بينما تتهافت أيدي النكء بالعواطف المذهبية والأهلية والمناطقية سعياً إلى طعن الحل البيئي الوطني الموضوع لأزمة النفايات وطمره في مهده، مستخدمةً كافة أدوات النبش في «أكوام» الأزمة ومتعمدةً إعادة تدوير وتحوير «خطة شهيب» بشكل يجافي حقيقة مضامينها ومعاييرها العلمية والصحية، طفت على سطح الأنباء المتداولة على هامش الأزمة معلومات وإيحاءات مغلوطة خلال الساعات الأخيرة حاولت التعمية على المعطّلين الحقيقيين والمحرّضين الفعليين على العرقلة، سواءً كانوا من العونيين في عكار وبرج حمود أو من البعثيين في البقاع، من خلال ضخ إشاعات تهدف إلى رمي كرة العرقلة في ملعب تيار «المستقبل» والقول إنه يعترض على الخطة ويتحفظ عن تنفيذها في مناطق نفوذه، الأمر الذي نفاه رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة جملة وتفصيلاً مؤكداً أنّ «المستقبل» يدعم خطة شهيب لحل أزمة النفايات بلا تحفظ.

وقال السنيورة لـ«المستقبل»: «نحن نؤيد الخطة التي أقرتها الحكومة ونبذل الجهود اللازمة في كل المناطق لتأمين سبل تطبيق الحل الوطني الذي تضمنته هذه الخطة بغية إنهاء الأزمة». وعمّا أشيع من أجواء وأخبار تتحدث عن اعتراض صيداوي على الخطة، جزم السنيورة بأنّ «صيدا تؤيد الحل الوطني وهو موقف عبّر عنه بوضوح رئيس بلديتها محمد السعودي، سيّما وأنّ معمل المدينة الخاص بمعالجة النفايات قادر على استيعاب 250 طناً من النفايات يومياً»، مع الإشارة في الوقت عينه إلى حاجة المدينة إلى «مطمر للعوادم» نظراً لافتقارها حالياً إلى مثل هذا المطمر.

أما على مستوى «التسونامي» التعطيلي المتنقل بين ضفاف الأزمة، فكشفت معلومات موثوقة لـ«المستقبل» أنّ التيار العوني يعمل ليل نهار في سبيل وأد الحلول الموضوعة من قبل الحكومة في ملف النفايات، فبالإضافة إلى محاولات تحوير مضامين خطة شهيب والإيحاء زوراً بأنها تنص على إجراء «تلزيمات بالتراضي» في المناطق بينما هي لا تتضمن في نصّها أي شيء من هذا القبيل، يجهد العونيون من جهة أخرى في سبيل تأليب أهالي عكار على الخطة وتحريضهم على رفض تطوير مكب سرار العشوائي وتحويله إلى مطمر صحي وبيئي يراعي المواصفات العالمية بشكل يرفع الضرر والأوبئة عن كاهل أبنائها، في وقت يتعرض حزب «الطاشناق» من ناحية ثانية لضغوط عونية بالسر والعلن لدفعه إلى رفض تطوير مكب برج حمود وتحويله من «جبل» عشوائي للنفايات إلى منشأة صحية تخوّل أهالي المنطقة اكتساب مساحة أرض جديدة تقام عليها رقعة خضراء وحديقة عامة تابعة للبلدية التي ستحصل بموجب الخطة على حوافز خاصة بها وبالبلديات المحيطة بالموقع. غير أنّ مسؤولي «الطاشناق» لا يزالون يدرسون المسألة ولم يعطوا جواباً نهائياً بعد حيال موقفهم من تأهيل مكب برج حمود بانتظار اكتمال الدراسة التي تعمل اللجنة المختصة على إعدادها والمتوقع انتهاؤها بعد غد الاثنين.

وفي البقاع، كشفت مصادر ميدانية لـ«المستقبل» أنّ الأحزاب الموالية للنظام السوري، من بعثيّين وغيرهم، دخلت على خط تحريض الأهالي لرفض خطة الحكومة وأوعزوا في هذا السياق إلى منظماتهم الشبابية لركوب موجة الاعتراضات في الشارع وتأجيج المشاعر الطائفية والمذهبية بين أهالي المنطقة لعرقلة خطة شهيب التي تنصّ على استحداث مطمر صحي في المنطقة الحدودية الواقعة بعد مركز المصنع، لافتةً الانتباه إلى أنّ «حزب الله» كان في واجهة المعترضين على استحداث مطمر في المنطقة الحدودية مع سوريا ثم ما لبث أن تراجع تحت ضغط اللجنة المختصة والمعايير الصحية والمناطقية التي اعتمدتها أثناء إعداد مشروع الحل المتوازن.

وفي الغضون، تتجه اللجنة الفنية المكلفة التحضير لتنفيذ الخطة إلى عقد سلسلة اجتماعات مع اتحادات البلديات في كل من عكار والبقاع، وفق ما كشفت مصادر اللجنة لـ«المستقبل»، معربةً عن أملها في أن تساهم هذه الاجتماعات في تظهير الصورة الحقيقية للخطة أمام الجهات البلدية المعنية والإضاءة بشكل علمي وبيئي على مضامينها الصحية والانعكاسات الإيجابية المتوخاة منها.

.. والراعي يدعم الخطة

تزامناً، برز دعم رعوي لافت لخطة شهيب عبّر عنه البطريرك الماروني بشارة الراعي خلال جولته على منطقة عاليه، قائلاً: «نشكر للوزير شهيب خارطة الطريق التي وضعت كحل لأزمة النفايات، ونأمل أن تكون مدخلاً إلى اللامركزية وإلى تفعيل دور البلديات، ونتطلع الى أن يتحمل المجتمع الأهلي المسؤولية»، مشدداً على كون هذه الخطة إنما تشكل طريق الخلاص «من وصمة العار على جبين اللبنانيين التي تخفي جمال بلدنا وقيمنا».

وفي الشأن الرئاسي، شدد الراعي على أنّ انتخاب رئيس للجمهورية هو المدخل الوحيد لحل كل المشاكل في البلد، وقال: «هناك باب واحد للحل وهو انتخاب رئيس، فمن هنا ينتظم كل شيء»، مقدّماً أولوية الانتخابات الرئاسية على النيابية باعتبار أنّ الفراغ الرئاسي يجسد السقف الوطني «والبيت لا يستطيع أن يصمد من غير سقف».