في أزمة النفايات، يواجه مسار الحل الذي أقرته الحكومة وفق «خطة شهيب» العلمية والبيئية عقبات أهلية تجلت أمس باعتراضات ميدانية في مناطق المواقع المدرجة ضمن الخطة لمعالجة وطمر الأزمة، وسط معلومات موثوقة لـ«المستقبل» عن أصابع سياسية تحاول الضرب على وتر أهالي هذه المناطق وتعمل على تجييشهم في مواجهة الدولة لأجندات فئوية، لا سيما في عكار حيث يعمل «التيار الوطني الحر» بكل ما أوتي من قوة تعطيلية على تأليب الأهالي وإثارة عواطفهم تحت شعار الحرص على عكار وصحة أبنائها بينما هو في واقع الأمر يحرّضهم على اتخاذ خيارات كارثية على صحتهم وبيئتهم من خلال دفعهم إلى رفض تحويل مكب سرار العشوائي غير المطابق للمواصفات الصحية إلى مطمر صحي مستحدث يراعي أعلى المعايير البيئية المتبعة عالمياً. كذلك الأمر، في برج حمود حيث يحاول «التيار» وضع العصي في عجلات الحل المقترح لإعادة استحداث وتطوير مكب المنطقة بشكل صحي وبيئي منتج، في حين أشارت المعلومات إلى أنّ اللجان المختصة تُعد حالياً دراسة علمية حول المكب تضيء على الجوانب الصحية والبيئية المتوخاة منه على أن يتم إنجازها بحلول الاثنين المقبل لوضعها برسم الجهات الأهلية والسياسية المعنيّة. أما في مستجدات أزمة الكهرباء، فبدأت كرة «العتمة» تتدحرج على أكثر من مستوى شعبي ونيابي ومالي لتنبش فضائح الفساد والهدر الكامنة في أداء وزراء «التيار» المقطوع.. ولسان حال اللبنانيين الغارقين في العتمة يقول لهم بحق: «طلعت ريحتكم».

فعلى المستوى الشعبي، تتعاظم التحركات الاحتجاجية في أكثر من منطقة في بيروت وخارجها رفضاً لاستمرار سياسة التعتيم القسري المفروضة على الناس مغرقةً البلاد والعباد في نفق مظلم ممتد على طول عهود وزراء «التقنين» المتعاقبين وأبرزهم وزير الوعد غير الصادق جبران باسيل بتغذية كهربائية 24/24 في العام الجاري، وغيره ممن خلفه وسبقه في وزارة الطاقة من أعضاء تكتل «التغيير والإصلاح». وحيال الواقع المزري الذي بلغه البلد جراء قلة التغذية بالتيار، يتجه الحراك المدني المطلبي إلى تصعيد وتصويب تحركاته الاعتراضية باتجاه وزارة الطاقة والمسؤولين المتعاقبين على حرمان المواطنين من حقهم بالطاقة لحسابات وسمسرات لم تعد خافية على أحد «في ضوء» العتمة المعاشة والوقائع والفضائح المالية التي تتكشف تباعاً في هذا الملف. وفي هذا الإطار علمت «المستقبل» أنّ حملات ائتلافية عدة في الحراك المدني تعقد اجتماعات تنسيقية لوضع خارطة طريق خاصة بالمرحلة المطلبية المقبلة والتي ستتركز بشكل أساس على ملف الكهرباء وفضح الفساد الذي يعتريه.

«المستقبل»

على المستوى النيابي، برز أمس المؤتمر الصحافي الذي عقده نواب في كتلة «المستقبل» في المجلس النيابي والذي استهله النائب غازي يوسف بتوجيه التحية إلى الحراك المدني الذي يطالب بحقوقه وبمكافحة الفساد والمحاسبة ووقف هدر المال العام، واضعاً أمام الرأي العام جملة وقائع وحقائق تُسائل «التيار الذي يدعي الإصلاح» وتوضح بالأرقام الفساد الذي اعترى أداء وزراء هذا التيار في حقيبتي الطاقة والاتصالات منذ العام 2008.. من محاصرة أموال عائدات البلديات في قطاع الخليوي إلى هدر مئات ملايين الدولارات جراء تزوير عقد إدارة شبكة الاتصالات «ميك 1» وغيرها من التلاعب الذي حصل في سبيل إبرام عقود مع شركات بعينها دون سواها، إلى تكبيد المالية العامة ما يفوق 32 مليار دولار من أصل الدين العام جراء الإنفاق على قطاع الكهرباء المقطوعة بما في ذلك مبلغ المليار ومئتي مليون دولار الذي حصل عليه الوزير جبران باسيل إبان توليه وزارة الطاقة وإنفاقه منها أكثر من 700 مليون دولار من دون «دقيقة زيادة واحدة في التغذية بالتيار». مع تذكيره في المجال عينه بمشروع القانون الذي تم تقديمه إلى المجلس النيابي خلال حكومة الرئيس فؤاد السنيورة للتدقيق بمالية الدولة منذ اتفاق الطائف وحتى اليوم بهدف محاسبة كل مسؤول تسبب بهدر المال العام.

وبينما فنّد النائب جمال الجراح بالأرقام التفصيلية ملف الكهرباء، تولى النائب محمد الحجار توضيح الاستجواب النيابي الذي تقدمت به كتلة «المستقبل» حيال هذا الملف مشيراً إلى أنه يتمحور حول مساءلة الوزراء المعنيين عن الفارق الذي يتمحور بشكل أساس حول إنتاج 45% من القدرة التي كان من المُفترض إنتاجها في معامل الطاقة، طارحاً في الوقت عينه علامات استفهام حول مبلغ الـ12 مليار دولار الذي تم تكبيده للخزينة العامة بعد أن تم تحويله من جيب المواطن أثناء «الحقبة العونية» في وزارة الطاقة والمياه والتي أوصلت لبنان إلى المرتبة الأخيرة في العالم لناحية التغذية الكهربائية جراء سياسة الفساد والصفقات الملموسة التي اتبعت من قبل وزراء هذه الحقبة.

اشتباك المالية والطاقة

تزامناً، لفت الانتباه أمس الاشتباك الإعلامي الذي وقع بين مكتبي وزارتي الطاقة والمالية على خلفية اتهام الأولى الثانية بأنها تتحمل مسؤولية تكبيد الخزينة مبلغ الغرامات المدفوعة للشركة الدانماركية بسبب تمنعها عن دفع مستحقات للشركة خلافاً لبنود العقد الموقع معها ضمن إطار مشروع زيادة وحدات إنتاجية جديدة في معملي الذوق والجية، الأمر الذي سارعت وزارة المالية بالرد عليه في بيان مقتضب جاء فيه: «بيان وزارة الطاقة يشبه طاقتها في تأمين الكهرباء، وأن تكذب كثيراً فلن يغيّر الحقائق«.

جنبلاط

على صعيد منفصل، غصّت دار طائفة الموحدين الدروز في بيروت أمس بآلاف المشاركين في تأبين الشيخ وحيد البلعوس الذي اغتيل في سوريا، وكانت كلمة وطنية بارزة ألقاها للمناسبة رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط شدد فيها على كونها «مناسبة تضامنية جامعة مع شهداء جبل العرب ورسالة إلى جبل سلطان باشا الأطرش من جبل كمال جنبلاط»، مؤكداً أنّ التضامن هو «مع جميع شهداء الشعب السوري الذي سينتصر عاجلاً أم عاجلاً».

وختم جنبلاط كلمته بدعوة المناصرين إلى رفع صورة الشيخ البلعوس «إلى جانب صورة الطفل حمزة الخطيب والرضيع ايلان، وإلى جانب صور شهدائنا الكبار في لبنان رفيق الحريري وجميع شهداء ثورة الاستقلال«، جازماً بأنّ «كلمة الحق ستنتصر» في النهاية.