أن يتحول مجرى نهر الليطاني منذ سنين إلى مجرى للمياه السوداء التي تحوي المياه المبتذلة والصناعية وغيرها، فهي قضية تعادل في أهميتها أي قضية بيئية أخرى لا بل أهم من مشكلة النفايات المستحدثة مؤخراً في بيروت .

 

غابت أشجار الصفصاف والحور عن ضفتي الليطاني في البقاع منذ سنوات ، وتغيرت معالم ذلك النهر الذي كان يضفي على المنطقة ميزة جمالية طبيعية ، وأصبح غير مطابقٍ للمواصفات البيئية والصحية نتيجة الإهمال الرسمي ، وغياب الحل عن أجندة الحكومات المتعاقبة .

 

ينبع نهر الليطاني من سهل العلاق غربي مدينة بعلبك ويجري وسط القرى والبلدات ليتغذى من ينابيع عدة على طول 170 كلم ويصب في منطقة القاسمية جنوب لبنان ، وكان يعتبر من أهم الأنهر في لبنان، لكن الواقع اليوم يختلف تماماً عن قصص الجغرافيا ، فتحوّل المجرى إلى مجرور للصرف الصحي حاملاً معه الأمراض والتلوث التي يعجز أبناء البقاع عن دفع فاتورتها، إضافة إلى إنتزاع الحق في بيئة سليمة ومياه عذبة .

 

المشكلة بدأت عام 1986 عندما قامت وزارة الإسكان والتعاونيات بتنفيذ مشاريع مد خطوط أنابيب للمياه المبتذلة من القرى والبلدات شرقي وغربي النهر إلى مجرى النهر نفسه، بخلاف ما كان مخطط له وهو ربط الأنانبيب الفرعية بخط رئيسي يصل إلى بلدة الفرزل لإقامة محطة تكرير رئيسية .  

ومنذ ذلك الحين والدولة غائبة عن حل هذه الأزمة ، وتحولت المياه العذبة إلى مياه سوداء تحتوي على ملوثات ومعادن تتحرك ببطء مما يزيد أضرارها كونها تتسرب إلى باطن الأرض وإنبعاث الروائح الكريهة والسامة، ومياه الشفة التي لم تعد صالحة للشرب ، إضافة إلى قيام بعض المزارعين بمد شفاطات لري مزروعاتهم من هذه المياه .

 

عشرات نداءات الإستغاثة والإعتصامات التي قام بها أهالي المنطقة كان آخرها منذ أسبوع في حوش الرافقة، دون أن تلقى آذاناً صاغية من المسؤولين والوزارات المعنية، وفي هذا الإطار يؤكد أحد أبناء بلدة الحوش أن النهر لم يعد مقصداً للسياح منذ سنين، والمنازل المجاورة للمجرى لم تعد صالحة للسكن، مشيراً أن نسبة الأمراض المعوية والصدرية والسرطانية قد إزدادت في المنطقة بشكل ملحوظ نتيجة التلوث الحاصل، رافعاً الصوت ومطالباً الدولة والأجهزة المعنية بحل سريع لهذه القضية البيئية المهمة.

 

أزمة الليطاني وعشرات القضايا الأخرى بحاجة إلى حل حفاظ على حياة الناس، وعملاً بالقوانين الدولية والمرعية الإجراء يحق المواطنين العيش في بيئة نظيفة وسليمة.