبة الجديدة من الخط السياسي للعونيين ستولد رسمياً بعد عدة أيام ليترسخ بالتالي جبران باسيل رئيساً بالقوة ، وليتحوّل التيار إلى فريقين متعارضين الأوّل داعم له والثاني معارض لرئاسته ...
ولكن العم "عون" لا يخشى شيئاً لذا علينا أن لا نقلق على مصير التيار ، فهو صاحب الفكر العظيم والذي استفاد من خبراته بالدرجة الأولى أهل بيته وأولهم صهريه ولا سيما جبران ، ففي حين كان روكز منشغلاً بمهامه العسكرية تفرّغ باسيل ليتعلم النظرة الرؤيوية للجنرال وليتدرب "كيف يفكر على مقياس عون " !
باسيل هو أوّل خريجي مؤسسة ميشال عون الفكرية والثقافية ، بل ولعله الحافز الذي دفع بنات الجنرال لإنشاء المؤسسة استناداً للتأثير الذي رسخّه الجنرال بشخصية صهره ، والتي ستظهر لنا واضحة بعد تسلمه كرسي الجنرال بشكل حاسم ..
حيث أنّنا سنسقط كل الفرضيات والاتهامات التي سبق و وجهناها من تشكيك في الديمقراطية للوراثة العائلية ، إذ سنتيقن أن لا أجدر من باسيل لخلافة عون وفكر عون !
باسيل الذي ستعلو نبرته الخطابية لتلاقي نبرة عون ليس تقلداً به وإنما نتيجة التلمذة ، وسيتحوّل تعامله مع الإعلام لمبدأ سؤال وجواب وهذا لا يصنف ديكتاتورية فبحسب الفكر العوني هذا تنظيم وتنسيق !
كما أنّنا وإن كنا نفهم القليل ممّا يقوله جبران حينما كان وزير ، سنتفتقد هذا القليل في المرحلة المقبلة ، لتصبح خطاباته طلاسم لا لأنه لا يجيد فن الخطابة ولكن لأن أولى مبادىء المؤسسة العونية هي حث الفكر البشري على التحليل وعلى تفكيك الألغاز ؟!
هذا التبدل الذي سيطرأ على شخصية باسيل سيؤكد لنا أنّ الجنرال عون هو صانع التغيير ، وبالتالي تحمل أفكاره وطروحاته من المفاهيم الفكرية العميقة ما لا يستطيع العقل العادي "كما نحن" على تقبله ، ولكن لا داعي للقلق فعجزنا في مجاراة العقل الراجح لميشال عون سيتلاشى بعد انتسابنا لمؤسسته الفكرية والتي بالضرورة سيتفرغ إليها ابتداءً من الأسبوع المقبل بعد تسليم عهدة التيار لباسيل ...
ولا شكّ أنّنا بعد فترة وجيزة من الإنتساب سنقدر كم ضحى الجنرال لأجلنا ، فهو إذ تنازل عن تياره أولاً وإذ "وبإذن الله" سيتنازل عن طموحه السياسي والرئاسي ثانياً ، إنما هذا لأجل الشعب اللبناني والفكر اللبناني الذي لم يصل للنضج المتجسد بعقل الجنرال ...
فهنيئاً لنا بثورة ثقافية عونية لبنانية ، ثورة ستغير مفهوم الفكر والعلم وسنشهد ببركاتها تحوّلاً يجاري ذاك الذي شهدته فرنسا إبان الثورة الفرنسية في القرن التاسع عشر !