يوم المواجهة بين الحوار المرتبك بأولوياته المتعددة , بتعدد اهداف المتحاورين الذين لم يجتمعوا يوما الا ضد مصالح الناس , وبين نبض الشارع الثائر الذي يحمل أولويات تختلف عن أولويات السلطة وأحزابها .
الناس يطلبون لقمة عيش بكرامة ويطالبون بإصلاح الطرق التي تؤدي الى هذه اللقمة النظيفة العزيزة , والسلطة تريد الاستمرار بمنهج تمييع القضايا , وإلقاء اللوم على مجهول كما دأبت بكل الملفات التي أوصلت لبنان الى هذا المكان المقفل .
فما على الناس إلا الاستمرار بحراكهم السلمي والاصرار على مطالبهم الاصلاحية وإن طال الزمن فإن المثل يقول :" كثرة الدق بفك اللحام " .
فما قيل عن الحراك من تشكيك وإتهام الى الان لا يستند الا الى اسلوب السلطات المستبدة , فأي جهة مستبدة متهمة بالفساد لا بد أن تدافع عن نفسها باساليب إلقاء التهم والتشكيك بالاهداف , والهروب من الواقع الى عناوين تخديرية لا طائل منها ولا نتيجة منها سوى كسب الوقت , فلم يَعُد هناك شيء يُؤسف عليه في ظل هذه السلطة التي أفسدت الحرث والنسل , ومارست الفساد بشكل فاضح إعتمادا على ان الناس مخدّرة بالمذهبية والطائفية , وقد فات الاحزاب السلطوية أن ثمة جيلا واعٍ في لبنان برز للمواجهة ويحمل طموحات وثقافة تختلف عن طموحات وثقافة السلطة وأحزابها .
لا بد للسلطة وأحزابها من الاهتمام بطموحات الجيل الجديد وتطلعاته , بالاضافة الى الاهتمام بواقع الناس المرير , ولا بد لها من أن تشعر بآلام الناس وأوجاعهم , فإن هذا الاسلوب من " التمسحة والعناد " يؤجج الخلاف ويدفعه الى التصعيد ويُبعد الحل إن كان يوجد بين يدي السلطة حلا .
إستمرار الحراك ضروري لتحقيق المطالب المعيشية , وتنظيمه ضروري لتحقيق الاهداف السياسية , فهذا الحراك يُعتبر مفصل تاريخي في مسار لبنان الجديد الذي يحلم به اللبنانيون , فأقل ما يستحقه هذا الشعب الذي عانى وما زال يعاني هو عيشٌ بكرامة , ولم يطلب الشعب شيئا مستحيلا , إلا أنه عند هذه السلطة وإحزابها التي رهنت كل شيء للخارج تحوّل كل شيء الى مستحيل , فلا يصدّق أحدٌ أن كومة نفايات استعصت على السلطة , بل إن الذي إستعصى على السلطة هو الوقاحة والفساد , لأن الوقاحة والفساد والكذب التي إتسم بها السلطويون هي اضعف من النفايات