انتهت جلسة الحوار الاولى، كما بدأت بتكرار المتحاورين لمواقفهم من ملف الانتخابات الرئاسية، بحيث لم تظهر مداخلات الشخصيات المدعوة للحوار، اي تغيير ولو بسيط، في الملف الرئاسي، ما يؤشر ان الجلسة كانت اشبه بـ«طبخة بحص» وبالتالي فلا مؤشرات لحصول تقدم في هذا الملف بالجلسة المقبلة في حال قرر الرئيس بري استكمال مناقشة الموضوع الرئاسي بدل الانتقال الى بند آخر.
طاولة الحوار لن تنتج شيئاً بل على العكس ستعمق «المأزق القائم» لان الازمة ازمة نظام، انتجتها هذه الطبقة السياسية، ولذلك لا حلول طالما هذه الطبقة مصرة على «سد اذانها» لمطالب الناس وشباب «الحراك المدني» الذين غطوا ساحتي رياض الصلح والشهداد امس وهتفوا ضد هذه الطبقة وفسادها لكن «على من تقرأ مزاميرك يا داوود» لان هذه الطبقة لن تتنازل عن حصصها وامتيازاتها بالسهولة التي يتصورها البعض. وهذا ما يتطلب من شباب «الحراك المدني» الاستعداد لمواجهة طويلة تتطلب تنظيم الصفوف وتوحيد الشعارات وعدم الانسحاب من الساحات وعدم اعطاء اي «ورقة» للطبقة السياسية للرهان على تشتت شباب «الحراك المدني» والتغلب عليهم.
ـ ما حصل خارج الجلسة ـ
الا ان الاهم ما حصل امس، في محيط مجلس النواب حيث تحول محيط المجلس الى اشبه بثكنة عسكرية مع انتشار المئات من شرطة المجلس وآخرين من قوى الامن الداخلي ومكافحة الشعب بالاضافة الى عناصر من الجيش اللبناني على كل مداخل المنطقة المؤدية الى مبنى البرلمان، وجرى منع الدخول الى اي كان باستثناء اصحاب المؤسسات في المنطقة، مع استحالة دخول الزبائن الى هذه المؤسسات.
في حين تجمع عدد من الناشطين منذ صباح امس على مدخلين من جهة الخروج في مواجهة حواجز قوى الامن وقاموا برشق الوفود المشاركة بالحوار بالبيض لحظة وصولهم الى المكان المخصص لدخول المتحاورين، كذلك بعد خروجهم من مجلس النواب.
ـ اجواء الجلسة ـ
وكانت جلسة الحوار بدأت بمداخلة الرئيس بري الذي تحدث عن حيثيات واسباب دعوته للحوار، وتطرق الى ما تواجهه البلاد من تعطيل للمؤسسات وازمات مستمرة من الشغور الرئاسي الى تعطيل مجلسي النواب والحكومة وتفاقم الملفات الحياتية والوضع في المنطقة الذي يغلي نتيجة ما نشهده من حروب. ولذلك علينا التحاور لنصل الى حلول لهذه الازمات، وانا وقعت جدول الاعمال لان هذه العناوين هي التي تشغل جميع اللبنانيين.
ـ جنبلاط ـ
وتحدث في الجلسة النائب وليد جنبلاط الذي دعا لانتخاب رئيس للجمهورية كأولوية ضرورية لاطلاق عمل المؤسسات وشدد على ضرورة معالجة الملفات الحياتية وتفعيل عمل الحكومة وفتح دورة استثنائية لمجلس النواب.
ـ الرئيس ميقاتي ـ
والقى الرئيس نجيب ميقاتي مداخلة قال فيها «اوجه الشكر إلى دولة الرئيس الأستاذ نبيه بري على جعلِ الحوار ممكناً من جديد على طاولةٍ واحدة، وبين كافةِ الأفرقاء والأطراف السياسيين. كما أوجِّه شكري أيضاً للحاضرين جميعاً هنا، الذين استجابوا لهذه الدعوة. لم يعد لدينا إلا خيارا واحدا وهو الخروج بحلول تنبع من رغبات شعبنا، على ما أشارت إليه الدعوة التي تلقيناها إلى الحوار، والأهم أن نلتزم معاً بتطبيق هذه الحلول ووضعها على سكة التنفيذ».
اضاف «وظيفة هذا الحوار اليوم، تتلخَّص ببناء الوطن وإنقاذ المواطن وحماية الجمهورية وصونها، وفي الحدِّ الأدنى التفاهم على تفسير مشترك للدستور وحسن تطبيقه».
إذا كان معظم هذا الشارع على حقٍّ في مطالبه، فيما قلة منه تجاوزت الخطوط الحمر، وأثارت الشبهات والمخاوف حول دوافعها، فإن الحري بنا أن نستوعب الدروس مما جرى في العالم العربي في السنوات الأخيرة، حيث تحول اندفاع الشباب إلى ثورات، سرعان ما تلطخت بالدماء والحروب والعنف، فانحرفت، وضاعت الأهداف، وعمت الفوضى والمآسي.
وقال «واجبنا العمل على التمييز بين الصرخة المحقَّة والتحركات المفتعلة والسير الى جانب المطالب المشروعة لشعبنا والسعي إلى تحقيقها، وكسب ثقة العالم الخارجي، فنؤكد بذلك أننا نستحق الاحترام. علينا اليوم الإصغاء إلى صوت الشباب، الذين خرجوا من رحم رفضهم لبؤس الأحوال التي وصلنا إليها».
وقال «لنضع معاً الآن أولويات الإنقاذ المنشود، ونبتدع المخارج والحلول، ونبدأ التنفيذ، قبل أن ينفذ وقت العقل، وتخرج الأمور عن السيطرة، ويتعرَّض لبنان إلى خطر الفوضى والانهيار».
ـ العماد عون ـ
هنا تحدث العماد عون وقال «عندما تتراكم الازمات كما هو حاصل اليوم يجري حل المجلس النيابي لاجراء انتخابات نيابية ونحن نحتاج الى تفويض شعبي جديد بعد التمديدين اللذين حصلا ولا يجوز انتخاب الرئيس من هذا المجلس، واشار الى ان التفويض الشعبي له طريقان اما اقرار قانون انتخابي نسبي بالكامل واقرار الانتخابات او اللجوء الى انتخاب رئيس للجمهورية من الشعب مباشرة».
ـ السنيورة ـ
وهنا تدخل الرئيس السنيورة فشدد الى اولوية مشاركة تيار المستقبل في الحوار وقال ان هذه المشاركة هي تعبير صريح عن توجهنا ورؤيتنا بأن الحوار هو الطريق الوحيد لحل مشاكلنا. ورأى ان الهدف من الحوار هو الحفاظ على السلم الاهلي ومواجهة انزلاق لبنان نحو العنف. وطالب بأن يكون الحوار مدخلاً لاستعادة دور المؤسسات بدءا من انتخاب رئيس للجمهورية غامزاً من قناة ما يطالب به العماد عون من ترتيب اخر يعطي الاولوية ليس لانتخاب الرئيس بل للانتخابات النيابية وتسأل: لماذا يحق لمجلس النواب وضع قانون انتخاب وتعديل الدستور ولا يحق له انتخاب رئيس للجمهورية.
ـ رد عون ـ
رد العماد عون فأكد على ضرورة تعديل المادة 49 من الدستور لانتخاب رئيس الجمهورية من الشعب او اعتماد قانون للانتخاب على اساس النسبية تمهيداً لاجراء الانتخاب ومن ثم يتم انتخاب رئيس الجمهورية وهنا تدخل النائب بطرس حرب ورد على العماد عون ما ادى الى حصول جدال بين الرجلين وادى الى تدخل الرئيس بري لايقافه.
ـ النائب رعد ـ
كما تحدث النائب محمد رعد فشدد من جهته على ضرورة اعتماد قانون النسبية لاجراء الانتخابات ورأى ان هناك ضرورة لانتخاب شخصية مارونية ذات تمثيل واسع في الساحة المسيحية داعيا الى عدم الاعتماد على تطورات خارجية وربما لتطبيق الدستور كاملا رافضا الاستنسابية. وتحدثت الشخصيات الاخرى التي حضرت الحوار فأعادت التأكيد على مواقفها التي كانت اعلنت عنها قبل طاولة الحوار حول الملف الرئاسي وباقي الامور الاخرى.
وقالت مصادر شاركت في الحوار ان كل المداخلات تحدثت عن الوضع الاجتماعي الصعب للناس فرئيس الحكومة تمام سلام شدد في مداخلته على ضرورة تعاون القوى السياسية لمعالجة الازمات التي تواجهها البلاد، واستدعت نزول الناس الى الشارع، خصوصاً ازمة النفايات
واشارت المصادر الى ان مناخ النقاشات كان ايجابيا والقوى السياسية استمعت لبعضها بهدوء ووجها لوجه بعيداً عن التراشق السياسي والاعلامي ورأت ان لا احدا كان يتوقع ان تخرج الجلسة الاولى بمقاربات او حلول للملف الرئاسي او غيرها من الملفات المطروحة، ولعل الجلسة المقبلة تصل الى تقويم مشترك للملف الرئاسي، لكن النقاشات في الملف الرئاسي بقيت على حالها.
ـ الحراك المدني ـ
وفيما كان المتحاورون في المجلس النيابي يناقشون «طبخة بحص» كانت اصوات المتظاهرين تعلو في ساحتي رياض الصلح والشهداء وقد نجح «الحراك المدني» في الاختبار الشعبي عبر القدرة على حشد الناس في الساحتين عبر شعارات حضارية ضد هذه الطبقة السياسية، وبالتالي فان «الحراك المدني» سيتواصل ولن ينسحب من الساحات حتى تحقيق المطالب مهما «راهن» البعض على ان هذا «الحراك» «ظاهرة صوتية» ستنتهي قريباً ولا داعي للقلق والتنازل.
وفي ظل هذا التوجه فان المواجهة سترتفع خلال الاسابيع القادمة، وسيستخدم المتظاهرون اساليب جديدة ستدفع الناس الى مساعدة هؤلاء الشبان بعدما جاءت الاحصاءات لتؤكد ان 84% من اللبنانيين هم مع هؤلاء الشبان وان الطبقة السياسية لم تقدم للبلد الا المآسي، ولا أمل بالتغيير الامن خلال هذا الحراك المدني، وبالتالي فان «الشتاء سيكون قاسياً وبارداً على هذه الطبقة السياسية».
ـ ملف النفايات ـ
على صعيد آخر، اقر مجلس الوزراء خطة الوزير أكرم شهيب لحل أزمة النفايات التي تضمنت غموضاً لناحية التنفيذ واعطت دوراً للبلديات واتحاد البلديات لمعالجة ملف النفايات. كما مددت لشركة «سوكلين» لسنة ونصف كفترة انتقالية حتى تجهيز البلديات المطامر، كذلك مددت العمل لمطمر الناعمة لمدة 7 ايام حتى يتم سحب النفايات المتراكمة في شوارع العاصمة وجبل لبنان فوراً على ان يتم تأهيل المكبّ بعدها لجهة انتاج الطاقة الكهربائية وتوزيعها مجاناً على القرى المحيطة بمكب الناعمة كما تضمنت الخطة تأهيل مكبّ برج حمود وانشاء مكبين في منطقة المصنع واسرار في عكار على أن يتم متابعة التنفيذ من قبل اللجنة التي صاغت التقرير والوزير أكرم شهيب.
واللافت ان الخطة تضمنت عناوين عامة اقرّ خبراء بيئيون بصعوبة تنفيذها في الفترة القادمة واعتبروا ان الحل جاء متسرعاً وتبقى العبرة في التنفيذ شبه المستحيل.
ومن الطبيعي ان تلاقي الخطة ردود فعل شعبية واسعة بعد ان أعلن المجتمع المدني في منطقة عاليه ليلاً اعتراضه على التمديد لمطمر الناعمة لأنه غير قادر على استيعاب اي كمية جديدة من النفايات.
السجالات بين عون والسنيورة وحرب
عند مداخلة الرئيس فؤاد السنيورة، قال ان العماد ميشال عون يعرقل انتخاب رئيس مع حزب الله بتعطيل النصاب في مجلس النواب، فاجاب العماد عون «القصة واضحة.. الرئيس نبيه بري رئيس مجلس نواب، لأن الكتلة النيابية الشيعية معه، والرئيس سعد الحريري معه الحكومة لأن الكتلة السنية الأكبر معه، وبالنسبة للوزير وليد جنبلاط تختارون الوزراء الدروز من عنده لأنه يملك الكتلة الدرزية الأكبر، ولا تأخذون وزير مثل الأمير طلال أرسلان مباشرة الا بالتنسيق مع جنبلاط مثل الوزير مروان خيرالدين».
أما بالنسبة للمكون المسيحي، الممثل لاكبر كتلة مسيحية مارونية، و«انا اكبر رئيس كتلة مسيحية مارونية»، فرد عليه السنيورة «الكتائب والقوات لا تؤيدك»، الرئىس القوي ليس ضرورياً ان يكون من الشعب». فقال له عون ان هناك نواب سنة لا يؤيدون تيار المستقبل، ومع ذلك الرئيس الحريري يقرر رئاسة الوزراء لأنه يملك الكتلة السنية الأكبر.
وعلا الصوت بين عون والسنيورة بشكل قوي، فتدخل بري بعدما بدأ العماد عون يقول «سرقتوا البلد وجايين تحكوا»، ورد السنيورة «هذه اهانة لا نقبلها كلكم سرقتوا»، فقال عون «انت وزير المالية اللي خرب البلد يلي وقعتنا تحت ديون وفرضت ضرائب ورسوم والغلاء على الشعب»، فرد السنيورة، «انت يلي عملت حروب يا جنرال.. ساعة مع القوات وساعة مع سوريا وخربت البلد».
فاوقف الرئيس بري الجدال لخمس دقائق، ثم استانف الحوار طالبا الهدوء واعطى الكلمة لإحدى الشخصيات المشاركة.
كما حصل سجال بين العماد ميشال عون والوزير بطرس حرب حول كلام العماد عون بان المجلس النيابي لم يعد شرعياً ويجب تعديل الدستور لانتخاب الرئيس من الشعب.
فرد حرب بالقول: «سمعت احدهم يقول ان المجلس غير شرعي فاذا كان غير شرعي كيف سيعدل الدستور لاجراء الانتخاب من الشعب».
فاجابه العماد عون: حكيت قانون جاوبني قانون.. مش بالشخصي وبالنوايا».
وكان الوزيرحرب قد غرد على «تويتر» عن السجال مع العماد عون وقال له: «وطي صوتك، انا سمعتك ولم اقاطعك، وكما سمعتك عليك ان تسمعني».
ورد المكتب الاعلامي للعماد عون على تسريبات الوزير حرب داعياً اياه الى الاقلاع عن العنتريات والبطولات الفارغة لانها لن تغطي حقيقة، الشهود عليها كثر».