غدراه، بقضيب حديد ضرباه، وتحت الثياب خبآه، لينتقلا بعدها إلى محل والده ويكملا عملهما بشكل طبيعي وكأنهما لم يرتكبا جريمة، ولم ينهيا حياة شاب ومعها أمل والد كان ابنه روحه التي يحيا بها. عاملان سوريان في دائرة الاشتباه في مقتل محمد حميّة، بحسب ما أكده مصدر أمني لـ"النهار"، لكن العائلة متأكدة أن من أمّنت لهما وظيفة هما من طعناها بخنجر الخيانة وقتلا ابنها.
يوم الخميس الماضي كان يوماً مشؤوماً على عائلة حميّة، بدأ منذ الصباح حين فقد الاتصال مع محمد ليختتم بالصدمة الكبرى، عن ذلك يشرح خاله أحمد حلاق قائلاً: " عند الساعة السادسة من صباح ذلك اليوم، قام العمال بتفريغ بضاعة وصلت من الصين في المستودع الكائن في منطقة الطريق الجديدة، وعند الساعة الحادية والعشر ظهراً قصد محمد وعاملان سوريان أحدهما يدعى مصطفى يعمل معه منذ سنة والآخر باسل منذ ثمانية أشهر المستودع لجلب بضاعة إلى محل بيع الجملة الكائن في بناية شمس في منطقة الكولا، واختفى".
عاد باسل ومصطفى إلى المحل وأكملا عملهما مع حياد، والد محمد وكأن شيئاً لم يكن، وحين سألهما عن ابنه أجابا انه ذهب لتناول الفطور، ولفت حلاق ان " أحد العمال سارع الى تغيير القميص الذي يرتديه وكان هناك جرح في إصبعه والآخر كان يوجد آثار جروح على رقبته، عند الساعة السادسة أنهيا عملهما وغادرا، أقفلا هاتفهما وانقطعت أخبارهما... هربا".
اخفاء الجريمة بالثياب
لم ينتظر الوالد حتى يحل الظلام كي يتفقد فلذة كبده، بل بدأ بحثه عن وحيده الغالي بين شقيقتين، يده اليمنى في عمله ومحور حياته، بدأ البحث منذ بعد الظهر وأبلغ القوى الأمنية واتصل بالمستشفيات. وعند الساعة الخامسة مساء، "قصدت شقيقة محمد ومعها أحد العمال المستودع الكبير لكن لم تجده، كيف ذلك وقد نقله المجرمان الى المستودع الصغير الكائن في موقف سيارات المبنى، ووضعا فوقه اكوام من الثياب".
وأضاف: "عند الساعة الثامنة دخلت القوى الأمنية المستودع الكبير واكتشفت آثار دماء لا يمكننا نحن الناس العاديين الانتباه لها كما لاحظت ان المغسلة مكسورة، جلبت كلباً بوليسياً وتوصلت إلى اكتشاف الجثة عند الساعة الواحدة ليلاً لكنها لم تخبر والده حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي". واستطرد " بحسب الطبيب الشرعي حصلت الوفاة عند الساعة الواحدة والنصف ظهراً اي بعد حوالي ساعتين من الشجار، لذلك كان في الامكان انقاذ حياته لو اكتشف الأمر سريعاً ونقل الى المستشفى".
بضاعة لا أموال
لحظات كسنين مرّت على عائلة محمد ابن السادسة والعشرين عاماً، المعروف بأخلاقه النبيلة بحسب كل من عرفه، هو الذي كان قاب قوسين أو أدنى من الارتباط، لكن طُعن حلمه في لحظة غدر. ويشرح حلاق: "على ما يبدو ان محمد اكتشف سرقة العاملين بعض البضاعة فتشاجرا، وحصل ما لم يكن في الحسبان، كما هناك شكوك بوجود شخص ثالث متورط في الجريمة من خلال قيامه بمراقبة مدخل المبنى، اما الحديث عن ان محمد كان يحمل مبلغاً من المال كما يتداول بعض الناس وان السرقة هي السبب في قتله، فهو عارٍ عن الصحة".
على الرغم من توظيف حيّاد للعمال السوريين لم يطلب منهم اوراقاً ثبوتية ولا حتى هوية فلم يخطر بباله يوماً أن يطعنه من فتح ابواب رزقه لهم وأمنهم عليه، وقال حلاق: " يوجد صورة عن هوية باسل لدى الوالد لكن مصطفى لا نعرف عنه شيئاً حتى اسمه قد يكون مستعاراً".
وأضاف: "على وزارة العمل ألا تسمح بتوظيف أي عامل أجنبي قبل أن يتم تسجيله في الوزارة، كون مثل هذه الجرائم تقع بين الفينة والاخرى".
البحث مستمر
"التحقيق لا يزال مستمراً، والبحث عن العاملين السوريين كذلك، على أمل أنهما لا يزالان على الأراضي اللبنانية وألا يكونا غادرا إلى سوريا"، بحسب المصدر في قوى الأمن الداخلي، لكن حتى لو تم ايقافهما وشنقهما فإن ذلك لن يبرد قلب عائلة قتلت بأكملها لحظة معرفة خبر ما حلّ بحبيبها.