السلطة تستعجل بعض الملفات مع تمرير التعيينات , ومؤشرات على تسريع الانتخابات الرئاسية
السفير :
كل الأزمات مقيمة ولا مصلحة لطرف سياسي بتقديم تنازلات للطرف الآخر، أما الخاسر الأكبر، فهو الدولة، أو بالأحرى ما تبقى من هيبتها ومؤسساتها وإداراتها.
فشل الحوار قبل أن يبدأ، وفشلت كل محاولات فتح أبواب مجلسي النواب والوزراء، وها هو أول رئيس فرنسي يستعد لزيارة لبنان، من غير أن يعبر بوابة القصر الجمهوري، إلا إذا قرر تفقد الفراغ في بعبدا أو بعض تجمعات اللاجئين السوريين!
ضرب الفساد كل مفاصل الدولة. كل ضربة تضربها إدارة أو مؤسسة وراءها صفقة. كل توظيف وراءه رائحة محاصصة ورشى. كل فاتورة صار مشكوكا بأمرها.. والكارثة أن لا أحد يريد أن يقول إنه شبع، بل صار التوريث يشمل كل «عدة النصب والاحتيال»، من دون أن يكون لهذا المسلسل حد أو نهاية.
جاءت النفايات لتفضح الجميع ولتنبش كل الملفات. العنوان الكبير هو فقدان الثقة بالدولة وبكل الطبقة السياسية التي تصادرها، ولذلك، نحن أمام كارثة تراكم أكثر من 170 ألف طن من النفايات في الشوارع والبور والمكبات العشوائية والمراكز الموقتة للتجميع وتحت الجسور وفي الفسحات والأنهر... في العاصمة بيروت كما في القسم الأكبر من جبل لبنان.
هذه الكارثة المقيمة ستتفاقم مع بدء العد العكسي لموسم الشتاء والأمطار، مع ما قد يحمله من كوارث جديدة عندما تسد النفايات المتراكمة منذ أسابيع المجاري والأنهار وتزحف إلى الطرق والأوتوسترادات، فنكون أمام كوارث إضافية لم يشهد لبنان مثيلا لها من قبل!
ولعل الجرأة السياسية، وحتى البيئية، تقتضي القول إننا أمام خطة آنية وبعيدة المدى اقترحها الوزير أكرم شهيب وتبناها مجلس الوزراء لإدارة هذه الأزمة، وهي تتضمن عناصر إيجابية وأخرى مدعاة للانتقاد وطرح علامات الاستفهام، لكنها تأتي بعد فوضى ميّزت أداء السلطة السياسية، سرعان ما امتدت إلى الشارع بطريقة غير مسبوقة منذ عقود من الزمن.
هنا يسجل للناس أنهم صاروا سلطة رقابية مقيمة في الشارع، في غياب السلطات الرقابية الفعلية، لكن السؤال المركزي: كيف نعالج مشكلة النفايات ونتحاشي تفاقمها الحتمي أكثر، وهل ثمة إجراءات تساعد على ترميم ثقة الناس بالدولة، خصوصا بعد أن بيّنت الاعتراضات على الخطة، أنها سقطت قبل أن يتم تحديد الساعة الصفر لتنفيذها؟
لقد قَدَّم وزير الزراعة الخطة، وأقرها مجلس الوزراء بوصفها خطة متكاملة ومترابطة، لكن ردة الفعل عليها تُبَيِّن أن عنصر التوازن والتعادل في تقاسم أعباء الحل، لم يعد مقنعا للبنانيين في ظل واقع ضياع المعايير وفقدان الثقة بأهل السلطة، والخشية من أن يتحول الموقت إلى مؤبد، وثمة أمثلة كثيرة في السياسة كما في كل المجالات.
في المحصلة، ليس في الأفق بديل ما عن الخطة المرحلية التي يقترحها وزير الزراعة، وهنا تبرز مسؤولية كل الحريصين على السلامة العامة بالسعي إلى تحسين شروط سلة الحلول المقترحة.
النهار :
هل هو عود على بدء في ملف أزمة النفايات التي فجرت التحرك الاحتجاجي الواسع في البلاد ولما حان قطاف الحل أخيراً عاد التأزم الى المربع الأول؟
هذا ما أوحت به التحركات الارتدادية الأولية والفورية التي أُثيرت في مواجهة خطة وزير الزراعة اكرم شهيب الذي كلفه رئيس الوزراء تمام سلام انجاز خطة معالجة النفايات وبرمجة حلها المرحلي والمستدام، فما كادت تحظى بموافقة مجلس الوزراء في جلسته الماراتونية الاربعاء الفائت، حتى واجهت تمرد عدد من المناطق اعتصاماً واحتجاجاً ولا سيما منها الناعمة وعكار وصيدا ومرجعيون التي شملتها خطة الحل المرحلي لجهة المطامر والمكبات التي ستعتمد فيها. والواقع ان موجة الرفض "المناطقي" الفوري للخطة اثارت تساؤلات راوحت بين حدين: هل يمكن ان تنطوي هذه الموجة على تحريك سياسي يذكيها؟ ام تراها نتيجة ليقظة الاحتجاج الشعبية التي باتت ترفض كل ما يأتي من الحكومة والطاقم السياسي "الحاكم"؟
في حديث الى "النهار" غداة اقرار مجلس الوزراء الخطة، قال الوزير شهيب عن مشكلة الشارع الرافض للخطة: "في النهاية على الدولة ان تجد حلاً. وضعنا هذه الخطة بطريقة بيئية وعلمية باسرع وقت وباقل كلفة وعرضناها على الجمعيات واتحادات البلديات وسوف نناقش مضامينها مع كل الجهات المعارضة". وسئل هل ترفع النفايات من الشارع، فأجاب: "لا يمكنني ان أعد بشيء فهذه عملية تكاملية ومطمر الناعمة لن يفتح لساعة واحدة ما لم تفتح المطامر الأخرى أبوابها وعلى الجميع ان يشاركوا في الحل كي ننجح ولا يمكن أحداً ان يحمل الحمل وحده". ص 4
وأبدت مصادر وزارية بارزة قلقها الواسع من "اطلاق النار" المبكر على الخطة التي أقرها مجلس الوزراء، فكشفت لـ"النهار" ان ذلك ترجم أولاً بعدم موافقة وزيري "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" الياس بو صعب وحسين الحاج حسن على الخطة ولم يكن رد فعلهما عليها موضوعياً أو مستنداً الى اي تبرير منطقي أو خطة بديلة. ومما قاله الوزير الحاج حسن في ختام الجلسة: "أنا في الآخر أعترض".
وأشارت المصادر الى ان الرئيس سلام سيكمل اتصالاته في شأن تسهيل تنفيذ الخطة، كما أن وزير الداخلية نهاد المشنوق سيجتمع مع رؤساء اتحادات البلديات لشرح الخطة. لكنها تخوفت من ان يؤدي الاستمرار في رفض الخطة الى اصابة صدقية الدولة بحيث يضطرها الامر الى محاولة فرضها، واذا عجزت عن ذلك سيكون الامر سلبياً للغاية. لكن بعض الاوساط السياسية المعنية بهذا الامر استبعد تطور الأمور الى حد احباط الخطة نهائيا وتوقع تمرير بعض الوقت لاقناع المعترضين عليها، علما ان الحوافز التي وضعت ضمن الخطة تشكل عاملاً مشجعاً لتليين قناة الاعتراض في المناطق المختلفة.
ودعا امس رئيس لجنة البيئة النيابية النائب مروان حماده اللجنة الى اجتماع العاشرة قبل ظهر الاثنين المقبل في حضور الوزير شهيب للاستماع الى عرض للخطة التي وافقت عليها الحكومة.
بري والحوار
في غضون ذلك، لم تترك جولة الحوار الأولى في مجلس النواب انطباعات ايجابية عن المسار الطالع، خصوصا ان السجالات التي حصلت بين بعض الاقطاب المتحاورين طغت على مجمل خلاصات الجولة الاولى. لكن رئيس مجلس النواب نبيه بري وفي اول تعليق له على هذه الجولة وتقويمه لها، ردد أمام زواره "ان المتحاورين دخلوا الى الحوار بروح من الجدية وثمة عدد منهم اعد ما قاله على صفحات مكتوبة ومدروسة بعناية. وركزت المداخلات بالطبع على بند انتخابات رئاسة الجمهورية وكل من موقعه". وأوضح ان "المشاركين كانوا لا يمانعون في اجراء الجلسة الثانية بعد ظهر اليوم نفسه للحوار لولا جلسة مجلس الوزراء. وثمة من اقترح ان تكون الثلثاء المقبل، ولم يحصل هذا بسبب انعقاد جلسة حوار "حزب الله" و"تيار المستقبل" في هذا اليوم، الى ان استقرت آراء الجميع على يوم الاربعاء المقبل".
وكشف بري ان البيان الذي تلاه الأمين العام للمجلس عدنان ضاهر نصه عليه وتلاه أمام المتحاورين ونال موافقتهم.
وشدّد رئيس المجلس على نقطة هي "ان جميع الافرقاء يتعاملون بجدية مع الحوار، ومن يتوقع ان بند الرئاسة سيحل في جلسة او اثنتين او ثلاث فهو على خطأ واعرف هذا الامر جيدا بسبب امتداد هذه الازمة منذ سنة ونصف سنة. وان الايجابية الاولى لهذا الحوار هي تصميم المشاركين على الخروج من هذه الأزمة، وإن كان كل فريق يصمم على رؤيتة، حيث تم تقديم الخيارات المطروحة حيال الرئاسة من دون قفازات. وعملت على تصويب المناقشات وحصرها بالاستحقاق الرئاسي. وهذا الحوار سيستمر ولن يتوقف وسينتج وخذوها مني".
المستقبل :
في أزمة النفايات، يواجه مسار الحل الذي أقرته الحكومة وفق «خطة شهيب» العلمية والبيئية عقبات أهلية تجلت أمس باعتراضات ميدانية في مناطق المواقع المدرجة ضمن الخطة لمعالجة وطمر الأزمة، وسط معلومات موثوقة لـ«المستقبل» عن أصابع سياسية تحاول الضرب على وتر أهالي هذه المناطق وتعمل على تجييشهم في مواجهة الدولة لأجندات فئوية، لا سيما في عكار حيث يعمل «التيار الوطني الحر» بكل ما أوتي من قوة تعطيلية على تأليب الأهالي وإثارة عواطفهم تحت شعار الحرص على عكار وصحة أبنائها بينما هو في واقع الأمر يحرّضهم على اتخاذ خيارات كارثية على صحتهم وبيئتهم من خلال دفعهم إلى رفض تحويل مكب سرار العشوائي غير المطابق للمواصفات الصحية إلى مطمر صحي مستحدث يراعي أعلى المعايير البيئية المتبعة عالمياً. كذلك الأمر، في برج حمود حيث يحاول «التيار» وضع العصي في عجلات الحل المقترح لإعادة استحداث وتطوير مكب المنطقة بشكل صحي وبيئي منتج، في حين أشارت المعلومات إلى أنّ اللجان المختصة تُعد حالياً دراسة علمية حول المكب تضيء على الجوانب الصحية والبيئية المتوخاة منه على أن يتم إنجازها بحلول الاثنين المقبل لوضعها برسم الجهات الأهلية والسياسية المعنيّة. أما في مستجدات أزمة الكهرباء، فبدأت كرة «العتمة» تتدحرج على أكثر من مستوى شعبي ونيابي ومالي لتنبش فضائح الفساد والهدر الكامنة في أداء وزراء «التيار» المقطوع.. ولسان حال اللبنانيين الغارقين في العتمة يقول لهم بحق: «طلعت ريحتكم».
فعلى المستوى الشعبي، تتعاظم التحركات الاحتجاجية في أكثر من منطقة في بيروت وخارجها رفضاً لاستمرار سياسة التعتيم القسري المفروضة على الناس مغرقةً البلاد والعباد في نفق مظلم ممتد على طول عهود وزراء «التقنين» المتعاقبين وأبرزهم وزير الوعد غير الصادق جبران باسيل بتغذية كهربائية 24/24 في العام الجاري، وغيره ممن خلفه وسبقه في وزارة الطاقة من أعضاء تكتل «التغيير والإصلاح». وحيال الواقع المزري الذي بلغه البلد جراء قلة التغذية بالتيار، يتجه الحراك المدني المطلبي إلى تصعيد وتصويب تحركاته الاعتراضية باتجاه وزارة الطاقة والمسؤولين المتعاقبين على حرمان المواطنين من حقهم بالطاقة لحسابات وسمسرات لم تعد خافية على أحد «في ضوء» العتمة المعاشة والوقائع والفضائح المالية التي تتكشف تباعاً في هذا الملف. وفي هذا الإطار علمت «المستقبل» أنّ حملات ائتلافية عدة في الحراك المدني تعقد اجتماعات تنسيقية لوضع خارطة طريق خاصة بالمرحلة المطلبية المقبلة والتي ستتركز بشكل أساس على ملف الكهرباء وفضح الفساد الذي يعتريه.
الديار :
«نشوة الحكومة» بخطة الوزير اكرم شهيب للنفايات «ترنحت شعبيا» نتيجة الرفض الشعبي لتمديد العمل بمطمر الناعمة 7 ايام، وفتح مطمرين في سرار عكار، ومنطقة المصنع، جراء عدم «الثقة الشعبية» بوعود الحكومة والغموض، الذي اكتنف «الخطة» ومحاولة تمريرها سلفاً في اواخر الليل، ودون اي «توضيحات» للمواطنين عن كيفية التنفيذ والمرحلة الانتقالية التي تمتد لسنة ونصف، ودور شركة سوكلين لجهة الجمع والكنس والمطامر وتأهيلها.
واشارت المعلومات الى ان خطة الوزير شهيب تم تجهيزها من قبل لجنة الخبراء منذ عدة ايام، ولكن العائق امام اعلانها كان فتح مطمر الناعمة، وهذا الامر يحتاج الى قرار شخصي من النائب وليد جنبلاط، لان لا قدرة لشهيب على ذلك. وكشفت المعلومات عن اجتماع عقد بين النائب وليد جنبلاط والرئيس فؤاد السنيورة وبحضور شهيب، وتمنى فيه السنيورة على جنبلاط فتح مطمر الناعمة لفترة قصيرة، لكي يتم جمع النفايات من الشوارع وبشكل سريع، لان الرئيس سلام غير قادر على احتمال الضغوط في هذا الملف، ويهدد فعلياً بالاستقالة.
واضافت المعلومات ان جنبلاط وافق على فتح المطمر لمدة اسبوع فقط، على ان يتم فيه سحب النفايات من الشوارع واراحة الرئيس سلام وحكومته. وعلى الفور، ابلغ السنيورة الرئيس سلام بموافقة جنبلاط على فتح مطمر الناعمة، كما اجرى اتصالاً بالرئيس سعد الحريري ووضعه في اجواء القرار، وعلى الفور بادر سلام الى الدعوة لعقد جلسة استثنائية لمجلس الوزراء.
وفي موازاة ذلك، بادر سلام وجنبلاط الى اجراء سلسلة اتصالات بالرئيس بري وحزب الله والتيار الوطني الحر لتمرير جلسة هادئة للحكومة، والنقاش في ملف النفايات وعدم اثارة موضوع «الآلية» في عمل الحكومة.
وتكشف المعلومات، ان جهود بري نجحت في «اقناع» حزب الله والتيار الوطني والمردة والطاشناق بحضور الجلسة دون اي اشكالات. وعقد وزراء «الكتل الاربعة» اجتماعاًَ وقرروا الحضور ومناقشة ملف النفايات، على ان تسجل خطوة اعتراضية رمزية، تتمثل في غياب الوزيرين جبران باسيل ومحمد فنيش احتجاجاًَ على عدم اقرار آلية جديدة لعمل الحكومة. وبالتالي، تم تمرير خطة شهيب بضغط من سلام الذي وضع استقالته على الطاولة.
وتشير معلومات مؤكدة الى ان نجاح جلسة الحكومة وحضور جميع مكوّناتها لم يأت من الفراغ، بل ان الاتصالات بين القيادات السياسية لاقرار خطة النفايات شملت آلية الحكومة. وتم نتيجة ذلك التطرق الى مبادرة اللواء عباس ابراهيم القاضية برفع سن التقاعد لعدد من العمداء، ومن بينهم العميد شامل روكز. ونشرت المعلومات ان عدد العمداء المقترحين للترقية ارتفع من 12 عميداً الى 21 عميداً، وان المبادرة وافقت عليها معظم المكوّنات الحكومية. وان الوزير ابو فاعور ابلغ النائب عون موافقته، كما ان العماد عون موافق على هذا المخرج. وفي المعلومات ايضاً، انه في حال عدم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، فإن مجلس النواب الذي تبدأ دورته العادية في اول ثلاثاء بعد منتصف تشرين الاول، سيعقد جلسة تشريعية ويقر هذه الآلية قبل 20 تشرين الاول موعد احالة العميد شامل روكز الى التقاعد، وهذه الآلية ترضي العماد عون وتعيد انتظام العمل الى الحكومة. وفي المعلومات ايضاً، ان الرئيس سلام بحث في هذا المخرج مع وزير الدفاع سمير مقبل امس، كما ان هذه «المبادرة» سيتم التوافق عليها على طاولة الحوار كمخرج «لآلية»عمل الحكومة، بالاضافة الى عودة العمل التشريعي. وبالتالي فان مبادرة اللواء ابراهيم هي المخرج الوحيد للازمة ولتفعيل الحكومة، وعلم ان المبادرة متكاملة، وفي حال لم تر خطة النفايات النور، فان البنود الاخرى ايضاً لن تسلك طريق الحل، وبالتالي عودة الامور الى ما كانت عليه قبل جلسة الحكومة اول من امس.
لكن اللافت ان حسابات «الحقل» الحكومي لم تتطابق مع حسابات «البيدر» الشعبي الذي رفض الخطة ونفذ سلسلة تحركات شعبية امام مطمر الناعمة وساحة العبدة في عكار، فيما هدد رؤساء بلديات عنجر ومجدل عنجر والصويري بقطع الطرقات رفضاً لاقامة مطمر في منطقتهم، مشيرين الى ان الارض المقترحة ما زالت موضع اشكال مع الدولة السورية. لكن السؤال الاساسي: هل ستلجأ الدولة الى العودة لفتح مطمر الناعمة وتنفيذ خطتها، خصوصاً ان معلومات وصلت الى شباب «الحراك المدني» عن توجه لفتح المطمر بالقوة؟
وهذا ما دفع المعتصمين الى التحذير من «لعبة الدم» والكرة الآن في ملعب الحكومة، خصوصاً ان الوزير شهيب رفض التعليق على الاعتراضات على خطته، وخصوصاً ايضاً ان القرار في هذا الملف لمجلس الوزراء، علماً ان منظمات المجتمع المدني تتجه ايضاً الى رفض خطة شهيب.
الجمهورية :
فيما سَلك الحوار بين قادة الكتَل النيابية في ساحة النجمة طريقَه ولو بين حقول الألغام، بدا أنّ الطريق إلى تنفيذ خطة حلّ أزمة النفايات المقسَّمة إلى مرحلتين غيرُ معبَّدة جيّداً، وإذ بها تخطف الأضواءَ من الشارع ليترَكّز الاهتمام على سُبل تطبيقها وسط عاصفةٍ من الاحتجاجات التي هبَّت رفضاً للمطامر المقترَحة في المناطق. على جبهة الحوار الذي انطلقَت الاستعدادات لجلسته الثانية الأربعاء المقبل، عبَّرَ رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره أمس عن ارتياحه إلى انطلاق هذا الحوار، مؤكّداً أنّه سيستمرّ وأنّ موافقة المتحاورين على تحديد موعد الجلسة الثانية الأربعاء المقبل كانت تأكيداً لرغبتهم في استمرار هذا الحوار على الرغم مِن سيلِ المواقف المتناقضة التي عبّروا عنها في الجلسة الأولى.
وقال برّي: «ليست لدينا أوهام في أنّنا سنتوصّل إلى نتيجة من الجلسة الأولى أو في الجلسات الثانية والثالثة وربّما الرابعة، والتباعد في المواقف يَشي بأنّ الحوار سيَطول حتى نصل إلى النتائج المرجوّة وفي المقدّمة موضوع رئاسة الجمهورية، فهذا البَند هو الأوّل وسيستمرّ البحث فيه حتى نتوصّل إلى اتفاق».
وسَجّلَ برّي «إيجابيتين» حقّقهما الحوار: الأولى التئام مجلس الوزراء بحضور كلّ مكوّناته واتّخاذ قرار بحَلّ نهائي لأزمة النفايات، فما تقرّرَ مِن خطوات هو المرحلة الأولى من هذا الحلّ وستليها المراحل الأخرى وصولاً إلى الحلّ الشامل.
أمّا الإيجابية الثانية فكانت أنّ المتحاورين وافقوا جميعاً على موعد الجلسة الحوارية الثانية، وفي ذلك تعبير وتصميم لديهم على الاستمرار في الحوار». وأشار بري الى «أنّ الجميع عبّروا خلال الجلسة عن مواقفهم بلا قفّازات وأنّ ما قيلَ عن سجالات حادّة ليس صحيحاً».
وكشَف «أنّ جميع المتحاورين وافَقوا على تسجيل المحاضر على أن لا يُنشر أو يُذاع أيّ شيء إلّا بموافقة الجميع خَطّياً إذا اضطررنا لهذا الأمر. وعندما اقترحت أن لا يتمّ تسريب ما يَحصل من نقاش، كان رأي الجميع أنّه لا يمكن ضبط هذا الأمر، فارتأوا أنّ كلّ مَن يريد أن يتحدّث عليه أن يحرص على عدم البَوح بأيّ شيء يعطّل الحوار أو يسيء إليه».
ولفتَ بري الى أنّه رفعَ الجلسة بعدما أدلى كلٌّ بدلوه، ولم يكن هناك أيّ دافع آخر الى رفعِها «لأنّه استحالَ علينا ان نعقد جلسة ثانية بعد الوقت الطويل الذي استغرقَته الجلسة الاولى. وقد اقترحَ البعض أوّلاً تحديد موعد الجلسة الثانية الثلثاء المقبل فلفتُّهم إلى أنّ هذا الأمر مستحيل لأنّه يصادف انعقاد جلسة الحوار بين «حزب الله» وتيار«المستقبل» في عين التينة، فهذا الحوار مستمر وسيَستمر، وكذلك حوارنا هنا سيَستمر».
وقال إنّ البيان المقتضَب الذي كتبَه وحدّد فيه موعدَ الجلسة الأربعاء وأذاعَه الامين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر وافقَ عليه جميع المتحاورين قبل إعلانه. وقال برّي: «سنظلّ نتحاور في موضوع الرئاسة وغيره الى ان تتوَلّد فكرة في لحظةٍ ما يمكن ان تقرّب بين مواقف المتحاورين ويتوصّلوا إلى اتفاق».
الحوت
وفي المواقف من الحوار، قال نائب «الجماعة الإسلامية» عماد الحوت لـ«الجمهورية»: «بعض المعلومات التي رشَحت عن الجلسة الاولى لطاولة الحوار تؤكّد انّ الهدف الرئيسي هو استيعاب صدمة الشارع ومطالباته وضغطه على القوى السياسية من دون ان يكون هناك فاعلية حقيقية للحوار، خصوصاً أنّ المجتمعين على الطاولة هم أنفسهم الموجودون في الحكومة، وبالتالي هم المسؤولون عن الملفات التي يشكو منها المواطن».
وعن حراك الشارع اعتبَر الحوت انّ «المتظاهرين هم أمام تحَدٍّ واضح: فإمّا أن يتمّ حرفُ حراكهم في اتّجاه تحقيق مكتسبات سياسية لبعض القوى السياسية التي يمكن ان توجّه هذا الحراك، وإمّا أن يبقى فعلاً حراكُهم حراكاً مطلبياً مدنياً ضاغطاً على كلّ القوى السياسية للتخفيف من حجم الفساد الموجود في مؤسسات الدولة، وللضغط حتى تستأنف المؤسسات الدستورية عملها بدءاً مِن انتخاب رئيس جمهورية وصولاً لقانون انتخابي جديد تَجرى على أساسه الانتخابات النيابية ويَسمح بتمثيل أكبر شريحة ممكنة من اللبنانيين».
موقف جنبلاطي
من جهة ثانية، شَدّد رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط خلال يوم «الوفاء لشهداء الكرامة» في مدينة السويداء، في دار طائفة الموحّدين الدروز، على أنّ «المناسبة ليست لتحدّي أحد، نحترمُ جميعَ الآراء ونقَدّر المواقف والالتزامات».
وقال: «نظّمنا الخلاف مع «حزب الله» حول الثورة السورية، هم في موقع ونحن في موقع. ونفهم موقف الحزب «الديموقراطي اللبناني» برئاسة الأمير طلال ارسلان، ولا نريد أن ينتقل أيّ توتر إلى أيّ جهة، هم لهم رأيهم، ونحن لنا رأينا، وكل الشعب السوري سينتصر عاجلاً أم آجلاً». وحيّا «الموقفَ الكبير للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل اللذين يحتضنان الشعبَ السوري المشرّد».
خطة النفايات
وعلى صعيد أزمة النفايات، بدا أنّ «لعنةَ المطامر» تلاحِق خططَ معالجة أزمة النفايات. فقد تفاوتَت ردّات الفعل على خطة وزير الزراعة أكرم شهيّب والتي تبنّاها مجلس الوزراء وأقرّها في جلسته امس الاوّل، بين ارتياح في الشارع اللبناني الى حلّ أزمة النفايات وبين هواجس أهالي المناطق التي وقعَ عليها اختيار المطامر في عكّار والمصنع والناعمة وصيدا، فجابَه هؤلاء خطةَ النفايات بموجة اعتراضات واحتجاجات شاركَ فيها بعضُ البلديات