لم يكن ينقص اللبنانيين سوى «أسوأ عاصفة رملية في تاريخ البلد» خنقت بغبارها أنفاسهم بعد أن أطبقت عليها رياح النفايات الملوّثة بأوبئة بيئية صحية متعاظمة مع قرب موسم الأمطار، وأخرى تعطيلية سياسية متفاقمة منذ انطلاق موسم القحط الرئاسي المستحكم بمختلف فصول العمل المؤسساتي في الدولة. وعشية انعقاد «حوار الإنقاذ» في المجلس النيابي غداً وفق جدول أعمال تتربع على قمّة أولوياته رئاسة الجمهورية الشاغرة، حرص مصدر رفيع في كتلة «المستقبل» على التذكير بهذه الأولوية الوطنية المطلقة، قائلاً لـ«المستقبل»: «أولوية التيار في الحوار انتخاب رئيس للجمهورية ونقطة على السطر».

وإذ شدد على كون «فترة الشغور أثبتت أنّ رئيس الجمهورية هو مفتاح كل شيء في الدولة وأنّ شغور موقعه عطّل كل شيء في الدولة»، أردف المصدر الرفيع في «المستقبل» مؤكداً أنّ «قوة الرئيس الناعمة أهم من أي أمر آخر في سبيل انتظام النظام، بدليل أنّ البلاد دخلت في مسار انحداري منذ الشغور الرئاسي»، وأضاف: «يجب أن يدرك الجميع ألا أولوية تسبق انتخاب الرئيس بما في ذلك عملية «التطريز» بما يلائم أشخاصاً معيّنين».

أما عن سائر بنود الحوار، فغنيّ عن البيان التأكيد على أنّ تلك التي تنص على استعادة عمل مجلسي النواب والوزراء وتعزيز الجيش والقوى الأمنية إنما هي تقع في صلب أولويات وجهود تيار «المستقبل» سواءً داخل الحوار أو خارجه، بينما كشف المصدر في ما يتعلق ببند ماهية قانون الانتخابات النيابية أنّ «التيار قطع شوطاً كبيراً في الموافقة على النسبية واتفق في هذا المجال مع حزبي «القوات اللبنانية» و«التقدمي الاشتراكي» على 68 مقعداً (أكثري) مقابل 60 (نسبي) وهي نسبة أعلى من تلك التي لحظتها لجنة فؤاد بطرس وكانت تنص على 40% نسبي فقط» من مجمل مقاعد مجلس النواب.

وفي ما خصّ قانون استعادة الجنسية، أكد المصدر أنّ «تيار المستقبل لا يمانع مطلقاً إقرار القانون بعد أن يُصار إلى درس جوانب معينة فيه بعناية، لأن ثمة مخاوف من أن يزيد هذا القانون الهوّة الديموغرافية في البلد على حساب المسيحيين»، مشدداً من هذا المنطلق على ضرورة درس الأمور بمنتهى الدقة «وإلا بدل ما نكحّلها منكون عميناها».

وعن قانون اللامركزية الإدارية، أجاب المصدر: «اللامركزية نصّ عليها الدستور وتيار «المستقبل» يؤيدها بكل تأكيد»، لافتاً الانتباه في هذا المجال إلى كون «التيار كان وراء فكرة إعادة ملف النفايات إلى البلديات انطلاقاً من إيمانه باللامركزية الإدارية».

النفايات

في مستجدات ملف أزمة النفايات، كشفت مصادر حكومية لـ«المستقبل» أنّ رئيس الحكومة تمام سلام يترقب اليوم «تسلّم الحصيلة النهائية للمشاورات السياسية التي أجراها رئيس اللجنة المعنيّة الوزير أكرم شهيب حول مضامين التقرير الذي أعدّته اللجنة وتصوّرات الحلول التي يتضمنها»، مؤكدةً أنّ سلام «سيقرر في ضوء الأجوبة التي سيحملها شهيّب إليه حول نتائج المشاورات ما إذا كان سيدعو مجلس الوزراء للانعقاد لبت ملف النفايات أم لا».

على صعيد آخر، أشارت المصادر الحكومية إلى أنّ سلام سيغادر إلى نيويورك في 24 أيلول الجاري في زيارة رسمية تستمر حتى الثلاثين منه، يلقي خلالها كلمة لبنان في الدورة العادية للجمعية العمومية للأمم المتحدة، ويرافقه في الزيارة وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل.

هولاند إلى لبنان: معاينة إنسانية ورئاسية

وأمس أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أنه سيزور لبنان بعد اجتماعات الجمعية العمومية في نيويورك والمؤتمر السنوي لمجموعة الدول الداعمة للبنان، وقال في مؤتمر صحافي: «سأذهب إلى لبنان لزيارة مخيم للاجئين لنتمكن تحديداً من مساعدتهم حتى يستطيعوا البقاء هناك بالقرب من المكان الذي كانوا يعيشون فيه قبل بضعة أشهر»، مشيراً إلى أنّ النزاع في سوريا تأتّت عنه «عواقب كبرى» على لبنان الذي يشهد «أزمة سياسية»، بحيث ذكّر الرئيس الفرنسي أنه حتى اليوم «لم يتم انتخاب رئيس للجمهورية والبرلمان يواجه صعوبات في عقد جلساته»، مضيفاً: «علينا أن نقف إلى جانب اللبنانيين» مع إشارته في هذا المجال إلى أنه سيعقد لقاءات سياسية مع المسؤولين اللبنانيين خلال الزيارة.