من ساحة السرايا الحكومية في الاسابيع الاخيرة، الى ساحة النجمة هذا الاسبوع التي سيّجها الرئيس نبيه بري ببوابات حديد ظاهرها حماية المتحاورين الذين سيفدون الى المجلس الاربعاء المقبل للتحاور مجددا، وقد حاول رئيس المجلس استباق مشهد المتظاهرين الذين سيحاصرون محيط مجلس النواب صبحا ومساء بالقول: "إني على استعداد للنزول معهم وتأييد ما يطرحونه. ومنهم شريحة كبيرة من الشرفاء الذين يحملون مطالب محقة وأقدموا على ارتكاب أخطاء بريئة. أما بالنسبة الى الفئة الثانية فهي على علاقة بالاميركيين".
لكن الاستعداد للحوار لا يلغي التأزم المتراكم الذي يوحي بأن المواجهة باتت حتمية بين الشارع والممسكين بالسلطة في ظل تضاعف عدد الجهات المطالبة وتعدد المطالب وتنوع الشعارات واستفاقة نقابات وهيئات على مطالب قديمة ومزمنة، يقابلها استمرار العجز الحكومي عن توفير حل للمشكلات وآخرها النفايات التي تزيد حصارها للمواطنين، والامتناع عن تلبية مطالب أخرى في مقدمها سلسلة الرتب والرواتب.
وتبدو الدولة بمجلسيها كأنها لم تقرأ المشهد المتحول، وهي تتعامل مع متغيرات 2015 بعقلية الـ 2006، وخصوصا بالحوار الذي انطلق قبل عشر سنين ولم ينفذ شيء مما اتفق عليه في جولاته المتعددة، وقد وصفه رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع بـأنه "مضيعة للوقت"، معتبراً ان الخطوة الاولى والوحيدة التي تخرجنا من الوضع الحالي تكمن في انتخاب رئيس للجمهورية". وأبدى استعداده "لإعادة النظر في موقفه (مقاطعة الحوار) شرط ان ينحصر جدول أعمال الجلسة بانتخاب رئيس وإذا شارك "حزب الله" في جلسات انتخاب الرئيس".
وسرعان ما رد الرئيس بري بقوله انه "سيتم التركيز على بند الاستحقاق الرئاسي، واذا لم ننجزه سننتقل الى بند آخر. وعند الاتفاق على بند ما ننتقل الى القاعة العامة بغية اقراره بعد دعوة الهيئة العامة. وقد نتفق على قانون الانتخاب ونحقق اختراقاً، الامر الذي يساعد في اشياء كثيرة ونتجه الى الانتخابات النيابية، وننتخب بعدها الرئيس المقبل، وفي هذه الحال لا يكون للخارج أي تأثير".
وعلمت "النهار" ان حركة اتصالات مسيحية تركزت على ضرورة جعل انتخاب الرئيس بنداً أول لا يمرر بسهولة ثم يجري الانتقال الى ما بعده. ونوقشت أفكار تقضي بانسحاب أطراف مسيحيين من الحوار إذا ما طرحت اقتراحات لتقديم الانتخابات النيابية على الرئاسية، وهو ما قد يؤدي الى فرط عقده بعد جلستين او ثلاث، إذ نقل عن بري قوله بتوقف الجلسات اذا ما انسحب مكون آخر بعد حزب "القوات".
وصرح وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ"النهار" إن الحوار الذي دعا اليه رئيس مجلس النواب الاربعاء "مهم سياسيا شرط ألا يكون الدخول اليه ملوثا بهواء النفايات والغرض".
مجلس الوزراء
وفي ظل غياب مجلس الوزراء عن الانعقاد لاختلاف على آلية عمله، ولغياب الحل المتوافق عليه في ملف النفايات، أبلغت مصادر وزارية "النهار" أن وزير الزراعة أكرم شهيّب أنجز تقريره المتعلّق بالنفايات والذي يتضمن خطة تتناول خطوات آنية وبعيدة المدى وجاءت ثمرة لقاءات مع الجمعيات البيئية والخبراء وتوّجها بجولة على المرجعيات السياسية التي يجب أن تعطي رئيس مجلس الوزراء الضوء الاخضر كي يضع الخطة موضع التنفيذ عبر مجلس الوزراء في جلسة استثنائية يعقدها لهذه الغاية. وفي مضمون الخطة إنشاء أكثر من مطمر موزع على المناطق انطلاقا من مبدأ عدم تحميل منطقة واحدة أعباء كل المناطق. واعتبرت أن حصول شهيّب على الموافقة السياسية على الخطة عموما وعلى المطامر خصوصا من شأنه ضمان الانطلاق فورا الى الحل المرحلي الذي يكتمل بإقرار دفتر الشروط الموجود لدى مجلس الانماء والاعمار.
وتوقعت مصادر متابعة ان يصار الى اعادة فتح مطمر الناعمة اضافة الى مكب سرار في عكار ومطمرين اضافيين بحيث توزع النفايات على مناطق عدة.
وفي تصريح لـ"النهار" طلب وزير العمل سجعان قزي من الرئيس سلام "أن يدعو مجلس الوزراء الى الانعقاد فورا لحسم ملف النفايات، إذ لا يجوز أن نرهن أمن البلد بالنفايات وكأننا نتلكأ في معالجة هذا الملف كي تستمر التظاهرات". وأضاف: "لا يجوز ايضا أن نرهن عمل الحكومة بالحوار النيابي مما يضرب فصل السلطات". وأوضح أن الرئيس سلام "ليس مؤتمنا على صلاحيات رئيس الحكومة فحسب بل هو مؤتمن أيضا على صلاحيات رئيس الجمهورية التي شاركنا في الحكومة على أساس ممارستها".
صحياً، لا يشير نظام الترصد الوبائي في وزارة الصحة الى ارتفاع ملحوظ في الأمراض المنقولة بواسطة الحشرات والقوارض وتلوث الأيدي، لكن ذلك لم يمنع الوزارة في تقرير اعدته ورفعته الى المعنيين من ان تحذر من مغبة استمرار هذا الوضع ووجوب معالجته بالسرعة الممكنة، خصوصا أنه تبين للهندسة الصحية وأطباء الأقضية أن "النفايات موجودة في الطرق عشوائيا، بما يؤدي الى تبعثر الفضلات واجتذاب الحشرات والقوارض وارتشاح الفضلات السائلة الى جوف الأرض وانبعاث غازات خطرة على الإنسان". ص 9
الحراك المدني
وتعقد المجموعات الشبابية وهيئات المجتمع المدني اجتماعا موسعا بدعوة من هيئة التنسيق النقابية مساء اليوم لوضع اللمسات الاخيرة على التحرك الذي تم الاتفاق عليه بعد غد الاربعاء والذي من المتوقع ان يكون حاشدا. وتعلن مجموعات الرفض تباعا ابتداء من اليوم عن مشاركتها في تظاهرة الاربعاء وتدعو الناس الى المشاركة فيها بكثافة.
وقد وصف الرئيس تمام سلام الحراك الشعبي بأنه "تعبير مشروع عن غضب اللبنانيين من جراء تدهور أوضاعهم المعيشية"، لكنه نبّه الى ان "هناك من يحاول استثمار هذا الغضب الشعبي لنشر الفوضى في البلاد".