"لم تسجل أي إصابة جديدة بفيروس شلل الأطفال منذ كانون الثاني 2014 في سوريا، ومنذ نيسان 2014 في العراق"، وفق مسؤولة قسم الصحة والتغذية في منظمة الـ "يونيسف" في لبنان هنرييت كارينا ماك كيب. وعلى الرغم من ظهور بعض حالات الإصابة بالفيروس، سابقا، في العراق وسوريا، ظل لبنان بمنأى عن الفيروس بفضل حملات التوعية والتلقيح، التي قامت بها وزارة الصحة العامة بالتعاون مع المنظمات الدولية لمواجهة خطر شلل الأطفال.
تقول ماك كيب لـ "السفير"، خلال الندوة الإعلامية التي نظمتها شركة "سانوفي باستور" أمس لمناسبة مرور ثلاثين عاما على إطلاق برنامج "Polio Plus" في لبنان، انه "تم تطعيم 670 ألف طفل ضد شلل الأطفال تحت عمر الخامسة، مرة واحدة على الأقل، بين عامي 2013 و2015، ويُعتبر هذا العدد كبيرا". وجرى ارسال ملايين الرسائل الهاتفية لزيادة توعية الأفراد في المجتمع اللبناني، في شأن خطر شلل الأطفال، بالإضافة إلى تزويد وزارة الصحة ببرادات خاصة لحفظ اللقاحات بـ"فعالية"، فنجحت وزارة الصحة والمنظمات المعنية، وفق ماك كيب، بدرء خطر الفيروس عن لبنان.
وعلى الرغم من توقف حملات التلقيح الوطنية في لبنان ضد شلل الأطفال، تؤكد ماك على كيب ضرورة تلقيح الأطفال ضد شلل الأطفال، ضمن الرزمانة الوطنية للتلقيح، التي توجب تلقيح الأطفال وفق 7 جرعات ( 6 جرعات من اللقاح الفموي OPV) ، وجرعة من اللقاح عبر الحقن (IPV) لتوفير الحماية للأطفال.
"لا يحتاج فيروس شلل الأطفال إلى فيزا لدخول لبنان، إذ ما زال مستوطنا في باكستان، وأفغانستان، ويهدد اليمن بسبب النزاعات وتدمير البنى التحتية"، تضيف ماك كيب. ويُعدّ مرض شلل الأطفال، وفق منظمة الصحة العالمية، مرضا فيروسيا شديد العدوى. ينتقل الفيروس، بشكل أساسي، عبر طريق الفموي الشرجي ( Fecal oral). ومن الممكن أن ينتقل، وفق مركز مكافحة الأمراض واتقائها (CDC)، عبر افرازات الفم والأنف. يدخل الفيروس جسم الإنسان عبر الفم ويتكاثر في الأمعاء ثم يغزو الجهاز العصبي. ترتكز الأعراض الأولية على الحمى والتعب والصداع والتقيؤ وتصلب الرقبة، والشعور بألم في الأطراف.
ومن الممكن أن يلتقط الطفل الفيروس من دون أن يصاب بالشلل، إذ تؤدي حالة واحدة من أصل مئتي حالة عدوى بالمرض إلى شلل عضال لا شفاء منه. وتلاقي نسبة خمسة إلى عشرة في المئة من المصابين حتفهم بسبب توقف عضلات الجهاز التنفسي.
انخفاض في الإصابات
منذ العام 1988، انخفض عدد الإصابات بالفيروس من 350 الف حالة في 125 بلداً إلى 416 حالة في ثلاثة بلدان (أفغانستان، نيجيريا، باكستان) في العام 2013، أي بنسبة 99 في المئة، بفضل المبادرات الدولية واستراتيجيات التلقيح.
يوجد نوعان من اللقاح ضدّ شلل الأطفال: اكتشف العالم الأميركي جوناس سالك اللقاح الأول في العام 1952، وأعلن عنه في العام 1955. يرتكز اللقاح على اعطاء فيروس ميت بواسطة الحقن العضلي (IPV). ثم طوّر الباحث الأميركي البرت سابين لقاح شلل الأطفال الفموي (OPV) المرتكز على فيروس مخفف موهن يحث جهاز المناعة على مواجهة الفيروس البري، وتم اعتماده في العام 1962.
يحمي اللقاح الفموي المجتمع، بينما يحمي اللقاح الحقن العضلي الفرد. يقول المدير التنفيذي في شركة "سانوفي باستور"، أوليفيه شارميل، ان "اعتماد اللقاح الحقن العضلي في 126 بلداً يشكل خطوة أساسية لإمكانية استئصال الفيروس بحلول العام 2018".
أما رئيس "المنتخب لأندية الروتاري العالمية"، جون جيرم، فيوضح لـ"السفير" أن "فيروس شلل الأطفال هو الفيروس الثاني الذي يجب العمل على استئصاله عالميا، بعد النجاح في استئصال فيروس الجدري (small pox)". يعتبر استئصال الفيروس هدية للعالم، وترتكز خطوات العمل، وفق جيرم، على التركيز على البلدان التي يستوطن فيها المرض مثل أفغانستان، وباكستان، والتأكد من خلو بعض البلدان مثل الهند ونيجيريا من الفيروس، واعتماد لقاح الحقن العضلي ضمن روتين التلقيح في بعض البلدان مثل نيجيريا، وباكستان، وأفغانستان، والهند. تقدر التكلفة المادية للتلقيح بين الأعوام الخمسة (2013-2018) في هذه البلدان الأربعة بـ5.5 مليار دولار.
يقول جيرم إن "عدم تسجيل إصابات جديدة بشلل الأطفال في سوريا والعراق، لا يعني أن الخطر قد زال، إذ يمكن للفيروس أن يظهر في أي دولة في العالم، حتى استئصاله". ولا تعلن "منظمة الصحة العالمية" بلداً خاليا من فيروس شلل الأطفال، إلا بعد مرور ثلاثة أعوام على تسجيل الإصابة الأخيرة، وبعد اجراء الفحوص اللازمة وتحليل النتائج. ينوّه جيرم بالجهود التي بذلتها وزارة الصحة بالتعاون مع المنظمات الدولية لحماية أطفال لبنان من خطر الفيروس.
(السفير)