يوم المواجعة بين الحوار المرتبك ونبض الشارع الثائر , أولوية المتحاورين رئاسة جمهورية منتخب من مجلس غير شرعي , وهدف الشارع لقمة عيش بكرامة
السفير :
لم يكن ينقص سوى هبوب العاصفة الرملية على لبنان حتى يكتمل سوء الرؤية، عشية افتتاح طاولة الحوار في مجلس النواب اليوم، بحضور قادة الكتل النيابية الاساسية أو من يمثلهم.
وإذا كان لبنان قد أصبح في «عين العاصفة»، فإن المتحاورين سيجدون أنفسهم اليوم في مواجهة «رياح شعبية» ساخنة قد تأخذ في طريقها كل من يصر على معاندتها.
هذه المرة، الوقت ليس حليفا للطبقة السياسية التي اعتادت على شرائه ثم بيعه للناس، بل هو غدا سلاحا في يد الحراك الشعبي الذي سيجعل طاولة الحوار محكومة بسقوف زمنية غير مفتوحة، تحت طائلة قلب الطاولة على الجميع.
سيعبر الآتون الى الحوار شوارع تحمل آثار معركة النفايات المفتوحة على المجهول، وسيقفزون من فوق المعتصمين المضربين عن الطعام من شباب لبنان الذين يكاد يخنقهم النظام الطوائفي ويسد أمامهم أبواب مستقبلهم.
.. وإذا ما وصلوا بالسلامة الى الباب المرصود للمجلس النيابي الذي غادروه متسببين في تعطيله كمؤسسة للتشريع والمحاسبة وتجسيد الديموقراطية، فقد يتذكرون انهم لو كانوا «نواباً» لا يزالون يمثلون الشعب فعلا بعد تمديدين، وانهم لو تحملوا مسؤولياتهم فعلا، لما بات مبنى مهجوراً، يوفر الفراغ فيه ومن حوله، مساحة حرة يتنزه فيها الحمام والأطفال.
أما متى دخلوا مبتسمين لعدسات التصوير (ولجمهورهم من خلفها)، فإنهم سرعان ما سيعبسون متخذين ملامح الجدية الطارئة تمهيدا لمباشرة أو لاستئناف العراك العبثي الذي من شأنه أن يضيّع جوهر القضية، وكلٌ يرمي بالمسؤولية على الآخرين.
إنهم يعرفون ولا يعترفون بأن تقصيرهم أو قصورهم هو السبب الأول والأخير في تراكم المشكلات وفي تشويه صورة النظام البرلماني، فضلا عن تمثيل الشعب والديموقراطية استطرادا.
لعلهم يشعرون بشيء من الخوف من هذا الحراك الشعبي الذي تجاوز تقديراتهم بجديته وضخامة حشوده وصراحة موقفه منهم (حكما ومعارضة).. لكنها لحظة عابرة، فثقتهم في صلابة نظامهم الطوائفي غير محدودة، وليس أسهل من تحويل الاعتراض الى مشروع فتنة.
إنها لحظة مواجهة نادرة بين الحق كله والباطل كله، في الشارع وأمام الناس.
المهم أن يستمر الشباب في انضباطهم وفي إعلاء مطالبهم النظيفة وعدم الانجرار الى جعل المعركة «تخبيصة»، فهي مع النظام كله وليست مع الأشخاص، بغض النظر عن مواقعهم.
بري
وعشية انعقاد الجلسة الاولى للحوار، أوضح الرئيس نبيه بري أمام زواره امس انه مستعد لعقد اجتماعات متواصلة، بما في ذلك السبت والاحد، مع جلستين يوميا، لتسريع وتيرة النقاش، مشيرا الى ان الحوار سينطلق من بند رئاسة الجمهورية «وسنبذل كل الجهد للتوصل الى نتيجة في شأنه، لكن إذا تعذر ذلك، ننتقل الى بنود أخرى».
وردا على سؤال، أبدى استعداده على المستوى الشخصي لاستقبال وفد من الحراك المدني، إلا ان هذا الحراك ليس شريكا في طاولة الحوار.
ولفت الانتباه الى ان حوار «حزب الله» ـ «تيار المستقبل» لا يتعارض مع طاولة مجلس النواب، معتبرا انه نجح في تحقيق إنجازات على المستوى الامني.
السنيورة
وأبلغ رئيس «كتلة المستقبل النيابية» الرئيس فؤاد السينورة «السفير» أنه يتمنى من كل قلبه «نجاح طاولة الحوار، لكن من باب مصارحة الناس أشدد على ان الطريق الوحيدة والقصيرة لتحقيق هذا الهدف تتمثل في إعطاء الأولوية القصوى لانتخاب رئيس الجمهورية، ومتى توصلنا الى انتخابه، تُحل تلقائيا كل أو معظم البنود الاخرى المدرجة على جدول الأعمال، والتي ترتبط بشكل أو بآخر بوجود الرئيس وتوقيعه، ولذلك يجب عدم تضييع البوصلة وبعثرة الجهد».
وأضاف: ان التوافق على انتخاب الرئيس هو «المفتاح المركزي» الذي من شأنه ان يقود الى فتح كل الابواب المغلقة، وما دمنا لم ننجز هذه المهمة فإن المشكلات الاخرى ستظل معلقة ومعقدة.
النهار :
هل بدأت المواجهة وهي الى تصعيد أم انطلقت عملية "تنفيس" الحراك الشعبي؟ في ساحة النجمة حوار الضرورة في محاولة لاستيعاب الشارع المنتفض على واقع أليم، وفي المحيط متظاهرون امام تحدي الحشد، يؤكّدون أن الحوار بلا جدوى، وان التجربة السابقة خير دليل على ذلك، وان المتحاورين غير مؤهلين لتوفير الحلول للمشكلات القائمة. وإذا كان الداعون الى التظاهر والاعتصام اليوم يعوّلون على حشد اضافي توفره هيئة التنسيق النقابية للحراك المدني في الشارع، فان اتصالات سياسية حاولت امس "سحب" هذا الدعم من طريق الضغط على مكونات الهيئة، تلك التي خضعت سابقا لارادة السياسيين فأخرجت النقابي حنا غريب من صفوفها، وسكتت عن مطلبها الاساس وهو سلسلة الرتب والرواتب. وابلغت جهات عدة دعت الى التظاهر وجوب المحافظة على الأمن، وعدم توفير غطاء لأعمال شغب محتملة.
ومع ظهور تفهّم متكرّر لمطالب المتظاهرين، رسم وزير الداخلية نهاد المشنوق وقائد الجيش العماد جان قهوجي الحدود المسموح بها للحراك، فرأى الأول ان "بيروت تشهد حراكاً مطلبياً لحل أزمات الكهرباء والمياه والنفايات"، مؤكداً أن "حق التظاهر مكرس في الدستور اللبناني"، لكنه أكد أنه لن يتردد "في أمرين أولهما صد محاولة شيطنة قوى الأمن الداخلي والاصرار على التعدي على عناصرها، وثانيهما حماية المتظاهرين السلميين وحماية الاملاك العامة والخاصة". بينما أطلع قهوجي البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي على موقف الجيش من مجريات التحركات الشعبية، وقال: "الشعب نزل الى الشارع ليقول إنه موجوع ويجب ان يبقى التعبير تحت سقف القانون".
الحوار
أما الحوار الوطني الذي لن يخضع لتأجيل الساعة الاخيرة كما سرت شائعات، فانه جمع امس قوى 8 آذار ظهرا، و14 آذار مساء، لتوحيد المواقف من الجلسة الاولى التي تعقد ظهر اليوم. وعلمت "النهار" من مصادر ذات صلة بالحوار أن الرئيس نبيه بري سيكون شريكاً في حل أزمة النفايات مع رئيس الوزراء تمام سلام الذي تسلّم أمس تقريراً عن مشروع الحل من وزير الزراعة أكرم شهيب. وأوضحت أنه من المرتقب أن يصدر عن الحوار موقف يكون بمثابة التغطية السياسية لحل النفايات بما يتلاقى ومطالب المتظاهرين.
وفيما قدم الوزير شهيب التقرير الذي أعده الى سلام وضمنه كل الاقتراحات، يبدو انه فوجئ بالكلام الذي قاله العماد ميشال عون بعد ظهر أمس عن وجود خطة متكاملة لدى التيار في موضوع النفايات تستبق ما سيعرضه، علما ان الوزير الياس بو صعب كان ابلغ شهيب لدى الاطلاع على خطته انها خطة التيار بالذات في اللامركزية واعطاء المجال للبلديات. وأفادت معلومات ان الرئيس سلام سيعرض الخطة في مستهل جلسة الحوار من أجل الحصول على موافقة الاطراف، بينما قال الوزير شهيب "النهار" انه سيكون منفتحاً على كل الاقتراحات والتعديلات انطلاقاً من ان الأهم هو التوصل الى حل.
وبعد اكتمال عقد المتحاورين الـ16 ومساعديهم، سيلقي بري كلمة استهلالية يركز فيها على الجدوى من هذا الحوار" الذي لا بد منه"، ويسأل عن البديل في ظل الشروط والشروط المضادة التي بدأت بالتصاعد مسابقة آثار العاصفة الرملية التي اجتاحت مختلف المناطق. ويتوقف بري عند دخول بعض الافرقاء في حلبة من المزايدات، كأن الجميع يتحضرون للنزول الى مباراة وتسجيل نقاط على الفريق المنافس.
وعلمت "النهار" ان العماد عون سيعرض موضوع انتخاب رئيس مباشرة من الشعب، او اجراء انتخابات نيابية على اساس النسبية المطلقة، وتنتخب السلطة الجديدة رئيسا للبلاد. ويتسلح عون بالحشد الذي لاقاه الى ساحة الشهداء الجمعة الماضي. وبعد ادلائه بآرائه سيترك مهمة المتابعة للوزير جبران باسيل.
وكان تصعيد في المواقف استبق الجلسة، فنواب "المستقبل" رأوا ان "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" يعطلان الاستحقاق الرئاسي، و"إن مرتبة حزب الله في الفساد تفوق كل التصورات". اما العماد عون فتمنى" ان لا نجبر للعودة مرة ثانية الى الشارع وعلى الارجح سنعود وحينئذ تكون الدعوة لجميع اللبنانيين والطوائف. ونتمنى على المسؤولين الذين سنجتمع بهم غدا ان يكونوا فهموا الحديث واكيد فهموا لأنهم "شاطرين" وان نسير بهذا الحوار لننتج دولة لا مزارع مجيرة لأشخاص". وتوجه رئيس حزب الكتائب سامي الجميل الى الرئيس سلام: "دولة الرئيس نقول لك اذا لست قادرا على ضرب يدك على الطاولة فنحن غير مستعدين لأن نكون شهود زور في حكومة غير قادرة على نزع النفايات"، معتبرا ان "وجود الحكومة أصبح شبيها بغيابها فإما أن نسير بالخطة التي وضعتها لجنة النفايات ونرفعها صباح غد من الشارع واما بقاؤنا بها لن يعود له أي مبرر".
كيري وسلام
وعشية الحوار الوطني، اتصل وزير الخارجية الأميركي جون كيري بالرئيس تمام سلام ليناقش معه الخطط المتعلقة باجتماع مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان المقرر عقده على هامش دورة الجمعية العمومية للأمم المتحدة في 30 أيلول في نيويورك.
وأفاد مراسل "النهار" في واشنطن هشام ملحم أن كيري أكد لسلام دعم أميركا القوي والمستمر لجهوده الرامية الى دفع التوافق السياسي على رغم التحديات التي تواجه لبنان. كما أكد له استمرار التزام أميركا استقرار لبنان وأمنه واستقلاله.
وبحث الوزير الأميركي ورئيس الوزراء اللبناني أيضاً في الحاجة الى انعقاد مجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت ممكن بما يتفق والدستور اللبناني والميثاق الوطني.
المستقبل :
في الأحوال الجوية والسياسية، وبالمختصر المفيد، «الأصفر» يخنق البلد. فعلى مستوى الطقس الرملي يواصل غبار العاصفة الصفراء تمدده الخانق على امتداد الخارطة الوطنية خاطفاً الأنفاس والأرواح ومستنفراً الطواقم الطبية والإسعافية لإنعاش المصابين بحالات اختناق (ص 10-11) ما فرض إعلان إغلاق المدارس والمؤسسات والإدارات العامة اليوم حرصاً على صحة المواطنين. أما على المستوى السياسي، فلا يزال «حزب الله» يحفر عميقاً في أرضية الدولة تمهيداً لغرز رايته التعطيلية «الصفراء» فوق أنقاض الجمهورية بعدما نجح في خنق مؤسساتها الدستورية واحدة تلو الأخرى بقفازات «برتقالية» أطبقت على الرئاسات الثلاث وتكاد تجهض حوار الإنقاذ في مهده من خلال إطباق رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون على جدول أولوياته ومحاولة حرفها عن مسار الحلول الدستورية الوطنية باتجاه مستنقع «أنا ومن بعدي الطوفان».
وعشية انعقاد الحوار اليوم على وقع التحركات المطلبية التي ستواكبه في الشارع، توجهت كتلة «المستقبل» النيابية «بالتحية من الحراك الشبابي والمدني المنتفض على الشلل الذي يصيب الدولة وعلى الإهانة المتمادية لكرامة كل مواطن»، داعيةً الحكومة إلى الالتئام فوراً لحل أزمة النفايات، ومطالبةً في معرض تبنيها «مطالب استئصال الفساد من جذوره» بإقرار مشروع القانون الذي تقدمت به حكومة الرئيس فؤاد السنيورة عام 2006 والرامي إلى إجراء محاسبة دقيقة وعلمية لمالية الدولة منذ اتفاق الطائف وحتى اليوم «ليتحمّل كل من تورّط بالتطاول على أموال اللبنانيين مسؤوليته الكاملة أمام الشعب».
النفايات
وفي مستجدات مسلسل التعطيل الطويل، كشفت مصادر وزارية لـ«المستقبل» أنّ «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» لا يزالان يحولان دون تطبيق الحلول المرحلية الموضوعة لأزمة النفايات من خلال رفضهم المستمر لانعقاد مجلس الوزراء في سبيل إقرار هذه الحلول بالاستناد إلى التقرير الذي أعدته اللجنة المختصة برئاسة الوزير أكرم شهيب، مشيرةً إلى أنّ رئيس الحكومة تمام سلام يعتزم إثارة ملف النفايات على طاولة الحوار اليوم من زاوية مطالبة الأفرقاء السياسيين بتحمل مسؤولياتهم في هذا الملف رأفةً بالوطن وصحّة أبنائه.
وإذا كان بعض المراقبين يعوّل على إمكانية أن يحقق الحوار خرقاً معيّناً في جدار التعطيل يفتح المجال أمام تفعيل عمل مجلسي النواب والوزراء، إلا أنّ الملاحظ على مستوى معظم الأوساط المراقبة والسياسية هو إبقاء سقف التوقعات منخفضاً تجاه الحوار وما يمكن أن يخرج به ربطاً بالتعنت الحاصل من قبل الفريق المستأثر بالسلطة والذي يرهن البلد لحسابات ومصالح فئوية وإقليمية.
وأمس زار شهيب رئيس الحكومة وسلّمه تقرير اللجنة المختصة وفيه تصوّر كامل للحلول المقترحة التي تتضمن مرحلة انتقالية لا تتعدى 18 شهراً وصولاً إلى الحل المستدام لأزمة النفايات، مشيراً إلى أنّ الملف بات في عهدة سلام «وله وحده اتخاذ القرار المناسب في أسرع وقت ممكن». وعلمت «المستقبل» أنّ رئيس الحكومة باشر في إجراء سلسلة اتصالات مع القوى السياسية المعنيّة توصلاً إلى تفاهم جامع يتيح اتخاذ القرار بشأن المواقع اللازمة التي يتطلبها تطبيق الخطة المرحلية المقترحة في تقرير اللجنة المختصة. في حين سيستكمل شهيب بدوره اتصالاته ومشاوراته مع مرجعيات معينة بهذا الخصوص، على أن يتّجه سلام في ضوء نتائج مجمل هذه الاتصالات إلى اتخاذ قراره بشأن دعوة مجلس الوزراء للانعقاد بغية مناقشة الخطة وإقرارها.
«المستقبل»
بالعودة إلى المواقف السياسية، فقد برز أمس البيان الصادر عن كتلة «المستقبل» إثر اجتماعها الأسبوعي والذي تضمّن سياقاً تفنيدياً واضحاً في مقاربة القضايا الوطنية العالقة على حبال التعطيل مؤسساتياً وحياتياً واقتصادياً ومالياً. ففي موضوع الحوار، أكدت الكتلة أنها تشارك فيه بهدف تحقيق أولوية مطلب انتخاب رئيس للجمهورية باعتباره الممر الحقيقي والمدخل الدستوري الضروري لإعادة الانتظام العام للمؤسسات على أمل تلبية مطالب اللبنانيين بفك أسر الدولة ومؤسساتها عبر هذا المدخل لكي لا تصبح جلسات الحوار هدراً للوقت وإشغالاً للبنانيين ولوسائل الإعلام دون طائل، مع تحذيرها في المقابل من تداعيات استمرار المراوحة وعدم المبادرة إلى حسم مسألة الشغور الرئاسي على كافة أوجه المصلحة الوطنية «إذا ما استمر ترف التعطيل السياسي ضارباً ومسيطراً على تصرفات «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» والقوى الحليفة لهما المحمية بالسلاح الخارج على الإجماع الوطني وعلى القانون وعلى روحية العيش المشترك».
الديار :
عاصفة «صفراء» طبيعية، اطبقت على صدور اللبنانيين امس، وفاقمت من مآسي وهموم العواصف التي يعيشونها بدءاً من النفايات الى تقنين الكهرباء، وشح المياه وعجقة السير وبداية العام الدراسي وغلاء الاقساط والكتب والقرطاسية، وجعلتهم ربما يلعنون الساعة التي ولدوا فيها في هذا البلد الذي وهبه الله جمالاً يفوق كل وصف، وشعباً طيباً، جعلته الطبقة السياسية يكفر بكل شيء جراء ممارساتها التي فاقت كل «حدود المعقول» دون الالتفات الى صرخات الناس الذين فاجأوا الطبقة السياسية، بردهم المدني ونزولهم الى الشارع، مطالبين بحقوقهم المشروعة التي هي حقوق كل اللبنانيين ولن يتراجعوا حتى تحقيقها، وسيتخذ صدى اليوم في حراكهم كل الوسائل الديموقراطية والحضارية، وسينظمون حشداً شعبياً ضخماً في ساحتي رياض الصلح وساحة الشهداء طوال النهار رداً على «اهمال» الطبقة السياسية التي ردت على الحراك بحوار لن ينتج شيئاً وسبقته حرب بيانات وتسريبات عنيفة متبادلة بين 8 و14 آذار ونعيه قبل ان يبدأ، وهذا ما سيزيد من سقوف الحراك التي لن تتوقف وطالما الطبقة السياسية تسد «الاذان» عن اوجاع الناس فانها تكون تمهد الطريق لكتابة «نعيها» بيديها، عبر قانون انتخابات عصري على اساس النسبية سيولد من «رحم» الناس وعذاباتهم مهما كابرت هذه الطبقة السياسية.
اليوم، سيكون مفصلياً وهاماً، واذا استطاع «الحراك المدني» تأمين حشد شعبي يوازي تحرك 29 آب، فان لبنان سيكون امام بداية مرحلة جديدة في تاريخه، ستحدث تغييرات مهمة في مسيرة البلد السياسية. واللافت ان القوى العسكرية ستواكب الحراك المدني وطاولة الحوار باجراءات امنية استثنائية مع رفع الجهوزية العسكرية الى اقصى درجاتها، وسيبدأ الانتشار صباح اليوم حيث ستتحول العاصمة الى «ثكنة عسكرية» مع انتشار على الطرقات لتأمين وصول المتحاورين الى مجلس النواب،وكذلك حماية «الحراك المدني»، خصوصاً ان قائد الجيش العماد جان قهوجي اكد ان الجيش لن يتهاون في حماية الحراك المدني وحرية التعبير. واشار الى ان الشعب نزل الى الشارع ليقول انه موجوع.
كذلك قسمت العاصمة الى مناطق امنية، وستشارك شرطة مجلس النواب في الاجراءات وكذلك المخابرات وكل الاجهزة العسكرية، حيث تم استطلاع دقيق لمنطقة الاسواق وساحتي رياض الصلح والشهداء، وتفتيش للمنطقة ومراقبة المداخل مع وضع المزيد من كاميرات المراقبة.
جلسة الحوار ستبدأ عند الثانية عشرة ظهراً بكلمة للرئيس نبيه بري الذي اكد امس امام زواره ان الاستطلاعات اكدت ان 84% من اللبنانيين مع الحراك المدني، و78% مع الحوار، وبالتالي فان الناس يريدون الحوار. وجدد بري التأكيد على دعمه لمطالب الحراك المدني التي هي مطالب «حركة امل».
وعلم ان الرئيس بري سيتحدث ايضا بعد الجلسة عن خلاصة النقاشات وسيقرر ما اذا كان سيعقد جلسات صباحية ومسائية، وسيطرح الرئيس بري البند الاول للنقاش وهو رئاسة الجمهورية وعلى ضوء هذا النقاش يقرر ما اذا كان ينتقل الى ملف آخر او يعطي ملف الرئاسة المزيد من الوقت.
وقد سبق جلسة الحوار مواقف تصعيدية من المتحاورين «نعت» الحوار، قبل ان يبدأ، حتى ان مصادر في 8 اذار ومن المشاركين في طاولة الحوار اعتبروا بيان «كتلة المستقبل» البيان «رقم واحد» ومحاولة انقلابية على الوضع القائم.
وقد حمل بيان كتلة المستقبل هجوماً وتأكيداً ان المطلب الوحيد اليوم هو انتخاب رئيس للجمهورية الذي يؤدي حكما ودستورا الى حكومة جديدة والى قانون جديد للانتخابات. واشارت الى ان فك اسر الدولة ومؤسساتها لا يتم الا عبر انتخاب رئيس للجمهورية وهو الاساس والاكثر جدية وخطورة في هذه المرحلة.
ولفت الى ان «هؤلاء الذين يتحدثون عن اغتيال الدولة هم مرجع لثقافة الاغتيال والخروج عن القانون لمصلحة مشروع الدويلة المرتبط بدولة خارجية باجندة معروفة». مشيرا الى ان مشرع اعادة اعمار وسط المدينة هو مشروع وطني ورمز للصورة المشرقة للبنان».
ولفت الى ان «مرتبة حزب الله في الفساد تفوق كل حدود وفي كلام وزير الخارجية باسيل خلال تظاهرة التيار الوطني الحر تهديد خطير للسلم الاهلي وتحريض على الفتنة».
8 آذار
وفي المقابل عقد المستشارون لرؤساء الكتل المحسوبين على 8 آذار والمشاركين على طاولة الحوار اجتماعا لتنسيق المواقف خلال اللقاء والتأكيد على دعم العماد عون في موقفه الداعي لقانون انتخاب على اساس النسبية واجراء انتخابات نيابية ومجلس جديد ينتخب رئيسا للجمهورية.
وانتقدت هذه القوى بيان كتلة المستقبل ووصفته بانه بيان رقم واحد وانه محاولة انقلابية ضد شعبها ودولتها. اضافت ان هذا البيان الذي يعبر عن ازمة الكتلة والمستقبل معا يدعو بطريقة غير مباشرة: لا تأتوا الى الحوار لان لا فائدة منه، اذا لم يسر المتحاورون بما يريده تيار المستقبل من انتخاب رئيس جمهورية على شاكلته وفي الحد الادنى دون طعم او لون. ولاحظت المصادر ان احقاد السنيورة واضحة عليه في كل عبارة.
واكدت المصادر ان البيان موجه ضد الرئيس بري قبل اي طرف اخرلانه ينعي الحوار مسبقا، وبالتالي فهو تعبير عن محاولة مكشوفة وفاشلة لوضع بند واحد على طاولة الحوار وهو انتخاب رئيس للجمهورية في وقت وضع الرئيس بري جدول اعمال للحوار يتناول كل القضايا الخلافية والحيوية للبلاد.
وقالت المصادر ان البيان تعبير واضح عن انزعاج كتلة المستقبل من الدعوات والطروحات لاعتماد قانون انتخاب عصري على قاعدة النسبية لان من شأن هذا القانون ان يحد من استئثار هذه الكتلة ومن خلفها بالسلطة منذ العام 92. اضافت ان الفساد الحقيقي والموصوف هو الفساد الذي ادخل الى كل المؤسسات وعبر الحكومات التي تعاقبت، وخاصة حكومات فؤاد السنيورة، اي منذ العام 92 وحتى الان.
وفي هذه الاجواء فان الحوار، حسب مصادر متابعة، لن يُنتج شيئا وربما لن يستكمل وحتى لو بحثت بنوده السبعة فلن يوصل الى نتيجة في اي بند.
ـ الحراك المدني ـ
في المقابل، فان قوى المجتمع المدني ورغم تعدد مشاركيها لكنها متفقة على مسألة وحيدة عنوانها تأمين اكبر حشد شعبي في تظاهرة اليوم، وهي تراهن على ان الحشد سيكون موازياً لحراك 29 آب. وقد استنفرت قوى «الحراك المدني» في كل المناطق لحض المواطنين على النزول وبكثافة للرد على اعتداءات السلطة عليهم، وسيحاولون بشتى الوسائل ايصال «اصواتهم» وهتافاتهم الى المتحاورين. علماً ان التحركات ستبدأ في صباح اليوم وتستمر حتى الساعة السابعة والنصف مساء، والحشد الشعبي الكبير سيكون عند الساعة السادسة عصراً. وشكلت قوى الحراك المدني لجاناً للتنظيم والاعلام وضبط التحركات حيث يبقى عامل القلق الاساسي دخول عناصر على الخط ومحاولة اقتحام الاسلاك الشائكة، التي تفصل بين المتظاهرين والمتحاورين في المجلس النيابي، وعندها ستتخذ القوى الامنية اجراءات، وفي هذه الحالة لا احد يستطيع ضبط الامور، علماً ان القيادات الامنية اعطت قراراً واضحاً بمنع استخدام العنف او الرصاص المطاطي ضد المتظاهرين الا في الحالات القصوى واذا شعروا ان الامور «ستخرج» عن السيطرة.
الجمهورية :
العاصفة الرملية التي لفّت لبنان ساحلاً ووسطاً وجرداً والتي من المنتظر أن تنحسر غداً بعدما بلغَت ذروتَها أمس ما فرَض حالةَ استنفار وأوجبَ إقفال المؤسسات والإدارات العامة والمدارس ودور الحضانة نتيجة ارتفاع حالات الاختناق وضيق التنفّس وتسجيل حالتي وفاة، لن تتمكّن من حجبِ الضوء عن ساحة النجمة حيث ستنعقِد هيئة الحوار الوطني في غياب «القوات اللبنانية» ومشاركة حزب الكتائب، وذلك على صدى أصوات المتظاهرين التي ستَصدح في ساحة الشهداء على بُعد عشرات الأمتار من المجلس، وقد انضمّت هيئة التنسيق النقابية إليهم معلِنةً اليوم «يوم الحشد الكبير» داعيةً جميع اللبنانيين إلى المشاركة فيه. يُنتظَر أن يفتتح رئيس مجلس النواب نبيه بري جلسة الحوار في الثانية عشرة ظهراً بكلمة مقتضَبة ثمّ يدعو المتحاورين الى بدء النقاش في جدول الاعمال وعلى رأسه بند رئاسة الجمهورية.
لكن قبل انطلاق النقاش سيَطرح بري على المتحاورين ما إذا كانوا يرغبون في تسجيل المحاضر صوتياً، الى جانب التسجيل الخطي، مثلما حصلَ مع حوار 2006، على أن لا يُنشر أو يذاع أيّ محضر إلّا بموافقة الجميع. وقد يَقترح تعيين مقرّر يمكن أن يكلَّف إذاعة أيّ بيان يرتئي المتحاورون إصدارَه.
وفي الترتيبات ايضاً أنّ بري سيطرح على المتحاورين استمرار الحوار في جلسات يومية قبل الظهر وبعده وحتى ايّام الجمعة والسبت والأحد.
وسيَحضر الحوار حسب الأسماء التي تبَلّغها بري 16 مدعوّاً ويرافق كلّاً منهم شخص واحد، وتبيّن من الأسماء أنّ مِن بين المرافقين نوّاباً وغير نواب، بحيث يكون عدد الذين سيحضرون 32 شخصاً.
ومن بين الحضور: رئيس كتلة «التنمية والتحرير» نبيه بري ومعه أحد نواب كتلته يرجَّح ان يكون الوزير علي حسن خليل، رئيس الحكومة تمّام سلام ومعه الوزير رشيد درباس، رئيس كتلة «التضامن» الرئيس نجيب ميقاتي ومعه النائب أحمد كرامي، رئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة ومعه النائب عاطف مجدلاني،
رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ومعه الوزير جبران باسيل، نائب رئيس مجلس الوزراء السابق النائب ميشال المر ومعه النائب نائلة تويني، رئيس كتلة «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط ومعه النائب غازي العريضي، رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل ومعه النائب إيلي ماروني، رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد ومعه النائب علي فياض،
رئيس كتلة «لبنان الحر الموحّد» النائب سليمان فرنجية ومعه الوزير السابق يوسف سعادة، رئيس كتلة «نوّاب الأرمن» النائب أغوب بقرادونيان، رئيس كتلة «وحدة الجبل» النائب طلال أرسلان ومعه حسن حمادة، رئيس كتلة «نواب القرار الحر» الوزير ميشال فرعون ومعه أحد مستشاريه، رئيس الحزب السوري الاجتماعي النائب أسعد حردان ومعه الوزير السابق علي قانصو، وفي حال تعذّر حضوره ينوب عنه النائب مروان فارس. الوزير بطرس حرب ومعه النائب السابق جواد بولس.
برّي
وأكّد بري أمام زوّاره أمس أنّ البحث سيبدأ ببند رئاسة الجمهورية وسيُترك النقاش مفتوحاً فيه مهما طال الى ان يقرّر المتحاورون مصيرَه، فإذا حصل اتفاق يتمّ الشروع في تنفيذ ما اتّفِق عليه، وإذا لم يحصل يَنتقل البحث الى البنود الأُخرى في جدول الاعمال.
وكرّر بري القول «إنّ نسبة نجاح الحوار هي صفر أو مئة». وأشار الى أن لا رابطَ بين هذا الحوار والحوار الجاري بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» الذي يحقّق نتائج إيجابية على الصعيدين الامني والمذهبي، على رغم انّه لم يحقّق ايّ تقدّم في موضوع رئاسة الجمهورية، وهذا الحوار سيستمر جنباً الى جنب مع حوار ساحة النجمة.
وعلّقَ برّي على إحصاءٍ نُشر أمس وأظهرَ أنّ 80 في المئة من اللبنانيين يؤيّدون الحراك الشعبي، مقابل 70 في المئة منهم يؤيّدون الحوار الذي دعا إليه، فقال: «إنّ هذا الإحصاء يُظهر أنّ اللبنانيين يريدون الانفراج لبلدِهم ممّا يعاني منه من أزمات، سواءٌ تحقّق هذا الانفراج من خلال الحراك الشعبي أو من خلال الحوار، فكأنّ الحراك والحوار يكمّلان بعضَهما».
وكرّر بري تأييده الحراك الشعبي بغَضّ النظر عن تشكيكه بدوافع وانتماءات بعض الجهات المشاركة فيه لغايات معيّنة، مكرّراً أيضاً «أنّ حركة «أمل» كانت تحرّكَت مطلبياً في بداياتها لتحقيق مطالب هي أقلّ بكثير من المطالب التي يَرفعها الحراك اليوم».
وردّاً على سؤال، أكّد أنّه مستعدّ شخصياً لاستقبال أيّ وفد من الحراك لكن ليس على طاولة الحوار، مشيراً إلى أن ليس وارداً أن يستقبل المتحاورون وفداً من الحراك.
وأوضح أنّه تلقّى اتّصالاً من رئيس الحكومة تمّام سلام وشدّد خلال الحديث معه على ضرورة انعقاد مجلس الوزراء لمناقشة الملفّات المطروحة ومنها أزمة النفايات، مؤكّداً أنّ الحوار لا ينبغي أن يعطّل اجتماعات مجلس الوزراء.
سلام
وعبّرَت مصادر سلام لـ«الجمهورية» عن الأمل في ان تَفتح هيئة الحوار نقاشاً جدّياً حول ما يمكن القيام به للَبنَنة المخارج الممكنة والتي يُعتبر انتخاب الرئيس أقصرَ الطرق إليها في اعتبارها الخطوة الأقل عبَثاً بالدستور والقوانين، ليكتملَ بذلك عقد المؤسسات الدستورية وتنطلق ورشة العمل لإبعاد لبنان عن التردّدات السلبية المتمادية للأزمة السورية وحجم النزاع الذي تشهَده المنطقة.
«14 آذار»
وعشية الحوار، عَقدت قوى 14 آذار اجتماعاً لتنسيق الموقف. وقالت مصادر رفيعة المستوى في 14 آذار لـ«الجمهورية» إنّ الاجتماع الذي عَقدته مكوّناتها عشية الحوار يَرمي إلى توحيد القراءة والموقف السياسيَين. وكشفَت أنّ المجتمعين توافَقوا على اعتبار انتخاب المجلس النيابي الحالي رئيساً جديداً للجمهورية «يشَكّل المدخل الإلزامي لحلّ الأزمة الوطنية وإنقاذ الجمهورية وحماية الدستور».
ورأت «أنّ كلّ فلسفة التمديد الذي اعتبرَته كلّ القوى السياسية عملاً غير ديموقراطي، ارتكزَ على نقطة جوهرية وتتمثّل بالحفاظ على إطار شرعي ودستوري من أجل انبثاق السلطة من باب رئاسة الجمهورية»، وقالت «إنّ محاولة الخروج عن هذا الترتيب خطأ».
عون
وفي المواقف، أكّد رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون مشاركته في جلسة الحوار «الذي سيَبحث في كلّ المشكلات التي نعاني منها... فإمّا أن تكون لنا القدرة على حلّ كلّ المشكلات بشكلٍ عادل، وإمّا ستكون النتيجة فاشلة! وإنْ حصل هذا الفشل، فأخشى ان لا يعود امام الحكومة إلّا تغيير الشعب».
وقال عون: «نريد معالجة مواضيعنا ضمن الترتيب التالي: أن نعيد السلطة لمصدر السّلطة، أي للشّعب اللبناني، وأنا مستعدّ للسّير بأيّ خطّة، ولكنّنا في البداية نريد قانوناً انتخابياً يقوم على النسبية، وعندما نُقرّه تُجرى انتخابات نيابية، فيأتي مجلس نيابي يكون ممثّلاً للشعب اللبناني، ويصبح قادراً حينها على انتخاب رئيس للجمهورية. وبعدها نقوم بتشكيل حكومة وحدةٍ وطنية».
«الحزب»
من جهته، أعلنَ نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أنّ الحزب لا يذهب إلى الحوار «بطريقة بروتوكولية أو شكلية، وإنّما نذهب واقتناعُنا بأنّ بعض الأمور يمكن أن ننجزَها، يمكن أن ننجزَ دعمَ الجيش والقوى الأمنية، يمكن أن نفَعِّل عمل المجلس النيابي ، يمكن أن نعالج العقبات التي أعاقت عملَ الحكومة في المرحلة السابقة، كما يمكن أن نقَرِّب المسافات في مسألة رئاسة الجمهورية وأن نصلَ إلى خطوات حلٍّ في خضَمّ الآفاق المسدودة في منطقتنا. إذًا يمكننا أن نحقّق شيئًا، ولذا نحن نتعامل مع الحوار بطريقة إيجابية ونَعتبر أنّه بالإمكان أن تتحقّق بعض الإنجازات بشكل عام».
«المستقبل»
وأملت كتلة «المستقبل» في أن تكون جلسة الحوار «ممراً حقيقياً للتوجّه نحو الموضوع الأساس وهو الإتفاق على انتخاب رئيس الجمهورية مما يعيد الإنتظام العام للمؤسسات الدستورية، وذلك لكي لا تصبح جلسات الحوار هدراً للوقت وإشغالاً للبنانيين ولوسائل الإعلام دون طائل». وقالت: «عند الإتفاق على انتخاب رئيس الجمهورية يزول مفعول كثير من العقد وتنفتح معظم أبواب الإنفراجات أمام لبنان».
وهاجمت الكتلة «حزب الله» بعنف معتبرة «أن مرتبته في الفساد تفوق كل التصورات»، فيما يستعد تيار «المستقبل» لعقد الجولة الحوارية الرقم 18 معه مساء الثلثاء المقبل.
الاخبار :
توصّلت القوى السياسية قبل يومين إلى اتفاق على حلّ عقدة التعيينات الأمنية، عبر رفع عدد الألوية في الجيش إلى 12، ومن ضمنهم العميد شامل روكز. الاتفاق يعبّد الطريق في حوار اليوم أمام اتفاق على عمل الحكومة ومجلس النواب، فيما يصرّ الرئيس تمام سلام على حلّ أزمة النفايات، مهدداً بالانسحاب
تُعقد اليوم أولى جلسات الحوار بين «قادة الكتل النيابية» في المجلس النيابي، تلبية للدعوة التي أطلقها الرئيس نبيه برّي قبل عشرة أيام. وعلى الرغم من «انصياع» القوى السياسية للجلوس على طاولة واحدة، إلّا أن «كل فريق أتى إلى الحوار وفق أجندته» على ما تقول مصادر وزارية بارزة.
ويأتي اللقاء اليوم، كاجتماع أوّلي تمهيدي، على وقع التحركات في الشارع التي تفجّرت بعيد أزمة النفايات، إلّا أن مشاركة جميع الكتل النيابية حسمت ليل أمس، باستثناء حزب القوات اللبنانية، وسط انقسام واضح حول أولوية الحلول التي قد يجري التوّصل إليها، ولا سيّما بين تقديم الاتفاق على قانون انتخابي جديد ينتج منه مجلس نيابي فانتخابات رئاسية، وهو ما يصرّ عليه النائب ميشال عون وتنسجم معه قوى 8 آذار والرئيس بري، فيما يصرّ تيار المستقبل على مبدأ انتخاب الرئيس أوّلاً ثمّ البحث في النقاط الأخرى، وهو ما يشجّعه حزب الكتائب اللبنانية، وباقي قوى 14 آذار.
واستبقت «كتلة المستقبل النيابية» أمس، حوار اليوم بما حذّر منه برّي قبل يومين، حين قال إن الحوار لا يبدأ بـ «صباح الخير يا أقرع!»، إذ شنّت الكتلة في بيان تلاه النائب عمار حوري بعد اجتماعها الأسبوعي هجوماً عنيفاً على حزب الله، متهمةً إيّاه بأنه «رأس الفساد»، وبأنه «يحرّض على وسط بيروت، مشروع الرئيس الشهيد رفيق الحريري»، وفيما بدا تحريضاً مذهبياً واضحاً، ربطت «الكتلة» ما جرى في وسط المدينة منذ الثاني والعشرين من آب الماضي، بما سمته «تحريض حزب الله» وايعازه لمجموعات مقربة منه من «المندسين» للاعتداء بـ«حقد واضح على ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري وتمثال الرئيس الشهيد رياض الصلح»، كما وصف البيان الحزب بـ «مسيلمة»، في إشارة إلى «مسيلمة الكذاب»، الشخصية التاريخية في الإسلام.
الجميل يطرح «خريطة طريق» وقد ينسحب من جلسة الحوار للمزايدة على جعجع
وأشارت الكتلة إلى كلام الوزير جبران باسيل عن أن «من سيحرمنا حقوقنا سنحرمه وجوده»، مشيرةً إلى أن «الكلام تهديد خطير للسلم الاهلي، ودفع للّبنانيين نحو التورط في صراعات داخلية سبق أن خبروها ودفعوا ثمنها». وفي لهجة تهديد واضح، رأت الكتلة في مطالبة باسيل بالحقوق «تحريضاً على القتل والاغتيال وعلى الفتنة المكروهة والمرفوضة».
بيان المستقبل، يعكس بحسب مصادر بارزة في قوى 8 آذار «لمسات الرئيس فؤاد السنيورة»، الذي يشارك اليوم كرئيس لكتلة المستقبل في الحوار، وهو الذي «يحاول التشويش منذ اليوم الأول على الحوار». ولم يصدر أي ردّ من حزب الله على كلام المستقبل. وتشير المصادر إلى أن بري دعا رؤساء الأحزاب وقادة التيارات السياسية كالرئيس سعد الحريري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ورئيس القوات سمير جعجع عبر تحميل وفد من كتلته رسائل لهم، لا رؤساء الكتل، لذلك استخدم مصطلح «قادة الكتل».
وفيما أكّد النائب سامي الجميل مشاركة حزبه في الحوار لأننا «لن نفوت فرصة تحقيق خرق ما في موضوع الرئاسة»، متمنيّاً على بري أن «يحصر جدول الأعمال بملفّ انتخاب رئيس للجمهورية»، تردّد أن الجميّل قد ينسحب من الجلسة بعد حضوره، بهدف المزايدة «مسيحياً» على موقف جعجع. وتوقّعت مصادر مطلعة أن يطرح الجميل «خطته» لمعالجة النفايات، وفي حال رفضها، سينسحب. وقال الجميل أمس إنه سيقترح خريطة حل للازمة السياسية، تبدأ بانتخاب رئيس، ثم تأليف حكومة تكنوقراط ثم انتخابات نيابية.