النيّة متوفّرة ولكنّ القانون يمنع. كان بودّنا أمس واليوم وغداً لو يعطي القيّمون على "العدل" مهلة سماح لتجاوز منع القدح والذمّ، فنشمّر عن ألسنتنا وأقلامنا و"ننشر" الوزراء المتعاقبين على وزارة الطاقة بما يليق بارتكاباتهم بحقّ الشعب اللبناني الذي يعاني، على الرغم من مرور 25 عاماً على انتهاء الحرب اللبنانيّة، من انقطاع مستمرّ للكهرباء يصل الى 24/24 في بعض الأحيان. 24 Off وليس On كما وعدنا أحد الوزراء...
انطلق بالأمس سجالٌ بين وزارتَي "المال" و"الطاقة". نشر علي حسن خليل وأرتور نظاريان غسيلهما، وكم هو وسخ، على مرأى من الرأي العام اللبناني. هذا الرأي العام الصامت الى درجة التخاذل عن جريمة انقطاع الكهرباء المستمرّ منذ عقدين ونصف، والتي تدفع ثمنها الخزينة هدراً على خطط يجمع بينها الفشل، إما في التخطيط وإما في التنفيذ، أو في الإثنين معاً. وآخر هذه الخطط تحمل توقيع جبران باسيل الذي حارب من أجل إقرار خطّته وأتى بفاطمة غول الى شاطئنا، من دون أن يُسجّل للأخيرة إنجاز وحيد، اللهم إن استثنينا تلويث الشاطئ.
ولم تسعف خطّة باسيل الحملة الإعلانيّة التي رافقتها وشعار "كلّ الطاقات" الذي واكب استمرار معاناة اللبنانيّين من غياب الطاقة الكهربائيّة. وظلّ هؤلاء يدفعون فاتورتين، الأولى لمؤسسة كهرباء لبنان على ما تتنعّم به علينا من ساعات تغذية، والثانية لأصحاب المولدات الذي بات عمل غالبيّتهم منظّماً ومنحتهم وزارة باسيل، ثمّ خلفه، غطاءً شرعيّاً عبر تحديد ساعات القطع ومعدّل الفاتورة.
تساجل إذاً علي حسن خليل وأرتور نظاريان أمس وأصدر الأول بياناً ردّ فيه على الثاني، واتّهمه بالكذب. إلا أنّ الإثنين، ومن سبقهما في تولّي حقيبتيهما الوزاريّة، لم يخبرا اللبنانيّين أين ذهبت مليارات الدولارات التي صُرفت على قطاع الكهرباء، ولماذا يُحرم اللبنانيّون حتى اليوم منها ولماذا لم تحاسب المجالس النيابيّة المتعاقبة وزراء الطاقة الذين فشلوا، جميعاً ومن دون استثناء، في القيام بواجبهم؟
أسئلةُ لن يجيب عنها، بالتأكيد، لا علي حسن خليل ولا أرتور نظاريان، ولا أسلاف الأخير، فمنهم من يتلهّى بإصدار البيانات، ومنهم من يتلهّى بصرف الأموال التي غرفها من نعيم السلطة. وهنا، كم من سياسيّين "ريحتهم طالعة" فعلاً...