يمرّ لبنان بمرحلة حرجة جدا , وتخوض الدولة صراعَ البقاء " إن صح التعبير " , لأنه من المؤكد أن هذه الطبقة السياسية الحاكمة قد فشلت بإدارة الدولة , بكل مؤسساتها , وما حصل بالامس في الشارع مع المتظاهرين من قمعٍ وإعتقالات وترهيب , يدلُ بوضح على أن السلطة في ورطة كبيرة , ويدل على إنهيار معنوي للدولة – أقلها - أمام الناس , وهي تتجه نحو المستقبل المجهول برأي كثيرٍ من المراقبين .
ما مورس بالأمس مع المتظاهرين كان متوقعا , لأنه من الطبيعي أن لا تستسلم هذه السلطة المتورطة بملفات الفساد السياسي والاجتماعي والاقتصادي والامني , ومن الطبيعي أن تستعمل كل الاساليب القمعية للدفاع عن نفسها , ولكن المستغرب واللاطبيعي هو إنجرار الكلُّ في مشروع الدفاع عن الفساد , بمن فيهم أصحاب الشعارات الاصلاحية , والذين لطالما شنفوا آذاننا بالخطابات الرنانة دعما للثورات الاقليمية ودعما للمظلومين , ورفعوا شعارات الحرية والسيادة والاستقلال .
فما أن تحرّك الشعب لرفع الصوت بمظلوميتهم , ومُسّتْ مصالح الزعماء الشخصية , غابت كلّ الشعارات والبرامج , وإختفت الصورة المزوّرة و وبانت حقيقة السلطويين , وغرِق الكل في ألاعيبه وكذبه الفاضح .
والملفت في كل ما يجري , هو غياب قيادات لبنانية بالصوت والصورة , على رأسهم سماحة السيد حسن نصرالله والرئيس سعد الحريري , ملفت جدا لأن غيابهما عن الاحداث وعن ما يجري يدل على واحدة من إثنتين , طبعا لا يكفي ولا يغني حضور الممثلين عنهما , لما يملكان من تأثير على الجماهير اللبنانية .
الاولى : أنهما لا يملكان ما يقدمونه للجماهير الغاضبة , وهذا مستبعد , لأن حزب الله قادر على فرض حلولٍ بالتعاون مع تيار المستقبل , وخاصة أنهما في حالة تقارب وتحاور وود , والدليل ان السلطة منقسمة بين فريقين , الفريق الاول 8 آذار هو ملك حصري لحزب الله , وهو يقرر عنه , والفريق الثاني 14 آذار هو ملك حصري أيضا لتيار المستقبل .
الثانية : أنهما لا يملكان القرار لحسم النزاع الداخلي بمعزل عن رأي الخارج ومصالحه , وهذا الرأي الثاني قد أثبته موضوع النزاع الحاصل على رئاسة الجمهورية , وبعض الملفات الداخلية والمناكفات التي عطلّت البلد منذ سنوات , حتى وصلت الامور الى ما وصلت اليه .
أمام هذا الانهيار السياسي والشرخ المخيف بين السلطة والدولة وبين السلطة والدولة والشعب , بات من الواجب الوطني عودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان واستلام مهامه ومسؤولياته الوطنية , كذلك يجب على سماحة السيد حسن نصرالله أن يبرز الآن قبل الغدِ , ويدلي بما عنده , وهو يعرف تماما من هو الفاسد ومن هو المفسد .
لبنان , دولة وشعبا وسلطة ومؤسسات في حالة إنهيار تام , ويسير لبنان الى مستقبل لا تُحمد عقباه إذا لم يبادر المخلصون والاوفياء الى استلام مسؤولياتهم الوطنية , والشعب لا يريد أكثر من تأمين عيشة راضية وحياة بكرامة .