في خضمّ أزمة الحكم التي تعصف بالبلد من رأس الجمهورية إلى أخمص نفاياتها، أتت الزيارة الخاطفة التي قام بها رئيس الوزراء البريطاني دايفيد كاميرون إلى بيروت أمس لتمنح اللبنانيين فرصة التقاط صورة تذكارية لساعات مع «الدولة» التي يتوقون إلى رؤيتها حاضرة في كل ساح بقرار حر محرّر من سطوة السلاح ذي الحدّين محلياً وإقليمياً: تعطيل المؤسسات اللبنانية وتعميق الجراح السورية. وإذا كانت «أمواج» النزوح التي ضربت شواطئ أوروبا ولفحت الضمير العالمي حملت كاميرون إلى المنطقة على جناح السرعة والضرورات الأوروبية، إلا أنه استطاع خلال زيارته المكوكية أن يعاين بأمّ العين الأمرّين مما يعانيه البلد سواءً على صعيد أزمة الشغور الرئاسي أو على مستوى أزمة النزوح السوري، ولم يجد بداً أمام الأزمتين إلا أن يحضّ اللبنانيين على «انتخاب رئيس سريعاً» وأن يعد بتسريع عمليات الدعم المادي للبنان لتخفيف بعض من العبء الذي يتحمّله في إيواء نحو مليون ونصف مليون لاجئ هارب من سوريا. وقد نقلت أوساط رئيس الحكومة تمام سلام لـ»المستقبل» أنّ رئيس الوزراء البريطاني أكد لسلام أنّ المملكة المتحدة بصدد نقل عدد يسير من النازحين الموجودين في لبنان والأردن وتركيا لتوطينهم في أراضيها.
وأوضحت المصادر أنّ رئيس الحكومة عرض بدوره أمام كاميرون للوضع الداخلي اللبناني والأزمة السياسية الناتجة عن شغور موقع رئاسة الجمهورية، مشيداً بالدعم البريطاني المستمر للقوى العسكرية والأمنية الشرعية والمساعدات الهادفة إلى تحصين وحدة وسيادة لبنان وتعزيز قدراته في مواجهة الإرهاب. كما أوضح سلام في المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده في السرايا الحكومية مع نظيره البريطاني أنه استعرض معه «العبء الهائل الذي يتحمله لبنان» في ظل تفاقم أزمة النزوح السوري و«تراجع المساعدات الدولية التي لم تصل أبداً إلى المستوى المطلوب لمواجهة الأزمة»، مشدداً في الوقت عينه على كون «مشكلة النزوح التي وصلت إلى قلب أوروبا لن تتوقف إلا بالتوصل إلى حل سياسي يوقف الحرب في سوريا».
أما كاميرون، فلفت إلى أنه ناقش مع سلام «الحاجة إلى تعيين رئيس جديد للبنان ليقود البلاد ويمثلها دولياً ويعمل مع القادة السياسيين لدفع التوافق قدماً ولتخطي الظروف الصعبة التي تواجه البلد»، معرباً من ناحية أخرى عن عزم المملكة المتحدة بذل قصارى جهدها للمساعدة على تعزيز الأمن في لبنان». بينما أعلن في موضوع النازحين عن اتجاه بريطانيا إلى إنفاق 29 مليون جنيه استرليني من أصل مبلغ المئة مليون المرصود لمساعدة لبنان على تحمل عبء النزوح، فضلاً عن مضاعفة المساعدات التعليمية للأطفال بقيمة 10 ملايين جنيه استرليني إضافية على مدى الأعوام الثلاثة المقبلة.
وكان رئيس الوزراء البريطاني قد جال على أحد مخيمات النازحين في البقاع واستمع إلى معاناة بعضهم، كما التقى قائد الجيش العماد جان قهوجي في قاعدة رياق العسكرية وكرر أمامه التزام المملكة المتحدة الصارم باستقرار لبنان ولا سيما الشراكة مع الجيش عبر برنامج «التدريب والتسليح» الهادف إلى الحد من امتداد النزاع السوري ومكافحة خطر «داعش» على الحدود، معلناً دعم هذا البرنامج عبر توفير 7.5 ملايين دولار هذه السنة، وفق ما جاء في بيان السفارة البريطانية في بيروت. كما تفقد عدداً من المدارس الرسمية في ساحل المتن الشمالي التي تستقبل نازحين من سوريا والعراق يرافقه وزير التربية والتعليم العالي الياس بوصعب.
«حزب الله»: التعيينات مقابل الحكومة
تزامناً، واصل «حزب الله» سياسة ابتزاز المؤسسات وإخضاعها لمبدأ المساومة والاشتراط، فارضاً أمس على لسان نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم مقايضة صريحة تضع ملف التعيينات العسكرية وفق الصيغة التي يطالب بها رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون لترقية صهره العميد شامل روكز في مقابل وقف تعطيل مجلس الوزراء، قائلاً إثر استقباله وزير الشباب والرياضة عبد المطلب حناوي: «المسار الطبيعي لحل مشكلة عمل الحكومة هو معالجة التعيينات العسكرية».
النفايات
وطالما أنّ التعطيل لا يزال سيد الموقف، أكدت أوساط رئيس الحكومة لـ«المستقبل» أنّه لن يدعو مجلس الوزراء إلى الانعقاد هذا الأسبوع، مشيرةً إلى أنّ سلام يتريث في هذه الدعوة بانتظار تبلور صورة المشاورات والحوارات الجارية بشأن إعادة تفعيل العمل الحكومي.
وإذ أكدت الأوساط في ما يتعلق بأزمة النفايات أنّ «الحل الوحيد المتاح حالياً يتجسد بخطة الوزير أكرم شهيب التي أقرتها الحكومة»، برزت أمس مؤشرات سياسية وبيئية إيجابية ترفع أسهم هذه الخطة وتعزز فرص تطبيقها ربطاً بالمسار التشاركي التشاوري الذي ينتهجه شهيب ولجنة الخبراء المختصة مع الجمعيات البيئية وفعاليات المجتمع المدني.
فعلى المستوى السياسي، أكدت مصادر اللجنة البيئية النيابية لـ«المستقبل» أنّ اجتماع اللجنة في ساحة النجمة أمس خلص إلى تظهير «أجواء إيجابية في ضوء إجماع كافة ممثلي الكتل السياسية على ضرورة تطبيق الخطة الموضوعة لمعالجة النفايات موضع التنفيذ»، لافتةً إلى كون «كل الكتل أبدت التزامها بالخطة بعد شرحها وتفنيد جوانبها الصحية والبيئية من قبل شهيب خلال الاجتماع».
أما على المستوى البيئي، فأوضحت مصادر لجنة الخبراء المختصة لـ«المستقبل» أنّ شهيب عقد طيلة نهار الأمس وحتى المساء اجتماعات متتالية مع الجمعيات البيئية لمناقشة أبعاد الخطة من كافة الجوانب المتوخاة لمعالجة أزمة النفايات في مرحلتيها الانتقالية والمستدامة، على أن تُستكمل هذه الاجتماعات خلال الساعات المقبلة بينما سيصار إلى إرجاء اجتماع البيال إلى يوم الجمعة المقبل. واليوم ستعقد اللجنة اجتماعاً متصلاً بسياق الخطة مع وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الذي كان قد التقى أمس وفد اتحاد بلديات عكار برئاسة عبده عبده، في حضور النواب معين المرعبي وهادي حبيش ورياض رحال وحبيب خضر، وتباحث معه في موضوع النفايات ومكب سرار في عكار.
في سياق متصل، أكدت المصادر أنّ الدراسة المعدة لتحويل مكب سرار العشوائي إلى مطمر صحي أثبتت صوابية هذا الخيار وإيجابية انعكاساته البيئية والصحية على المنطقة وأهلها، وكشفت في المقابل أنّ الدراسات التي أجريت حول الموقع المحدد في منطقة المصنع الحدودية في البقاع بيّنت وجود مياه تحت الأرض المنوي إقامة مطمر صحي عليها، مشيرةً إلى أنه في حال تأكد هذا الأمر فإنّ اللجنة لن تقبل باستمرار مشروع طمر النفايات في هذا الموقع نظراً لخطورة تأثيره على المياه الجوفية في المنطقة ما يستدعي حكماً تبديل الموقع واختيار آخر لضمان تنفيذ مطمر صحي في المنطقة يستوفي الشروط والمعايير البيئية العالمية.
أما عن مكب برج حمود، فأعلنت المصادر انتهاء الدراسة الخاصة بهذا المكب بشكل «أظهر إيجابية كبرى متوخاة من تحويله إلى مطمر صحي»، كاشفةً في هذا السياق أنّ الدراسة بيّنت أنّ المشروع المزمع إنشاؤه في منطقة برج حمود سيمنح بلديتها 500 ألف متر مربع من الأراضي الجديدة وليس 350 ألفاً كما تردد، بحيث يمكن تخصيص 350 ألف متر مربع لإقامة منشآت و50 ألفاً لإنشاء حديقة عامة تابعة للبلدية بالإضافة إلى 100 ألف متر مربع لإقامة مطمر صحي سيتحول بدوره بعد 6 سنوات إلى حديقة أيضاً، علماً أن هذه الدراسة ستسلمها اللجنة إلى ممثلي حزب «الطاشناق» غداً للاطلاع ولاتخاذ القرار المناسب في ضوء مضامينها وجوانبها البيئية والصحية.
المستقبل : مؤشرات بيئية وسياسية ترفع أسهم خطة شهيب.. ومياه «المصنع» تفرض تبديل الموقع
المستقبل : مؤشرات بيئية وسياسية ترفع أسهم خطة شهيب.. ومياه...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
553
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro