منذ العام 1967 تتواصل الاعتداءات الاسرائيلية على المسجد الأقصى، على خلفيات سياسية ودينية معروفة، وشهد الأقصى منذ احتلاله إلى اليوم حوالي 45 اعتداءً، حيث تتضمن هذه الإعتداءات اقتحامات من الشرطة الاسرائيلية والمستوطنين الصهاينة وأعمالا تخريبية تصل إلى حد هتك حرمة هذا المسجد، وتكريس الاستباحة الدائمة والمتواصلة، حيث يعتقد الصهاينة بأن أرض هذا المسجد هي التي أقام عليها نبي الله سليمان هيكلهم المزعوم.
وفي هذا السياق تأتي الإعتداءات الأخيرة والمستمرة منذ أيام، لتؤكد من جديد الإصرار الصهيوني على تفريغ المسجد الاقصى من محتواه الاسلامي ورمزيته الإسلامية الدينية.
لكنها هذه المرة وبالرغم من قساوة المشاهد التي انتشرت في الاعلام إلا أنها لم تحرك ساكنا في الشارع العربي والاسلامي بشقيه السياسي والشعبي، وتمر الاعتداءات الجديدة مرور الكرام في ظل صمت عربي ودولي مطبق، حيث لم يصدر اي موقف من الجهات المعنية الاساسية أعني بذلك جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي والحكام والرؤساء العرب.
ربما لم تعد حماية الأقصى من الأولويات العربية والاسلامية بعد التحولات السياسية والأمنية التي شهدتها المنطقة، حيث أصبح الهم الأساسي محاربة الإرهاب الذي يهدد هذه الدول ومستقبلها ، وهو الأمر الذي يستغله الآن الكيان الصهيوني لتنفيذ نواياه وأطماعه تجاه المسجد الأقصى .
والحال هذه لا يمكن التعويل في حماية الأقصى على الأنظمة العربية والاسلامية وهي التي أدارات وتدير ظهرها عن مشاكل الأمة وهمومها، إلا أن اللافت صمت الأحزاب السياسية العربية والاسلامية، وصمت المؤسسات المدنية والشعبية، هذه الأحزاب والمؤسسات التي كانت تسهم في إثارة الرأي العام في مثل هذه الأحداث، إلا أن ما نراه اليوم من إغفال وتهميش لهذه الاعتداءات على الاقصى، هو أكثر خطورة من الإعتداءات نفسها لأن هذه الأحزاب والمؤسسات وجدت نفسها في ساحة حرب أخرى يتقاتل فيها المسلمون فيما بينهم، وتشهد بذلك الساحات العربية الممتدة من سوريا إلى العراق إلى اليمن إلى البحرين وغيرها ، حيث تغيرت بوصلة الجهاد والمقاومة ولم يعد للإحتلال الاسرائيلي واعتداءاته أي أهمية في قاموس المرحلة الحالية للأحزاب التي تدعي الجهاد والمقاومة حتى تحرير القدس الشريف .
إن هذا الصمت تجاه الاعتداءات المتكررة على الأقصى، وهذا التحول في بندقية الجهاد والمقاومة يرفد الاحتلال والصهيونية بأسباب كثيرة لاستمرار الاعتداءات، لذا فإن الدعوة الأساسية اليوم، ومع استمرار هذه الإعتداءات الفاشية على المقدسات والإصرار عليها، إن الدعوة هنا هي باستعادة بندقية المواجهة مع الاحتلال الاسرائيلي والخروج من ساحات الاقتتال الداخلي ووتعتبر ايضا هذه الدعوة خاصة بالأحزاب والحركات التي كانت مصدر تهديد كبير للإحتلال الاسرائيلي على امتداد الوطن العربي .