لا تزال مسألة التعيينات الأمنية محطّ أخذٍ وردّ بين القوى السياسية، ولا سيّما ارتباط «الحلحلة» في الملفّ بتسهيل عمل مجلس الوزراء وآلية عمل الحكومة، في ظلّ طغيان أزمة النفايات على ما عداها من الأزمات الداخلية الأخرى. ومع أن غياب الوزيرين محمد فنيش وجبران باسيل عن الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، كان رسالة واضحة من التيار الوطني الحرّ وحزب الله للقوى السياسية الأخرى بضرورة الوصول إلى اتفاق يراعي النائب ميشال عون في التعيينات، ولا سيّما في ما خصّ العميد شامل روكز، إلّا أن أكثر من مصدر سياسي مطّلع أكّد لـ «الأخبار» أنه «لم تصل المفاوضات إلى أي تقدّم، والوقت لم يعد يسمح بحصول تبدّلات قبل تسريح روكز الشهر المقبل».

علماً بأن نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، عاد وأكّد أمس أن «حل مشكلة عمل الحكومة يكون بمعالجة أزمة التعيينات الأمنية».
وبحسب أكثر من مصدر في قوى 8 آذار، فإن الصيغ القديمة لزيادة عدد الألوية في الجيش إلى 12، من بينهم روكز، لم يكتب لها النجاح بسبب رفض قيادة الجيش لها وتيار المستقبل ووزراء الرئيس السابق ميشال سليمان، بالتوازي مع بدء تنفيذ الإجراءات الروتينية لتسريح روكز من الجيش، التي تبدأ قبل شهر من موعد تسريح أي ضابط. وعلمت «الأخبار» أن اللجنة العسكرية المكلفّة دراسة ملفات الضباط قبل تسريحهم التقت بروكز، وقد رُفع ملفّه مع أربعة ضبَّاطٍ آخرين إلى وزارة المالية، لإنجاز معاملات تعويضات نهاية الخدمة والتقاعد لهم.
ويتوافق كلام وزير الدفاع سمير مقبل أمس، عن أن أحداً لم يعرض عليه مسألة الترقيات، وأنه لا يحبّ أي تغيير في المؤسسة العسكرية، وإشارته إلى أنه «عندما تتّفق الكتل السياسية نحتاج حينها إلى قرار من مجلس الوزراء»، مع ما يردّده زوار قائد الجيش جان قهوجي عن أنه «لا يعرف ما هو المعيار الذي سيجري على أساسه اختيار الضباط لترقيتهم»، في ظلّ مطالبة ضباطٍ في الجيش، من الذين يقودون مواقع حساسة بأن تشملهم الترقيات في حال حصولها.
وفي وقت لا تزال فيه جميع القوى على موقفها من أزمة التعيينات، ولا سيّما رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي «يوافق على ما يوافق عليه عون، شرط أن لا يكون مضراً بالجيش»، وتيار المستقبل الذي يفضّل بقاء الأمور على حالها وزيادة الضغط على عون، يصرّ النائب وليد جنبلاط على البحث عن صيغٍ جديدة كلّما تعرقل طرح قديم.


صيغ زيادة عدد الألوية
اصطدمت برفض قيادة الجيش وتيار المستقبل ووزراء سليمان

 

 

ويقوم الوزير وائل أبو أبو فاعور بترجمة رغبة جنبلاط في «إعطاء عون ما يريد لحلّ المشكلة» بسلسلة اتصالات ولقاءات، من بينها لقاءان مع قهوجي والوزير الياس بو صعب أمس، لتسويق فكرة ترقية ثلاثة ضباط فقط، على أساس قانون الدفاع الصادر عام 1979. وبحسب مصادر وزارية في 8 آذار، فإن مساعي جنبلاط تتضمّن تنفيذ قانون الدفاع وملء الشغور في المجلس العسكري، والذي من المفترض أن يضمّ ثمانية ألوية، لا خمسة، كما جرت العادة بخلاف القانون، ما يعني ترفيع ثلاثة ضباط فقط. فيما تقول مصادر وزارية في تكتل التغيير والإصلاح إن «مبادرة جنبلاط تستند إلى قانون الدفاع الذي يسمح بوجود ضباط برتبة لواء خارج المجلس العسكري».
وفيما يستمر جنبلاط في مساعي «الحلحلة »، يشير أكثر من مصدر إلى أن أزمة آلية عمل الحكومة مستمرة، ولن يكون هناك مجال في الأسبوعين المقبلين لانعقاد مجلس الوزراء، أوّلاً بسبب رحلة الرئيس تمام سلام إلى نيويورك، ومن ثمّ بسبب زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند للبنان، وحلول عيد الأضحى. وبالتالي، ستكون البلاد على موعد مع تجميد عمل مجلس الوزراء، ما يصعّب إمكانية إحداث خرق في ملفّ التعيينات، قبل تسريح روكز.
من جهته، قال بو صعب قال لـ «الأخبار» إن «الأمر لا يتعلق بالتعيينات الأمنية بقدر ما يتعلق بالعجز الحكومي». وأوضح أن «الحكومة عندما تتخطّى القوانين، وعندما تثبت عجزها عن معالجة كل الأزمات وعن تنفيذ ما تتخذه من قرارات، من قرارها تكليف الجيش تحرير عرسال وجرودها الذي بقي حبراً على ورق، إلى قرار معالجة أزمة النفايات الذي ثبت أن المافيات أكثر قوة فيه من مجلس الوزراء، عندها لا يعود من معنى للعمل الحكومي، والمنطق يفرض أن نذهب إلى انتخابات مبكّرة للخروج من هذا الانسداد».
ومع تراكم الأزمات، تنعقد مساء اليوم في عين التينة، الجلسة الحوارية بين حزب الله وتيار المستقبل، وأمامها عددٌ كبير من الملفات للنقاش، قبل انعقاد جلسة الحوار الثانية في مجلس النواب صباح غد.

كاميرون في بيروت

وفي إطار حملة «التباكي» التي يقوم بها عددٌ من قادة دول أوروبا الغربية على مأساة اللاجئين السوريين، زار رئيس الوزراء البريطاني لبنان أمس، في إطار جولة على لبنان والأردن لتفقد النازحين السوريين، وإبراز اهتمام الأوروبيين بالمأساة. والتقى كاميرون سلام في السرايا، بعد أن زار أحد مخيمات النازحين في البقاع عبر مروحية حطّت في مطار رياق العسكري. ثم التقى عدداً من طلاب المدارس اللبنانيين والسوريين في بيروت.
وقال سلام بعد اللقاء إنه اغتنم المناسبة «لأشيد بالجهود التي تقوم بها حكومة كاميرون لمساعدة الجيش والقوى الأمنية اللبنانية، من أجل تعزيز قدراتها في المعركة التي تخوضها مع الإرهاب»، وعرض عليه «العبء الهائل الذي يتحمله لبنان من جراء وجود مليون ونصف مليون نازح سوري على أراضيه». من جهته، قال كاميرون إنه حضر إلى هنا «كي أرى بنفسي التحديات التي تواجه لبنان الذي يحمل عبء اللاجئين الهاربين من سوريا، ولأفهم كيف يمكن أن نساعدكم أكثر»، مشيراً إلى أنه «ناقشنا الحاجة إلى تعيين رئيس جديد»، لافتاً إلى أن «الخطر هنا محدق بشكل أكبر، مع داعش على مسافة 60 كيلومتراً من الحدود».