مجددا تبثت السلطة الرعناء أن مطالب الشعب آخر همها , والمناكفات السياسية هي السائدة بين الاحزاب السلطوية , وكلٌّ يغني على ليلاه , والشعب في وادٍ والاحزاب السلطوية في وادٍ آخر , من جديد تُمعن السلطة بالفساد وتحاول سرقة الوقت لتمرير ما ترسم من مشاريع محاصصة وهذا ما أفشل الجلسة الاولى من الحوار , الذي هو من الاساس فاشل بامتياز , لأن المجتمعين كلٌّ منهم يحمل أجندة خاصة به وبحزبه , فلا أمل بأي حلٍ مع هذه السلطة الفاسدة ومع أحزابها السلطويين لأن أجندات الاحزاب تختلف تماما عن أجندات الشعب , لقد إعتادت الاحزاب على سياسة المحاصصة بكل شيء على حساب لقمة عيش المواطن الذي خُدّر بخطابات دينية وخطابات وحدوية كاذبة مزوّرة للحقيقة والواقع , خطابات وضعت الناس بين سندان المؤامرة الوهمية التي إخترعتها تلك الاحزاب لتخويف الناس وإرهابهم وبين مطرقة لقمة العيش الموعودة والمربوطة بشرط الولاء المطلق للزعيم , لم يتبق من الوطن سوى إسم على غير مسمى , وكل حزب يرسم وطنا على قياسه وقياس مَنْ يموله من الخارج , فبعد هذا على مَنْ نراهن ؟ .

نعم ينبغي أن نراهن على جيلٍ شبابي جديد , قرأ وتعلّم وفَهِم الواقع وأدرك أن مستقبله لا يجوز أن يُربط بزعيم أو بشخص أو بحزب , بل لا بد من ربط مستقبله بقانون يتساوى فيه كل الناس بقواعد قانونية عامة مجردة لا تميّز بين مواطن وآخر , وبسيادة قانون المراقبة والمحاسبة , وبسياسة الشفافية التي يتمثّل فيها كل الشعب تمثيلا حقيقيا وليس تزويرا , نعم ينبغي أن نراهن على هذا الحراك الشعبي الذي صدح بكل حرية عن معاناته وآلامه وعن أسبابها بكل جرأة , لم يعُد بين يدي الشعب ما يخسره , بعدما خسر الكرامة التي لطالما تغنى بها وكانت آخر ما تبقى له .

سلطة فاسدة بامتياز , وأحزاب مرهونة للخارج بامتياز , والادهى من كل ذلك هو الوقاحة التي يتمسكون بها ويدافعون بها عن فسادهم وخيانتهم التي لم تبق من الدولة والوطن شيئا يأسف عليه المواطن .

عن أية كرامة تتحدثون ؟ عن مواطن يئن على أبواب المستشفيات الحكومية والخاصة , أم عن مواطن يصرخ من داخله على أبواب مدارس الحكام والاحزاب التي تسلخ جلده قبل أن تُريق ماء وجهه , عن عتمة ظلماء في بيوت الفقراء والمساكين والمقهورين ..... كفانا ذلا .