كأن بالمبادرة الحوارية التي حصلت اليوم وأعلن عنها رئيس مجلس النواب نبيه بري ستكون كفيلة بحل مشاكل بلد إمتلأ بالفساد السياسي، وإن كان الحوار هو سفينة الغوث الوهمية المعتادة في كل محاولات بري الإنقاذية إلا أنها ورغم الشك في مدى فاعليتها هذه المرة تبقى جديرة بالإحترام .
ففي سنة 2006 إستطاع الرئيس بري بحكمته أن يجمع الأطراف المتنازعة حول طاولة حوار لإبعاد شبح الفتنة فأثمرت أجواء من الاستقرار والاعتدال وكانت هذه الخطوة مميزة في الوقت المناسب، وأما اليوم فاستشعار بري بالخطر وبالوضع الدقيق الذي تمر به لبنان جعله يعود بالتاريخ إلى الوراء لإعادة إحياء الحوار. لكن هذه الجلسة اليوم لم تثمر عن أي جديد فشهدت الجلسة خلافات ومشادات كلامية بين رئيس تكتل التغيير والإصلاح عماد عون ورئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة حول آلية انتخاب الرئيس، وربما فشل الحوار يعود إلى تمسك كل سياسي برأيه وبمصالح حزبه الشخصية دون أي اعتبار للتحركات والمطالب الشعبية التي كانت في الطرف الآخر.
ولو عدنا قليلا إلى الوراء حول الحوارات السابقة نجد انها كانت بلا نتائج ، ولذا لا بد من حل وسطي يرضي جميع الأطراف المتحاورة، وخير دليل على ذلك حوار حزب الله والمستقبل الذي منذ أن أقدم بري على هذه الدعوة حتى الآن لا زالت وسائلهما الإعلامية تهاجم بعضها بعضا ويحاول الرئيس بري إطفاء نيرانها في 17 جلسة حوار انتشرت في كامل جسدهما الحزبي دون أي حل أو مصالحة تذكر.
وفي هذا السياق، ومع كل الإحترام لشخص الرئيس بري ولمبادراته وخطواته الإستثنائية والمميزة والمليئة بالحكمة إلا أنه يجب أن يعلم أي رجل سياسي أن شعب لبنان إستفاق من غفلة الإستغلال السياسي ورفع اخيرا شعار كفانا ذلا وإهانة في هذا الوطن.